الجذور التاريخية للأزمة السودانية(٤-٧)

الجذور التاريخية للأزمة السودانية(٤-٧)
  • 22 يوليو 2024
  • لا توجد تعليقات

بروف عز الدين عمر موسى

تناول المدارس المختلفة لهذ التاريخ

إن قراءة التاريخ تختلف باختلاف المنظور لا باختلاف الطرائق والأساليب، ولهذا قالوا فى المنهج الحديث للتاريخ “لا تاريخ بلا مؤرخ “. ويستطيع المتأمل فى القراءات التي تناولت تاريخ السودان أن يتبين فيها ست مدارس مختلفة متداخل بعضها بدرجات متفاوتة، هي :-
أولا، المدرسة الاستخباراتية البريطانية : وهي رديف المدرسة الأوروبية الاستعمارية. ويقوم منظورها على ثلاث رؤى رئيسة، وفيها ما يقال وهي :
أ- إن أفريقيا جغرافيا بلا تاريخ. ب-ومسار الحضارة من الشمال إلى الجنوب.
ج- ويأتي التحضر من خارج المجتمع الأفريقي وهناك كثير ينقض هذه الرؤى، وحسبك من الأدلة المادية الحضارات القديمة فى وادي النيل وإثيوبيا، وحفريات الصحراء الكبرى ومنطقة السافنا فى غرب أفريقيا بخاصة وسط نيجريا(Nok ), ومن الأدلة الفكرية ما قام به انتو ديوب عن أصل الحضارة الفرعونية الأفريقي ،ومثله ما يقول به وبرنال عن أثينا السوداء، والدراسات الفيزيائية التي جرت عن الأهرامات ، والهجرات من الجنوب إلى الشمال ( المرابطون والدمادم والفونج).
ومع كل هذا أثرت هذه المدرسة تأثيرا واضحا على المدرستين المصرية والوطنية السودانية مما عمق روح النفور ونهج الاستعلاء عند أهل المدرستين.
ثانيا، توكأت المدرسة المصرية على المدرسة البريطانية الاستخباراتية لأنها تماثلها فى كثير، وطورت مقولتها ” السودان الحديقة الخلفية لمصر”،ولهذه المقولة دلالات سالبة كثير وخطيرة.
ثالثا، لم تقف المدرسة الوطنية الحديثة عند المنظور إلا قليلا وبدرجات متفاوتة ، وأخذت بطرائق وأساليب الدراسات التاريخية الجديدة فنقضت معلومات، وعدلت أخرى، وأضافت ثالثة، ولكن لم تهز الكتابات فيها روح النفرة والاستعلاء السائدة إلا نادرا.
رابعا، قامت المدرسة اليسارية على منظور اجتماعي شامل فى دراسة التاريخ ، وخير ما يصور جهودهم ما كتبه نقد عن الرق وأبو سليم عن الأرض والفونج. بيد أن اهتمام هذه المدرسة الغالب بالتاريخ الحديث، ولهذا لم يبلوروا الأزمة السودانية فى إطارها التاريخي الطويل، ولم يطلوا على الجذور قليلا.
خامسا، هيمنت على المدرسة التقليدية روح العروبة والإسلام المتجلية فى الأنساب وتراجم الأولياء والصالحين، وعمقوا روح النفرة ونهج الاستعلاء والإقصاء بوعي أو بلا وعي وبأسلوب سردي.
سادسا، لا تختلف المدرسة الإسلامية الحديثة عن التقليدية فى المنظور ، وتميزت عنها بإتباع المنهجية الحديثة فى الطرائق والأساليب وتوثيق المفردات.
من الواضح أن هذه المدارس بصورة عامة رسخت صورة السودان المتجزئ عن قصد أو بدونه، ولذلك غاب عندهم السعي نحو هوية جامعة لعناصره المقسمة. فما تأثير التاريخ المتجزئ على الواقع المعاش ؟

التعليقات مغلقة.