دواء عمتي والحكيم الأمريكي

دواء عمتي والحكيم الأمريكي
  • 09 ديسمبر 2024
  • لا توجد تعليقات

أنور محمدين

عمتي فاطمة عباس أحمد ” ستاتين ” إنسانة فاضلة، حنينة، محبة للناس قدمت إلينا في عطبرة من البلد بغية إجراء عملية موية بيضاء.
بعد أن ارتاحت من وعثاء السفر ذهبت بها لاستشاري العيون، الذي لم يكن بالمدينة من ينافسه في المجال وقته.
بعد انتظار طويل مثلنا بين يدي سيادة الاستشاري، الذي قرر إجراء عملية لها بالمستشفى وقدم لي وصفة طبية ” روشتة ” عبارة عن قطرة عين لتستخدمها إلى حين مقابلته في المستشفى.
كان الليل قد توغل حين عدنا للبيت.
اليوم التالي هممت بالذهاب لصيدلية وإحضار القطرة لكن فوجئت لسوء حظي بأن جلابيتي غسلت فأسرعت للروشتة فإذا بها قطعة لا تستبين حروفها المتداخلة.
عدت للعيادة وشرحت لموظف الاستقبال الموقف فنصحني بأن أسرع في مقابلة الدكتور قبل مباشرته العمل.
هكذا رابطت خارج العيادة أتحين تشريفه، الذي نزل من سيارته الفارهة فسارعت بالحديث معه وشرح الوضع فوقف عند باب مكتبه حائلا بيني وبين الدخول قائلا:
سجل في الاستقبال وانتظر دورك!
تحاملت على اللطمة ورجوت الموظف تقدير موقفي وتيسير دخولي بالطبع بعد دفع القيمة فوعد خيرا وبالفعل سمح لي بالدخول لسيادته برقم 4.

جلست أمامه وأوجزت له الحاصل مرة أخرى فقلب ورقة الكراسة وكتب اسم الدواء في نحو 3 دقائق فخرجت حانقا.

بعد فترة ذات صباح ابن جاري التلميذ وهو يحاول توصيل أنبوب الماء ” الخرطوش ” جرح طرف عينه وكان ينزف فأسرعنا به لمستشفى عطبرة جزعين فحولنا المساعد الطبي للاستشاري إياه، الذي تلقاه والد الطفل وأراه الدم فوجه بالانتظار حتى يحل دوره .. شفتو كيف النظام والتنظيم!
واضطررنا للانتظار حتى دخل حين حل دوره.


بعد أن جرت مياه كثيرة تحت الجسور وصلت أمريكا فشرعت في مقابلة طبيب الأسرة في مستشفى الحي لمتابعة ضغط الدم الوراثي.
كان طبيبي شابا وسيما، يمتلئ طيبة وحسن معاملة وظل يتعامل معي كصديق.
بعد نحو 4 سنوات من التعامل الراقي ذهبت إليه مرة فأجرى اللازم في لطف ثم جلس أمامي على كرسي جذبه فقال:
السيد أنور
يؤسفني أن أبلغك بأنني نقلت لجهة أخرى وسيحل مكاني زميل آخر وتحسرت فأردف:
سيكون مثلي في التعامل وسأوصيه خيرا فخرجت أسيفا.
بعد أشهر زرت العيادة فرحب بي الطبيب الجديد
وراجع ما دونته السستر عن وضعي في الكمبيوتر وقال:
آمل أن أكون في مستوى زميلي جوزيف، الذي ظل معكم فترة طويلة.
وأضاف عجبا:
لو ارتحت لمعاملتي خيرا
وإن لم ترق لك سأكلف
زميلا آخر.
يا الله!
معقول دة كله؟
هل أنا في حلم أم علم؟
أيه الهنا اللي أنا فيه!
المريض هو السيد هنا وكذا العميل في كل المواقع الخدمية .. قد تطيح شكوى منه بأعلى رأس.
فمضيت شاكرا حسن تعامله، كيف لا وقد سمي ممارس التطبيب حكيما لجليل واجبه وجلال مهنته، مسترجعا موقفي استشاري عطبرة فريد عصره، متجاهل قسم أبقراط في بلد أطبائنا البررة، أمثال .. د. أدهم الشهيرة عيادته بالرسوم الزهيدة ود. أبوذر محمد علي ( دلقو ) الذي خط في مدخل عيادته الخاصة بالخرطوم:
عزيزي .. ” لو كنت لا تملك قيمة الكشف لا تتحرج “، أسبغ المولى عليه ثوب العافية المستدامة وصحبهما اليواقيت:

قل للطبيب إذا ما جئت تنصحه
كن يا طبيب قبيل الطب إنسانا

أتمنى أن تكون معاملة الاستشاري اللاقلبي قد ارتقت
وسط مواطنيه في عيادته بجوبا.
حقا الانسانية لا وطن لها!
الله الحكيم

الوسوم أنور-محمدين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*