حكايات من الزمن الجميل : ذكريات متعة السفر بالقطارات… وحقيقة تسمية (حلة القطر قام)

حكايات من الزمن الجميل  : ذكريات متعة السفر بالقطارات… وحقيقة تسمية (حلة القطر قام)
  • 06 نوفمبر 2024
  • لا توجد تعليقات

منير حسن منير

مثل أي إبن طباخ (Chef) أو ( Cooker).. ومولود جوه التُكُل، وكنت ذات يوم قبل الهجرة إلى صحراء الربع الخالي في السعودية نيفا وثلاثين عاما مثل توهان قوم سيدنا موسى بعد الانتهاء من الجلوس للشهادة الثانوية، وفي انتظار إعلان نتائجها، كنت واثنين من الأصدقاء المقربين ندير مطعماً في شارع الجمهورية، ومعه كافتريا رئاسة شركة (موبيل أويل الأمريكية) _ أيام العز وأكل الوز _ في عمارة الأغاريق، وبوفيه الشركة السودانية للأقطان فوقها خلف (نادي السودان) في تقاطع شارع الجمهورية مع شارع القصر تجد تحتها محلات دلكه وسلطان للأقمشه وجنبرت للأواني المنزلية الراقية.
.. وقبل هذه وتلك، فأنا إبن عامل في السكه حديد بكل فخر واعتزاز بهذا الانتماء مكاناَ وجيرة وأصدقاء وأحبة وزملاء زهرة صبا العمر.
كان في الزمن الجميل (حله) اسمها (القطر قام) يعرفها أي عزابي (ذي جوع بطنه)، وتكون انت وهو وانا أكلنا منها دون أن نعرف سبب التسمية.
ويرجع سبب التسمية بالقطار قام .. أنه يوجد لقيادة أي قطار أوسفرية أربعه أشخاص، سائقين يتبادلون القيادة + واثنان من مساعدي السواقين يسمون ال(عطشجيه). والعطشجي قبل ظهور الديزل الكهربائي الألماني (يعمل بتعبئة البطاريات)، وإحالة قطار البخار إلى التقاعد الإجباري، لديهم مكان مخصص خلف رأس القطار مباشرة اسمه (منامة السواقين) فيها أربعة سراير + اتنين زير مويه كبار + WC يطلقون عليه انذآك (كنييف أو أدب خانه) … واصل الحكايه انه أثناء رحلة القطر (أقل سفريه كانت ٢٤ ساعه) السواق يذهب احد السائقين ليرتاح في تلك عربة المنامه، فيما مساعد السواق الذي هو العطشجي (أطلق عليه هذا الاسمه لأن من مهامه إدخال خرطوم الماء داخل فتحه معينه أعلى مقدمة رأس قطر البخار لملء خزان التبخير بالماء. وأثناء سير القطار يتم تسخين الماء عن طريق الفحم الحجري الذي يتم اشعاله لغلي الماء ويتنج عنه البخار (الدخان) الخارج من المدخنة وتظهر طيلة سير القطار وبه سمي ب(قطر البخار) .. وتتم هذه المرحلة (ملء خزانات رأس القطار بالماء) في المحطات الكبيرة فقط مثل عطبره والخرطوم وكوستي والأبيض والقضارف وبورسودان وكسلا ونيالا و واو وحلفا … هذه أسباب إطلاق أسماء صفة (عطشجي وقطر بخار). يترقي العطشجي الذي هو مساعد سائق، إلى سائق بعد اكتساب الخبرة الكافية.
والرجوع إلى(حلة القطر قام) يقوم العطشجي أثناء ساعات راحة السائق بتجهيز مكونات الوجبة من الخضار المتوفر في عربة المنامه (تقطيع البصل أو الطماطم أو تنظيف باميه وتقشير بازنجان أو كوسه الخ) ثم يقوم بوضع كل المكونات المذكورة دفعة واحدة في الحله ويشعل (المنقد) من جمر القطر الحجري المشتعل اصلاَ لتسخين قيزان رأس القطار البخاري، ويتركها تنضج (على راحتها) ويأخذ قسطا من الراحة مع السائق الذي معه ليستعدا لأخذ مكان السائق الثاني ورفيقه العطشجي اللذان يستعدان لتسليم قيادة القطار بالتناوب مع الآخرين !!
هذه قصة حلة (القطر قام) … وشذرات من اقاصيص السكه حديد في عهدها الزاهر، ورحلات السفر بقطار البخار والديزل الألماني ذو اللونين الأزرق والأصفر، اما قطار البخار، فلونه اسود تمشيا وتوافقا مع ما يصدر عنه من داخان اسود كثيف .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبتي للجميع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*