إذا صحّ أن (نافع علي نافع) قد هرب (بالدرب التحت) إلى تركيا، فهذه نقطة فارقة في شرف الرجولة وشرف المواقف باتجاه الانكسارات المريعة التي تحيق بشخص كان قد تطاول على الشعب السوداني بأسوأ ما يمكن أن يتطاول به متطاول. حيث كان يتحدى الأمة السوداني، ويتوعدها بأن مطالبها في الحرية والعدالة هي من المستحيلات التي لخّصها بنفسه الشحيحة وتصورات عقليته البدائية (وهو الأستاذ الجامعي الذي أنفقت الدولة على تعليمه ما أنفقت) بعبارة استحالة (لحس الكوع. مع أن الوصول للكوع باللسان يُعد من أسهل التمرينات عند فتيات الباليه وصبيان الجمباز وتمارين الرقص الإيقاعي.!
هل لحس الكوع أكثر صعوبة من الهرب عياناً بياناً من المشروع الحضاري، ومن “معركة الكرامة” والسفر برفقة الأنجال المترهلين من آثار النعمة و”الحرز الدولاري الفخيم” لأستاذ معلوم المرتب في قوائم جامعة الخرطوم، وفي سلك موظفي الدولة.! رغم أن وثائق استرداد مال الدولة أثبتت أن نافع علي نافع (مع حفظ الألقاب ومعاني الأسماء) هو ورفيقه “البروف” إبراهيم أحمد عمر كان يتسلمان بانتظام، وعلى دائرة المليم مرتبات الأستاذ الجامعي بامتيازاتها وبدلاتها وعلاواتها على مدى 25 عاماً، وبعد أن هجر العمل في الجامعة طوال هذه السنوات..!
كم نأمل أن تكون أخبار هروب نافع كاذبة.!
حيث إنها لو صدقت، فإن سمعة في غاية السوء ستلحق بالمواريث السودانية في الثبات على المبدأ في مقابل التدنّي الرخيص عن شرفات المروءة.! خاصة لدى المتبجحين (فالتي العيار) في التهديد والوعيد و(ادعاء المرجلة والثبات) ورافعي راية الاستقواء على المدنيين العُزّل؛ ليس بصولجان القانون والسلطة. بل باستخدام أشد آلات التعذيب (خساسة ودناءة) ضد مدنيين محصورين في زنازين وبيوت أشباح بغير جريرة غير الاختلاف في الرأي والمواقف السياسية.!
كم نأمل أن تكون الأخبار عن هروب نافع كاذبة.!
كيف يهرب الرجل من “مشروع حضاري” لإنقاذ شعب السودان من الضلال.؟! وهو مشروع هجر هذا الرجل من أجله مقعد الأستاذية في الجامعة. وذهب ليتعلم فنون التعذيب في إيران و(ما وراء سيحون وجيحون.؟
ثم قام هذا الرجل بممارسة التعذيب بيديه تجاه آخرين تحت قبضة العسكر مقيدي الأيدي لا حول لهم ولا قوة. وهو يعلم أنه يقوم بخرق كل نواميس وبديهيات المروءة والدين والإنسانية..!
كم نأمل أن تكون هذه الأخبار عن هروب نافع على نافع (كاذبة. حتى لا تنفصم عرى آخر خيط يرمز للإنسانية بسبب في انتهاك الإنسان لحرمات الآخرين. ومن ذلك على سبيل المثال تهديد الحرائر والرجال بالاغتصاب. وتعيين (مغتصب عمومي) ضمن مهام رجال الأمن. وتهديد الابن باغتصاب أمه أمام عينيه. وتهديد الأب باغتصاب ابنته أمام ناظريه..!
ألم يكن هذا دأب الجهاز الذي ترأسه هذا الرجل.؟! أنه الجهاز الذي أدخل قضيباً من خشب في دبر معلم اقتادوه من بيته. ثم أعلنوا أن سبب وفاته (تسمّم بسندوتش فول وجبنة.!
ليت خبر هروب نافع يكون من الأخبار الكاذبة…! ذلك أن الرجل لو كان ينطلق من موقف سياسي لقلنا إن السياسة (كر وفر.! ولكن الرجل كان يتحدث عن إقامة شرع الله في أرض السودان. ويقول (هي لله. فكيف يجوز هذا مع وعيد التولي يوم الزحف. والاتجاه إلى منتجعات تركيا وشريعة الإنقاذ لم يكتمل قيامها في السودان.؟!
شهادات الناجين من بيوت الأشباح التي سمعها كل الشعب السوداني تروي أن (الطبيب الشهيد علي فضل) كان مختصرا في النزع الأخير، وعلى رأسه مسمار صدئ.وهو ملقى بلا حراك أمام عتبة مكتب رئيس جهاز الأمن وبداخله نافع ونائبه يحتسيان أقداح الشاي.!
تلك الصورة المروّعة لن تفارق عيون وأفئدة السودانيين إذا ذهب نافع إلى تركيا أو الإكوادور. أو إذا بقي في مخبئه الأمن.!
وحتى إذا لم يهرب نافع إلى تركيا فهو في حُكم الهارب.! أنه يعيش مع أنجاله بعيداً عن الحرب والاستنفار. وهو يجلس في مكان هادئ بجانب (غرة عينه) وكلاهما بملابس وملامح الدعة والطمأنينة بعيدين عن غبار “حرب الكرامة” وهما في انتظار انتقال من مكان مريح إلى راحة أوسع.!
كم نأمل أن يكون الخبر كاذباً حتى تبقى في الإنسانية وصورة الإنسان السوداني مهما تدنّت أفعاله وتسفّلت نفسه. بقية من حياء.!
الله لا كسّبكم.!