“الخرطوم” يا ويح قلبي عليك ويا نزف دمي حسرة عليك… يا مدينة اللاءات الثلاث.. ومنبع السلام والصمود… يا مجد أجدادي وعبد الفضيل الماظ… يا فاتنة النيل.. ويا قلب أفريقيا وشريانها النابض.. ويا روعة المآل والجمال…
ويا عروس توتي بقدك المياس وزهرة المدائن بأمدرمان الفن والحضارة وكل جميل مستطاب… وبحري مهد الصناعة وقبلة السكة الحديد إلى شمالنا الحبيب الرطيب..
ياويح قلبي عليك من دمار وخراب حربٍ عبثية لا ذنب لك فيها انتهكت أنوثتك الأصيلة ولوثت عرضك المصون…
يا ويح قلبي عليك من زخ الرصاص وأزيز طيران حطم وجهك المليح المزيون…
يا ويح قلبي عليك من مدافع وإركازات جند الدعم السريع الهمجية التي تروّع الأطفال والنساء والعجائز وقليلي الحيلة والمراد….
يا ويح قلبي عليك من حرب حولتك من مدينة السلام إلى مدينة الأموات والتشرد والنزوح والأشباح….
وا أسفاي ظلموك وأنتِ منبت الرجال والفرسان والأبطال..
ذبحوا فيك الشهامة والرجالة والأصالة والوقار وتاريخك المضمخ بالشجاعة ودحر الاستعمار ..
انقسموا في مصيبة حربهم عليك إلى أطراف .. طرف ينادي مدد.. مدد بالسلاح والجند والحل عندهم بالبل…
وطرف يئن من وجع الحرب وصراخ الأطفال وشكوى النساء وجوع وعطش الأرض وجوف الناس وينادي بألم وحسرة وقلب منكسر لا للحرب لا للحرب..
وانعدم بين الأطراف المتصارعة في ساحتك المسامح والصليح والحكيم كأمثال فرح ود تكتوك..
طرف منهم لم ينتصر ولم ينهزم كما يعتقد ولكنه يواصل الحرب بلا هوادة والحل عنده في البل…
وطرف عنيد ومكابر بحجباته المهترئة وجهله المريب وشياطينه الهمج يضرب ببطش وجبروت كل من يقف في وجهه… بنياناً أو إنساناً وكل شيء بلا رحمة..
وماذا بعد…
حرب بلا توقف لا منتصر فيها والمنهزم هو المواطن الضعيف الذي لا حول ولا قوة له…
والمنهزم فيها أولاً وأخيراً هو الوطن…
وعلى كلٍ فسيسجل التاريخ الخزي والعار لمن تسبب فيها ودعمها وأشعل شرارتها ويوهم الناس بغير ذلك وهم يعلمون والله يعلم… وهو يمهل ولا يهمل…
……………..
عزالدين الجعلي…