أن تصبح أباً هو حدث يغير حياتك، فما بالك إذا جاء هذا الحدث في قلب الغربة، بعيداً عن الوطن والأهل؟ إنها تجربة تجمع بين الفرح والخوف، الأمل والقلق، والإيمان والشك.
كان ذلك الرجل يعيش في بلدٍ بعيد، ساعياً وراء مستقبلٍ أفضل لنفسه ولأسرته. لم يكن يتوقع أن يصبح أباً في تلك الظروف، ولكن شاء الله أن تأتي طفلته إلى الدنيا لتغيِّر كل شيء. حين أمسك بها لأول مرة، شعر بسعادة غامرة لم يعهدها من قبل. تلك الكائنة الصغيرة التي تنظر إليه ببراءة أصبحت محور حياته، لكنها في الوقت ذاته ألقت على عاتقه مسؤولية عظيمة.
فرحة الأبوة الممزوجة بالخوف
كانت الأبوة بالنسبة له جميلة، مليئة باللحظات الساحرة؛ ابتسامتها الأولى، محاولاتها الصغيرة للحديث، وارتباطها به الذي جعله يشعر بأنه أعظم رجل في العالم. لكن مع كل فرحة، كان هناك خوف خفي. كيف سيؤمن لها مستقبلاً آمناً في بلد غريب؟ كيف سيحميها من تحديات الحياة التي لا يعرف نهايتها؟
لم تكن الأسئلة تتوقف: هل سيكون كافياً لها؟ هل سيستطيع أن يمنحها كل ما تحتاج إليه؟ هذا القلق أحياناً كان يمنعه من النوم، ولكن وسط كل هذا، كان لديه يقين بأن الله لا يترك عباده.
الإيمان يخفف الأعباء
كان كلما اشتدت عليه الأمور، يلجأ إلى الله. يرفع يديه بالدعاء ليلاً، ويسأل الله أن يكون عوناً له في هذه المسؤولية. كان إيمانه بأن الله لن يتخلى عنه هو الشيء الذي يمنحه الطمأنينة. كل مرة يرى فيها طفلته نائمة بسلام أو تضحك ببراءة، كان يشعر بأن الله أرسلها لتكون رحمة له وتذكرة بأن الحياة، مهما كانت صعبة، تحمل بين طياتها أسباب الفرح.
الغربة ليست النهاية
رغم الغربة وبعده عن أهله، إلا أن طفلته أصبحت عائلته الصغيرة. معها، لم يعد يشعر بالوحدة. صحيح أن الغربة جعلت الأمور أكثر تحدياً، لكنها أيضاً زادت من ارتباطه بطفلته وزوجته. أصبح يرى فيها أمله ومستقبله، وأصبحت هي الدافع الذي يجعله يواصل العمل والسعي، مهما كانت الظروف.
–النهاية
أن تصبح أباً في الغربة تجربة فريدة، تجمع بين الجمال والخوف، بين الثقل والمسؤولية. لكنها في الوقت نفسه تجربة تثبت أن الله، حين يمنح الإنسان هدية كالأبوة، يمنحه معها القوة والقدرة على مواجهة التحديات. تلك الطفلة الصغيرة أصبحت بالنسبة له رمزاً للإيمان والأمل، ودليلاً على أن الله لن يتركه مهما بدت الحياة صعبة.