راهن عدد من الخبراء الإقتصاديون على فشل موازنة العام الجاري 2023 م المعتمدة على تقديرات إيرادات الضرائب والرسوم الحكومية الباهظة التي فرضها وزير المالية على الخدمات التي تقدمها الدولة.
ووصف الخبير الاقتصادي، محمد شيخون، في حديث تلفزيوني مشكلة السودان الاقتصادية بالمزمنة عازيا ذلك بسبب غياب البرنامج والإرادة الوطنية، وارتباطنا وخضوعنا الكبير للإملاءات الخارجية، مشيراً إلى أن هنالك تدخلات خارجية في إعداد الميزانية وكان موفدي البنك الدولي متواجدين داخل وزارة المالية، ويشرفون على ذلك حتى انقلاب 25 أكتوبر،
وأشار في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة (النيل الأزرق) أن البنك الدولي يطلب من كل الدول روشتة ثابتة متمثلة في (6) مطالب هي (انفتاح، وتحرير، الخصخصة على نطاق واسع، الحماية، رفع الدعم ، تحييد الدولة).
وقال إن موازنة 2023 إذا تمت إجازتها ستكون غير شرعية لغياب المجلس التشريعي الذي يمثل الشعب، وتوقع أن يكون بها فجوة كبيرة بين الاستيراد والتصدير.
وقال شيخون إن العون والدعم الخارجي مجمد الآن، وإذا وصل سيكون له شروط يجب علينا تطبيقها، مبيناً أن الزيادات الكبيرة في الرسوم والضرائب ستجمد الإنتاج في البلاد نهائياً والحكومة الحالية ووزارة المالية لا يستطيعون معرفة الحجم الحقيقي للكتلة النقدية في البلاد، مشيراً إلى أن هذه الزيادات الكبيرة التي يدفعها المواطن ستذهب للصرف على حركات “أطراف سلام جوبا” وصرف من لا يخشى الفقر على الجهات العليا بالدولة، مشيراً إلى عدم إستقلال القرار الاقتصادي في السودان.
ومن جهته أشار البروفيسور عصام الزين الخبير الاقتصادي إلى أن الموازنة في الأساس هي من أجل المواطن ويشارك فيها عبر المجلس التشريعي، وإذا لم يكن هنالك مجلس تشريعي تصبح الموازنة عبارة عن قانون ولا يحق لأي سلطة مهما كانت أن تفرض ضريبة أو غيره دون الرجوع للمواطن، موضحاً أن البلاد تشهد الآن فراغا سياسيا أثر سلبياً على الموازنة،
وقال الزين في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة (النيل الأزرق) إن الاعتماد الآن في الاستدانة من الجهاز المصرفي لدعم الموازنة، يعني طباعة مزيد من العملة لتغطية المرتبات بسبب عدم وجود إيرادات حقيقية و هذا يعني زيادة في مدلات التضخم.
وعاب الزين الزيادة التي أقدمت عليها وزير المالية الاسبق في حكومة د. عبد الله حمدوك الاولي والتي كانت بنسبة 539% على المرتبات فقد كانت من أكبر الأخطاء وجرجرت وراءها مشاكل كبيرة جداً وكانت خدعة صاحبها ارتفاع جنوني في الأسعار.
وحول تعويم العملة قال الزين يجب ان لا يتم إلا عبر شروط أهمها وجود 10% احتياطي من الناتج المحلي الإجمالي ووفرة في العملة الصعبة ما يكفي للاستيراد لمدة 3 شهور، وكل هذا لم يكن موجود في وقتها موضحاً أن هذا الأمر أدخل البلاد في دوامة اقتصادية صعبة جداً.
وشكك البروفيسر عصام الزين في صمود الموازنة الجديدة للعام 2023 لأنها اعتمدت على الاستدانة من الجهاز المصرفي وسيكون فيها انبهال للتضخم وضغوطا كبيرة على المواطنين.
موضحاً أنه لم يحدث أي استقرار في سعر الصرف، إنما هو خروج معظم الشعب من القوة الشرائية وإحجام المستوردين وحدوث ركود أدى إلى توقف سعر الصرف في مكانه الحالي.
وأكد الزين أن طباعة العملة بدون تغطية من الذهب او الدولار في البنك المركزي هي السبب الرئيس لارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار.
وقال الزين ان السودان ما زال يصدر موارده خام ولا يستفيد من القيمة المضافة، وهو بذلك ما زال مستعمراً اقتصادياً ، والميزانيات ليست عبر رؤية وطنية واضحة، بالإضافة إلى أن السودان من ضمن العشرة دول الأوائل للفساد وعدم الشفافية، مطالباً بضرورة العمل من أجل الوطن والتوقف عن تطبيق السياسات الفاشلة كل عام، مبيناً أن الاستقرار السياسي سيكون له أثر كبير في تحسن الاقتصاد.