دائما ما أميل الي الإطلاع على الأفكار في الفـيس بوك، ونادراً ما اتوقف عند الاشخاص.
على مـدى يومين قررت ان استمع الي “اللأيفاتية” وذلك للإهتمام الزائد من الكثيرين لما يقولونه. وجدت حاجة غير معقولة وغير محتملة في نفس الوقت، خطاب شعبوي، وتعبوي، غير متماسك، لا يحمل رؤية او فكرة، ودعاية حربية، وتهديد، ووعيد، وتشنج، وشطط، واسفاف وعنتريات، وادعاءات، وإساءات، حينها شعرت بخطورة أكبر على سودانا الحبيب، وكيف وصـلت حالة التردي الي هذا الدرك السحيق، فقد بلغ القبـح والتـوتر والعنف مرحلة فقدان العقل والضمير معاً..
للأسف من خلال المتابعات اكتشفت ان هذا الخطاب الممجوج والفارغ من الشكل والمضمون والقيمة المعرفية له معجبين ومؤيدين ومروجين، وهذه درجة من إنحطاط وتراجع الوعي بصورة كارثية – فكل ما يحدث في السـودان أصبح خارج دائرة المنطلق والمعقول – لقد سادت الشعبوية وسدت الفراغ الذي تركته الحركة الفكرية والسياسية، والذي صنـع بالمزايدة والإبتزاز والتطرف. الشعبوية خطاب أكثر منه توجهاً أو منهجاً سياسياً، فهي حركة معادية ليس للنخبة وللمؤسسات السياسية فحسب وإنما للشعب نفسه، وتعتمد في بنيتها على إعلاء قيمة الشخص وترميزه، وتقسيم المجتمع إلى شعب أصيل ونخب فاسدة، وذلك للصعود على حساب المعايير الموضوعية.
يبدو أن بلادنا تمـر بموجة خطيرة من الشعبوية تصاعدت بشكل كبير كجزء من أسلحة الحـرب الفتاكة، وتعتبر الحرب نفسها بيئة نموذجية حاضنـة لها وطاردة لأي فعل راشد ومتزن.
ما يقدم من خطاب مبتذل في اللايفات يستدعي حركة تنوير واسعة في كل منصات التواصل الاجتماعي، تستهدف بناء الوعي وبث المعلومات المعرفة وتعزيز الروح الوطنية وترسيخ قيم السلام وقبول الآخر والحـوار والرشـد السياسي.
لازم_تقيف