يصف كل من عبد الفتاح البرهان وحميدتي، الحرب التي يقودان طرفيها منذ أكثر من خمسة اشهر بأنها عبثية، ولكن الاستخبارات العسكرية تخطفك وتعتقلك إذا قلت إنها حرب عبثية أو قلت “لا للحرب”، والبرهان وحميدتي، كانا شريكين في سرقة ثورة ديسمبر، ثم اختلف اللصان، وها نحن نشهد اليوم عبثهما بالأرواح والممتلكات، دون ان يلوح بصيص ضوء في آخر النفق الذي حشرا فيه البلاد والعباد
والدليل القاطع على أنها حرب قذرة هي انها تكاد تكون الحرب الوحيدة في التاريخ المعاصر التي لا تحظى بتغطية من قناة تلفزيونية اجنبية، بعد أن ثبت أن كل الناس أهداف للنيران، وحتى مراسلو قناتين او ثلاثة عربية موجودون في العاصمة، أعقل من ان يقتربوا من خطوط النار، وهي أصلا خطوط متحركة تتبدل بسرعة، ولعل احط درجات القذارة ان يقوم جندي بذبح اسير بالسكين كما وأنه خروف، ويحرص على تصوير المشهد وكأنه يفاخر بما قام به، ثم يتم رمي بضعة اسرى في حفرة واطلاق النار عليهم، وهناك مشاهد إذلال الأسرى بالكلمة والركل والصفع، بلا أدنى اعتبار للمواثيق الدولية التي تحدد كيفية التعامل مع الأسرى والجرحى والمدنيين، وتعتبر أي خروقات في هذه المجالات جرائم حرب تستوجب المساءلة بالعدالة الدولية
ولأنها قذرة وبلا معايير فتوقفها في القريب العاجل مستبعد، وفي تقديري فإن البرهان لن يجلس مفاوضا جادا في منبر جدة، لأن موقفه ضعيف على الأرض، فلم ينجح الجيش قط في استرداد شبر من المواقع التي يسيطر عليها الدعم السريع، ولو جلس قريبا في طاولة المفاوضات فالدعامة هم من سيملون عليه الشروط، وهم ماضون في تقوية شوكتهم العسكرية بنقل الحرب الى ولايات غير الخرطوم ودارفور، وقد غزوا سلفا ود عشانا في شمال كردفان، وكرروا الهجوم على الأبيض امس ووجهتهم المعلنة تندلتي وام روابة ثم كوستي، وقبل يومين اجتاحوا العيلفون وأعلنوا أنهم سيتقدمون الى البشاقرة شرق والنابتي، وود راوة والعيدج
من فرط قذارة الحرب فإن ضحاياها من المدنيين اضعاف ضحاياها من العسكريين، ومعظمهم ماتوا وهم في بيوتهم او في الأسواق، لأن المتحاربين يستخدمون الطيران والأسلحة الثقيلة داخل المدن، بينما الضحايا من العسكر يسهل حصرهم لأنه ما من طرف يستر قتلاه بالدفن، بل ترى جنود كل طرف يركلون جثامين القتلى من الطرف الآخر، ويعرضون تلك الجثث للكاميرات وكأنها بضاعة بائرة
كان الله في عون بلد قائد جيشه ينافس في الدموية والاجرام قائد مليشيا والغة في الدماء منذ أكثر من عشر سنوات، وكل واحد منهما يرى أنه أولى بالجلوس منفردا في القصر الجمهوري