قالت “هيومن رايتس ووتش” الخميس (٢٩ أغسطس ٢٠٢٤م) إن. ” القوات المسلحة السودانية” و”قوات الدعم السريع” والمقاتلين التابعين لها أعدموا بإجراءات موجزة أشخاصا أثناء احتجازهم دون محاكمة، وعذبوهم، وأساءوا معاملتهم، ومثلوا بالجثث.
وأضافت ينبغي لقادة القوتيْن أن يأمروا سرا وعلنا بوقف هذه الانتهاكات فورا وإجراء تحقيقات فعّالة. كما ينبغي لهم التعاون بشكل كامل مع المحققين الدوليين، وخصوصا من “بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان”، التي سيشمل نطاق تحقيقاتها هذه الانتهاكات التي تشكل جرائم حرب.
وقال محمد عثمان، باحث السودان في هيومن رايتس ووتش: “تشعر قوات الأطراف المتحاربة في السودان بأنها محصنة ضد العقاب لدرجة أنها صورت نفسها مرارا وهي تعدم وتعذب المحتجزين، وتحط من كرامتهم، وتشوه الجثث. وينبغي التحقيق في هذه الجرائم باعتبارها جرائم حرب ومحاسبة المسؤولين عنها، بمن فيهم قادة هذه القوات”.
وحللت هيومن رايتس ووتش 20 مقطع فيديو وصورة واحدة لعشر حوادث حُملت على منصات التواصل الاجتماعي بين 24 أغسطس/آب 2023 و11 يوليو/تموز 2024. تُصوّر ثمانية فيديوهات وصورة واحدة أربع حوادث إعدام خارج القانون، منها إعدامات جماعية لـ 40 شخصا على الأقل. تُظهر أربعة فيديوهات تعذيب وسوء معاملة 18 محتجزا، يبدو بعضهم مصابون؛ وتُظهر تسعة مقاطع تشويه ثماني جثث على الأقل.
ويظهر العديد من المعتدين والضحايا يرتدون ملابس عسكرية، ما يوحي بأنهم مقاتلين، إلا أن بعض الضحايا يرتدون ملابس مدنية. في جميع الحوادث، يبدو المحتجزون غير مسلحين، ولا يشكلون أي تهديد لآسريهم، وفي العديد منها كانوا مقيّدين.
وسجّلت هيومن رايتس ووتش 20 حالة أخرى تُظهر انتهاكات مماثلة من قبل الطرفين، لكنها لم تحقق في هذه الحالات.
ويُفترض أن أربع حالات إعدام صورها الجناة أنفسهم، وثلاث حالات صورها عناصر الدعم السريع، منها إعدام 21 رجلا على الأقل في الفولة، في غرب كردفان، في يونيو/حزيران 2024؛ وإعدام 14 رجلا على الأقل في أعقاب هجمات قوات الدعم السريع على مطار بليلة، على بعد 60 كيلومتر جنوب شرق الفولة، في غرب كردفان في أكتوبر/تشرين الأول 2023؛ وإعدام رجلين على بعد 12 كيلومتر جنوب الأُبيّض، عاصمة شمال كردفان. والحالة الرابعة هي إعدام القوات المسلحة السودانية لثلاثة محتجزين، ربما أطفال دون سن 18 عاما، في أكتوبر/تشرين الأول 2023 في أم درمان، شمال غرب العاصمة الخرطوم.
وحللت هيومن رايتس ووتش أربع حالات أخرى صوّر فيها عناصر القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أنفسهم وهم يعذبون المحتجزين ويسيئون معاملتهم، بما في ذلك بالجلد، والضرب، وإجبار المحتجزين على المشي على ركبهم على طرق غير ممهدة. يشير تحليل هيومن رايتس ووتش إلى أن هذه الحوادث وقعت في الخرطوم، والجزيرة، وشمال وغرب كردفان.
وتُظهر ثلاثة فيديوهات، صورت جميعها في 2024، عناصر القوات المسلحة السودانية يعتدون على جثث عناصر الدعم السريع أو مدنيين، منها فيديو يظهرون فيه وهم يلوحون برأسين.
ومنذ اندلاع النزاع في الخرطوم في 15 أبريل/نيسان 2023، لم توقف قيادات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الانتهاكات أو تعالجها. في يوليو/تموز 2023، أعلنت السلطات التابعة للقوات المسلحة السودانية عن إجراء تحقيقات وطنية في انتهاكات قوات الدعم السريع، برئاسة النائب العام، لكنها لم تذكر شيئا عن التحقيق في الجرائم التي ارتكبها عناصرها.
وفي رسالة بتاريخ 23 يوليو/تموز 2024 ردا على تقرير سابق صادر عن هيومن رايتس ووتش، قدّمت قوات الدعم السريع مدونة لقواعد سلوك تحظر بعبارات غامضة إساءة معاملة المحتجزين، وكتبت أنها أنشأت لجنة للتحقيق في التجاوزات أو الانتهاكات ومقاضاة المسؤولين عنها. لكنها لم تقدم أي دليل علني على تحقيقاتها أو ملاحقاتها القضائية.
وفي 19 أغسطس/آب، أرسلت هيومن رايتس ووتش ملخصا تفصيليا لنتائجها بالبريد الإلكتروني مصحوبا بأسئلة محددة إلى المقدم الفاتح القرشي، المتحدث باسم قوات الدعم السريع، والعميد ركن نبيل عبد الله، المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة. ولم يرد أي منهما.
وفي فبراير/شباط، أفادت” المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” بأن الطرفين احتجزا مئات المقاتلين وأن حالة معظمهم ومكان وجودهم مجهولان. وثقت هيومن رايتس ووتش سابقا عمليات تعذيب وإعدام واسعة النطاق لأشخاص عُزّل على يد قوات الدعم السريع في الجنينة وضاحيتها أرداماتا، غرب دارفور، في 2023. كما أفادتمجموعات مراقبة وجماعات غير حكومية أخرى عن إساءة معاملة المعتقلين، وتعذيبهم، وإعدامهم من قبل الجانبيْن في أجزاء مختلفة من البلاد.
وتُعتبر بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، التي أنشأها “مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان” في أكتوبر/تشرين الأول 2023، هي هيئة التحقيق المستقلة الوحيدة التي تتمتع بولاية التحقيق في الانتهاكات المتعلقة بالنزاع في جميع أنحاء السودان. قالت هيومن رايتس ووتش إنه بالنظر إلى حجم الانتهاكات وندرة التحقيقات الموثوقة من قبل الأطراف نفسها، ينبغي لأعضاء مجلس الأمن تجديد ولاية البعثة في دورة المجلس في سبتمبر/أيلول.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للهيئات الإقليمية والدولية، ومنها “الاتحاد الأوروبي” و”الاتحاد الأفريقي”، والدول منفردة، العمل معا لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، بما في ذلك فرض عقوبات فردية محددة الهدف. ينبغي للبلدان التي تقود محادثات وقف إطلاق النار والوصول الإنساني أن تعالج انتهاكات الأطراف المتحاربة وتضمن وجود بند للمراقبة القوية لانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، في أي اتفاق تتوصل إليه.
وقال عثمان: “أظهرت الأطراف المتحاربة في السودان تجاهلا صادما للحياة الإنسانية والكرامة. ينبغي محاسبة القادة على عدم منعهم لهذه الجرائم أو معاقبة مرتكبيها”.