انطوت صفحة أخرى جديدة من صفحات دفتر استقلال السودان، وبلغت الصفحات المطوية ما يقارب (67) صفحة، وهي صفحات فارغة لا تحمل جديداً، ومازلنا نعيش في نفس تلك الأوهام التي خدعنا بها أنفسنا، وللاسف الشديد صدقنا أنفسنا، وتمر السنوات دون جديد يذكر .
نكرر ذات العبارات المحفوظة، ونتناقلها من جيل إلى جيل، وأصبحت حقيقة مسلمة عندنا، ولكن واقع الحال يقول لنا إننا نكذب على أنفسنا؛ لكي نتجمل فقط.
ذات العبارات من شاكلة: السودان يمتلك أكبر الموارد الزراعية من الأرض والماء والمناخ، نعم هذه حقيق، ولكننا نتسول غذاءنا من دول العالم!!
نقول في أنفسنا إننا شعب متفرد في أخلاقه وشهامته، والقاصي والداني يستجير بالفرد السوداني، ولكن واقع الحال يقول إن نفس السوداني الذي يستجير به غير السوداني، يمكنه أن يحرق ويقتل وينهب سوقاً، بأكمله من أجل شاحن هاتف جوال !!!
نخدع أنفسنا ونقول إن قوتنا في تنوعنا، واختلاف قبائلنا وسحناتنا وألواننا ولهجاتنا، وواقع الحال يقول إننا لا نقبل بعضنا بعضاً، ومازلنا نعيش في بداوتنا الأولى، نقتل من أجل القبيل، ونحرق من أجل الجهوية. ولا نريد أن نعترف أن هناك بوناً شاسعاً بيننا وبين أن نكون أمة واحدة!!
بعضنا يريدها دولة عربية، وبعضنا يريدها أفريقية، وفشلنا في الاثنتين، وفشلنا حتى في تكوين هويتنا الخاصة، وأصبحنا شعباً، لا طعم له ولا رائحة.
خدعنا أنفسنا أننا اول من أسس بطولة كأس الأمم الأفريقية، وفشلت انديتنا وفريقنا القومي في إثبات وجوده بين الدول الأفريقي، وانديتنا وفريقنا القومي لا يفارقان ذيل القائمة في أي بطولة أفريقية !!
سأتوقف عند هذا الحد حتى لا أقلب عليكم المواجع، رغم ان المواجع والفواجع كبيرة وكثيرة، بحجم دفتر استقلال السودان.
دعونا نسأل أنفسنا بكل شجاعة وشفافية: هل نحن بالفعل نمتلك مقومات دولة حديثة يمكن أن ينعم شعبها بالحرية والسلام والعدالة والعيش الكريم، وأهم هذه المقومات هو الشعب الذي يؤمن إيماناً قاطعاً بتلك المبادىء، وهل لدينا من القادة من في إمكانهم أن يقودوا هذا الوطن وشعبه لتحقيق تلك المبادىء . وعندما أقول القادة أعنيهم جميعاً، بلا استثناء.
للأسف الشديد.. حزين عندما أقول إن هذه المقومات التي ذكرتها معدومة تماماً.
وإذاً، أين الحلُّ في ظلِّ هذا الوضع المعقد؟
في رأيي الشخصي، وبدون انفعال، أو غضب، أو تشنج، علينا إعادة النظر في خارطة السودان الجغرافية.
نحن نحتاج إلى إعادة تكوين للدولة السودانية، ليس عيبا أن يعاد تقسيم السودان مرة أخرى، إنما العيب هو أن نستمر في هذا الوضع المعوج إلى ما لا نهاية، وبدون أي ضوء في آخر النفق.
أما دول مستقلة تماماً، أو اتحاد كونفيدرالي حقيقي بين أقاليم مستقلة تماماً.
هذا رأيي … ادركوا ما تبقى من هذا الوطن قبل أن يضيع كل الوطن.
وكان الله في عوننا
رمزي المصري