فقدنا مبدعا أنجبته مدينة بارا للسودان وأفريقيا والعالم ..
رحل في أميركا بروفيسور عبد الله جلاب.
برحيله اليوم ( ١٦ يوليو ٢٠٢٤ )فقد السودان ، و زملاؤه وعارفو أدواره الايجابية في عالم الصحافة والأدب والبحث العلمي رجلا ومبدعا متميزا، وإنسانا دافيء القلب ، وعاشقا محبا لأهله في مدينة بارا في إقليم كردفان بغرب السودان.
بارا بسواقيها (مزارعها) تبكيك يا جلاب ..
المدينة التي تنام على احضان الرمال، وتستيقظ مع آذان الفجر و انسياب المياه في مزارعها لتدب الحياة المتجددة في (السواقي) تبكيك، فأنت العاشق لتاريخها وسمات أهلها وتطلعاتهم وهمومهم.
جلاب أحب مدينة بارا التي استمدّ منها الوجدان الأخضر، فبادلته الحب بالحب، وكتب وتغنى بنضارها ووجدانها الأخضر .
جلاب كان محبا للنضار والجمال ، أحب مناخ بارا الذي يزرع بذور المودة و الطمأنينة وقيم التواصل التي تسود علاقات الناس.
بارا قدمت للسودان عددا من المبدعين وجاء جلاب في صدارة مواكب العطاء التي سطع نجمها في سماء الوطن السودان، خلال سنوات مضت ، قبل أن تداهم الناس حياة البؤس والشقاء والقتل والتشريد والإذلال للإنسان كما هو الحال الآن، بسبب حرب تقتل الناس بالمواجع قبل أن تقتلهم بالرصاص والجوع والتشريد واللجوء القاسي .
جلاب كان موجوعا بما آلت اليه أوضاع السودان…
كثيرون، وأعني عشاق الحرية والكلمة الخضراء المشحونة بنبض الناس فقدوا برحيلك صحافيا سجل تاريخا وبصمات حيوية في عالم الكلمة ،
السودان فقد أديبا ، وصاحب رأي ورؤية وموقف وطني منذ أيام الدراسة في المرحلة الثانوية في مدرسة خور طقت التاريخية التي كانت منارة للعلم وقلعة للنضال .
فقدنا استاذاً جامعيا وعالما شق طريقه الأكاديمي بنجاح واقتدار في أميركا بعدما غادر السودان الى الولايات المتحدة قبل سنوات عدة، هناك حصل على درجة الدكتوراة .
بدأ هناك مسيرة عطاء حيوية عكست رؤاه، وفكره، وعلمه ،ونبضه المبدع، وموهبته الصحافية التي صقلها بالعلم والتجربة، وحصنها بموقف مكتوب ومعلن ومنحاز لنبض الشعب في الحرية والعدالة والسلام .
أضاف الى كل هذا العطاء نجاحا في مجالات البحث العلمي اذ عمل استاذاً جامعيا في الولايات المتحدة، فاصدر كتبا ونشر بحوثا .
بعدما تخرج في جامعة الخرطوم عمل في وزارة الثقافة والإعلام ، تولى على سبيل المثال رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون، كما عمل مستشارا إعلاميا، وفي مواقع عدة داخل السودان وأميركا.
اهلك في بارا يودعونك بدموع غزيرة وأنت الذي لم تنفصل يوما عن مجتمعك وذكريات الطفولة والشباب .
مثلما كان جلاب منحازا لقضايا شعب السودان العادلة والمشروعة كان أيضا صاحب موقف مكتوب ومعلن ومنحاز لأهله في بارا حينما حاصرتهم ممارسات الأشرار.
سيذكر أهلك والتاريخ – على سبيل المثال- حروفك الرافضة للظلم بعدما صادر والي ولاية شمال كردفان السابق أحمد هارون عددا من سواقي بارا ( مزارعها ) بأشجارها وثمارها وأزالها من الوجود ، فقتل الشجرة والخضرة والجمال ، أي انتهك حقوق عدد من أصحاب المزارع ، في أواخر فترة حكم البشير .
بارا تودعك بوجع وحزن شديد لأنك الإبن البار.
زملاء الحرف الأخضر والكلمة المنحازة لنبض الشعب السوداني وعارفو أدوارك الايجابية يودعونك بأجمل الدعاء.
أفريقيا التي كتبت عنها بحوثا و دراسات تودعك أيضا.
أسأل الله أن يتغمد عزيزنا و مصدر فخرنا في عالم الصحافة والإبداع عبد الله جلاب بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء .
التعازي لزوجه الدكتورة سعاد تاج السر، ولأبنائه أحمد وعزه وشيراز ، وللأخوين العزيزين دكتور بشير محمد إسماعيل ودكتور عاصم محمد إسماعيل والأسرة والأهل، وزملاء وأصدقاء الفقيد في السودان وأميركا والعالم .
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
لندن ١٦ يوليو ٢٠٢٤