تنتقل قوى الحرية والتغيير ،”قحت ” ،من موقعها كطرف اصيل في الصراع السياسي والاجتماعي، المحتدم في بلادنا ،منذ نهاية عام 2018، كممثل لقوى الثورة ،في مواجهة قوى الردة ،بشقيها المدني والعسكري،الى موقع الوسيط بين طرفي الحرب، بابتدار لقاءات مع طرفيها،وسط قبول اقليمي ملحوظ. ومع ما قد تضمره هذه النقلة الاجرائية ، نصف السياسية ، من عودة الى الميدان ،وتاكيد حضور القوى المدنية،بعد ان ظلت مهمشة بسبب الحرب،ومنفية ،الا انها قد لا تعبر عن مساهمة ملموسة في اعادة ترتيب الوضع في صورته التاريخية. حيث تشكل الحرب،التي ظلت تنخرط فيها اجهزة انقلاب 25 اكتوبر ضد جماهير الثورة،هي الحرب الحقيقية، في مجراها الرئيس ،المينستريم،(الحرب كما علمتم وذقتم )،ولا يعدو ان يكون ماحدث ،وظل حادثا ،منذ 15 ابريل 2023، غير مسعى متصل مما عرف بتصحيح المسار.تنويع على اللحن الرئيس للحرب.حلقة اخيرة من ” سلسلة المحاولات الفاشلة لقطع الطريق على مسار ثورة ديسمبر المجيدة .” وفق ما جاء في بيان اديس ابابا،الموقع من قبل الدعم السريع وتنسيقية القوى المدنية الديموقراطية ،”تقدم “
تعود” قحت” في اهاب ” تقدم .”،تنسيقية القوى المدنية الديموقراطية ،الى الميدان ،اذن ،لتشغل موقع الوسيط ،لانهاء الحرب، كامتداد للجهود الاقليمية والدولية في هذا المجال.غير ان طموح ” قحت “يشمل ،بجانب انهاء الحرب، انهاء الشرط الذي دفع بها خارج معادلة السلطة الانتقالية ،(انقلاب 25 اكتوبر وتداعياته )، وبالتالي انجاز معاملتين في عملية سياسية واحدة.
تملك ” قحت “،ما يؤهلها لتكون وسيطا فعالا بين مكوني ازمة 15 ابريل ،اكثر من اي طرف آخر. فبفضل ما تتوفر عليه من خبرة وتجربة ،والمام تام بتفاصيل الصراع الجاري على السلطة طوال السنوات الخمس الماضية،فان بامكانها تقديم مشاريع حلول تتسم بالواقعية.
ومع ذلك يلاحظ ان بيان اديس ابابا الصادر عن لقاء “تقدم” مع الجنرال حميدتي،قائد قوات الدعم السريع ، قد كرس لمشاركة العسكريين في تفاصيل التسوية السياسية ،في حين انهم مدعوون،وفق البيان نفسه،لمغادرة حقلي السياسة والاقتصاد. وفي حين يتوقع ان تكتفي “تقدم” ،في لقائها مع قائد الدعم السريع،يوم الاثنين والثلاثاء الماضيين في اديس ابابا،وفي لقائها المنتظر مع الجنرال عبدالفتاح البرهان ،القائد العام للقوات المسلحة ، بطرح الموضوعات التي تشكل العمود الفقري لاتفاق الوقف النار ،بجانب المسألة الانسانية ،في صلتها الجدلية بالاتفاق المنشود، والاتفاق المبدئي حول قضايا الاصلاح الامني و العسكري.
يلفت الانتباه في بيان اديس ابابا ،غياب النص على المساءلة الجنائية ،والتوكيد- بالمقابل – على العدالة الانتقالية، ما قد يشكل ضعفا في الالتزام تجاه العدالة،كشعار من شعارات الثورة، وتجاهل تحديد الموقف من لجنة نبيل اديب ،في سياق الحديث عن لجنة تحقيق ورصد للانتهاكات جديدة.
ويثور التساؤل، بالذات،في هذا الاطار ، حول ماورد في البيان بشأن التعامل الايجابي، مع ما اسماه المؤسسات القائمة، في اطار الاصلاح الامني والعسكري،وعما اذا كان المقصود بذلك اعفاء العسكريين من اي مساءلة جنائية ،كمقابل لتعاطيهم الايحابي مع مسعى وقف الحرب وانهاء العدائيات.