يا قايد الأسطول

يا قايد الأسطول
  • 11 أكتوبر 2024
  • لا توجد تعليقات

د. عبدالحميد قرناص


عبثا حاول بعض النقاد الفنيين فرض نوع من الرمزية لهذه القصيدة كأنما اتخذها الشاعر سيد عبد العزيز ستاراً لتوصيل شحنات سياسية مناهضة للاستعمار البريطاني آنذاك لكنها كانت كلها توقعات خاطئه جانبها الصواب فسيد عبد العزير يقدم لنا هذه المرة وصف للمحبوبة خال من االحشا المبروم والصدير الطامح و الكلوسترول وبالرغم من القصيدة تفوح منها رائحة دخان معركة الأساطيل في النورماندي :

وما الجندي والمكتول
وطالب الغفران
من أيده راح منتول
واتوهد النيران
فاقد الصواب مبتول

إلا أننا هذه المرة أمام غزل رفيع طويل التيلة وربما تحتاج لمعينات من قافلات البيتا beta blockers
ضد الخفقان تعينك على الثبات لحظة مرور المحبوبة فلا تنسي أن سيد عبد العزير نفسه هو القائل :
وهيبة( أسد) في عيون شدن
يا الهيبة المازجـــــة العجن

لحظتها ينتابك احساس من نوع ( اغالط نفسي في اصرار اقول ياريتني لو ماجيت )

كل ما هناك أن الشاعر يصف محبوبته في الهيبة والجبرة، بالضابط (العظيم) قائد الأسطول، وبالفارس المغوار الذي يجندل الفرسان (العشاق).

ومراد الشاعر من هذه الأوصاف هو القول إن المحبوبة ليست رقيقة وحسب بل تجمع بين الرقة والهيبة والجبرة وهذه هي الصفات المثالية للأثني الحسناء التي تخلب الألباب. وهذه الميزة كثيرة الورود في شعر الحقيبة لا بل في الشعر العربي قاطبة فها هو ابراهيم ناجي يؤكد نفس المعني في قصيدته الاطلال :
أين من عيني حبيب، ساحـر
فيـه عـز وجـلال وحيـاء
واثق الخطوة يمشـي ملكـاً
ظالم الحسن شهي الكبريـاء
عبق السحر كأنفاس الربـى
ساهم الطرف كأحلام المساء

فأنت هتا امام فاتنة تقدل في مشيتها بخطوات فيها مافيها من الثقة والعز والحياء تختلف تماما عن خطوات( هركولة درم مرفقها
تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل)

واذا ما عدنا لسبب هذه القصيدة( يا قائد الأسطول) فيحكيها لنا احدي اصحاب الشمارات الامدرمانيه بالدارجي :

قال ليك الشاعر (سيد عبد العزيز) عجبتو ليك واحدة من بنات آل المهدي (ناس حي الأمراء) وقام مشى لأهلها عشان يخطبا وكده … قاموا رفضوهو … وسبب الرفض الرئيسي إنو الزمن داك كتير من وجهاء المجتمع كانو بيعتبروا الشعراء والفنانين ديل ناس صعاليك ساي بتاعين غنا ورقيص وما عندهم شغلة …
أها البنت كانت بتقرا في كلية المعلمات في أمدرمان …
عمنا سيد الشاكوش حرقو وجهجهو بالحيل لكن ما باليد
حيلة … ومن شدة إعجابو بيها كان بيمشي يقيف قدام الكلية عشان يشوفا وهي طالعة …
وطبعا (الطالبات عموما ) بيطلعن فى شكل مجموعات في الأول وبعدين كل مجموعة تمشي في إتجاه …
المهم في يوم من الأيام البت طلعت براها بدون صاحباتا (أظنها كانت على عجلة من أمرها) ولم تمر لحظات إلا وطلعن رفيقاتها وراها … أها هي بقت فى المقدمة ورفيقاتا بقن خلفها …
وعمنا سيد عبد العزيز أتاريهو كان متابع الفيلم وقام طوالي صورو في لوحة جميلة حيث قال:

يا قائد الأسطول
تخضع لك الفرسان
ياذو الفخار والطول
أرحم بنى الإنسان
مين لسماك يطول
ما يطولك اللمسان
معناك شرحه يطول
والله يا إنسان
أصدق كفانا مطول
ياذو الحسن إحسان
أنا عقلي بيك مختول
والناس عقول ولسان
ما بنكر المعقول
آمنت بالأيمان
بالطلسم المصقول
بدل لي خوفي امان

وفي جانب اخر كان صاحبنا الموسيقار اسماعيل عبد المعين علي موعد مع قائد اسطول حقيقي بل من أخطر القادة انذاك في منتصف اربعينات القرن الماضي الا وهو
قائد الأسطول السادس الأمريكي في البحر الأبيض المتوسطة قائد برتبة ادميرال
والقصة كما حكاها اسماعيل عبد المعين أن قدم احدي مقطوعاته الموسيقية المستوحاة من احدي جلالات المارشات العسكرية
(الجلالة هي عبارة عن كلمات في شكل أشعار أو ترانيم يرددها الجنود أثناء مشيهم)
تقول مقدمتها :
الطير بحوم فوق الرمم
اخوان البنات رقصولو كلام
واجعني الزول جري
والطير بحوم فوق الرمم

هذه الاهزوجة قدمها اسماعيل عبد المعين في حفل السفارة البريطانية في القاهرة وكان ذلك بحضور مذيع صوت أمريكا في القاهرة و يدعي محمود ابراهيم والذي يبدو أنه اوصلها لمسامع الأمريكان في السفارة
يواصل الموسيقار حديثه:
وصلني اتصال من السفارةالامريكية في القاهرةيطلب مني الحضور ومعي النوتة الموسيقية للمارش العسكري
وهناك عرفت ان قائد الأسطول الأمريكي اعجب باللحن وطلب مني الموافقة للحضور شخصيا لتقديمها بالعود امام الفرقة العسكرية علي البارجة الأمريكية المتواجده قبالة السواحل القبرصية
كان هذا الحدث في عام 1943 وقد وافق الموسيقار اسماعيل للسماح لهم بتدوينها وتوزيعها موسيقيا علي الات النفخ العسكرية لتصبح بعدها هذه الاهزوجة احدي اهم المارشات العسكرية للبحرية الأمريكية ويقال انها صارت تعزف عند الاحتفالات السنوية التي يتم فيها تنصيب الرئيس في أمريكا

طيب علي الاقل يعزمونا في واحدة من الحفلات ونشرب شاي باللقيمات الأمريكي (دونات) !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*