حول بيان الخارجية ووزارة الخزانة الامريكية والعقوبات التي طالت هذه المرة الامين العام للحركة الاسلامية السودانية واتهامه بتقويض الامن والاستقرار في السودان وبالنظر الي عملية الاستهلال وحيثيات العقوبات الامريكية حول الانتهاكات الجسيمة التي ترتبت علي الحرب السودانية يتضح وبكل وضوح ان العقوبات المشار اليها قد وضعت النقاط علي الحروف هذه المرة حول الجهة المتورطة في اشعال الحرب السودانية وتمت الاشارة لمن وصفتهم السلطات الامريكية :
” باسلاميون ومسؤولون من النظام السابق لتواطؤهم في تقويض عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد”
” ووصف بيان صادر عن الخارجية الامريكية الحركة الإسلامية السودانية، بالجماعة الإسلامية المتشددة “
كما يتلاحظ ايضا ان الولايات المتحدة قد حصرت الاتهامات المصحوبة بالعقوبات الموجهة لقوات الدعم السريع بعملية الافراط في استخدام القوة ضد المدنيين في اقليم دارفور دون الخرطوم حيث تخوض القوة الضاربة لقوات الدعم السريع معارك ضارية علي مساحات واسعة من العاصمة السودانية واطرافها وضواحيها مع فلول النظام السابق وميليشيات الاسلاميين المتورطة في انتهاكات خطيرة وعمليات قمع وحرق وهدم مصحوب بهجمات جوية مدمرة تستهدف اهداف مدنية تستخدم فيها تكنولوجيا الطائرات المسيرة الغالية الثمن .
اما علي صعيد ردود الفعل المتوقعة علي عملية التصعيد والعقوبات الامريكية من الحركة الاسلامية والمجموعة العسكرية البرهان ومن معه فيبدو انه ليس امامهم خيار اخر غير التصعيد واللجوء الي الابتزاز المنهجي المعتاد و ردود الفعل الانتحارية واتخاذ المتبقين علي قيد الحياة من السودانيين داخل البلاد رهائن ودروع بشرية في مواجهة الواقع الجديد المترتب علي العقوبات والاتهامات الامريكية التي ستشكل قاعدة لعقوبات دولية اخري حول جرائم وانتهاكات الحرب السودانية .
قوات الدعم السريع ليس امامها غير قبول التعاون مع اي تحقيقات قانونية من المجتمع الدولي والمساهمة في حماية المدنيين في دارفور واعادة ترتيب اولوياتها والتخلي عن غرور القوة وضبط خطابها السياسي والاعلامي فيما يتعلق بمستقبل الحكم في الدولة السودانية والابتعاد عن ترديد الشعارات التي اثبتت فشلها علي ارض الواقع وتجنب الاحكام والانطباعات الشخصية حول مستقبل الحكم في السودان خاصة وان العقوبات الامريكية الاخيرة قد اثبتت بالدليل المادي القاطع عدم تورط قوات الدعم السريع في اشعال الحرب الراهنة في البلاد وهناك الكثير من الادلة وقرائن الاحوال التي تشير الي تورط المافيات الاخوانية في الفبركة واتهام قوات الدعم السريع بعمليات النهب والاغتصاب في الخرطوم وسيكون الامر بكل تاكيد مطروح في اي تحقيقات قانونية مستقبلية حول جرائم الحرب السودانية التي يبدو ان المجتمع الدولي ومنظمة الامم المتحدة يتفقون مع وجهات النظر والاتهامات الامريكية في هذا الصدد .
ومع كل ذلك فسيكون الاعتماد علي العقوبات الامريكية الاخيرة في وقف الحرب بعد اتهام الاسلاميين بصورة مباشرة بالتورط في جرائم الحرب وتقويض الامن والاستقرار في السودان خطأ فادح لان الولايات المتحدة لاتملك القدرة علي وقف الحرب بدون دعم الشعب السوداني ووجود ادارة وطنية سودانية بديلة تعمل علي سد الفراغ الامني والسياسي والقانوني في البلاد وتقود خطوات الشرعية الدولية في هذا الصدد من اجل فرض الحماية الفورية للمدنيين في كل انحاء السودان ووقف الحرب بكل الوسائل الممكنة والتصدي لردود الفعل الانتحارية والاجراءات الاستثنائية المتوقع ان تقوم سلطة الامر الواقع وادارة الظل الاخوانية التي تدير البلاد بوضعها موضع التنفيذ خلال الايام وربما الساعات القادمة في محاولة منهم لمنع اي مضاعفات محتملة لعملية العقوبات الامريكية التي وجهت اصابع الاتهام للمتورط الفعلي في الحرب السودانية وحسمت الجدل الدائر في هذا الصدد وابطلت اتهامات البرهان والمجموعة العسكرية واعوانهم الاسلامية ومزاعمهم حول تورط قوات الدعم السريع في اشعال الحرب .
تحركات السلطة الانتقالية السابقة خارج البلاد حول تطورات الحرب السودانية لاغبار عليها اذا تمت بطريقة شخصية من رموز تلك الفترة وعلي العكس يجب ان يستمروا في استخدام حق المواطنة في التدخل بشخصياتهم الاعتبارية من اجل المساهمة في فرض الحماية الدولية للمدنيين في السودان باعتبار هذا الامر اولوية قصوي وباعتبار ان عملية انقاذ البلاد اصبحت تتطلب صيغة لادارة سودان مابعد الحرب بطريقة مختلفة عن كل التجارب والمشاريع السياسية السابقة في سودان ماقبل الحرب ومراعاة ان واقع السودان اليوم امر اخر ومختلف في كل التفاصيل .