د. عبد الرحمن عبدون .. البلسم والابتسام

تخرج د. محمد أحمد موسى في كلية الصيدلة، جامعة الخرطوم ثانيا بعد د. عباس جعفر أول صيادلة دلقو.
أسس د. محمد أحمد أول صيدلية بدنقلا .. الشفاء، بل في سائر الشمالية، مقصدنا عبر السنين، ثم لحق به ابن شقيقته د. عبد الرحمن عبدون خضر وصار ساعده الأيمن.
بتوسع النشاط أسسا صيدلية بكريمة ثم انتقل العمل للخرطوم وامتد للتصنيع الدوائي والاستيراد.
لاتزال صيدلية عبد الرحمن أمام مستشفى الخرطوم تحمل اسمه حفاظا على الشهرة رغم تركه لها.
ربطت والدي بوالده خالنا عبدون خضر صداقة عميقة ممتدة يصدق عليها المثل النوبي ” يشقان تمرة ويأكلانها معا ” بذا تربى عبد الرحمن وإخوته في ظل هذه الصلة الوثيقة لذا اعتدنا أن نتنادى بلقب ” ابن العم “، تماما كأبناء صديق والدي الآخر الحميم عمنا حسين محمد حسين، هذا علاوة على رحمنا الواشجة بوالدتهم، فقد كان د. محمد أحمد يقول لي: أنتم أقرب الناس لنا ويفصل.
بهذه العلاقة الراسخة أعرف عبد الرحمن تماما وطيبته وسخاءه على الأرحام وغيرهم والبلد فهو ” رباي اليتيم وعمار المسيد “، ولاغرو فجده فضيلة الشيخ خضر
ناصر معلم الأبكار وناسخ المصاحف بخط يده، التي أهدى أحدها لمحكمة دلقو وآخر لجدنا الحاج إبراهيم عثمان.
أما حين يصل والدي دنقلا مستشفيا فمكانه بيتهم ومكانته قلوبهم شأن والدهم تماما.
أذكر اجتماعا حاشدا في دار جمعية دلقو بالخرطوم، التي تضم أكثر من ألف عضو كان بصدد تشكيل لجنة مهمة فبادر عبد الرحمن بترشيحي رئيسا لها فاعتذرت نسبة لقدومي للخرطوم حديثا بعد غياب طويل بالسعودية والفلبين لكن الإجماع والإصرار جعلاني أحترم قرارهم وحسن ظنهم.
هكذا كان عبد الرحمن صاحب حضور ورأي في مختلف الفعاليات ومبادرا، بل داعما قويا، فوق شخصيته الودودة المرنة فقد شرفني بالانضمام لعدد من القروبات، التي أسستها وأشرف عليها وظل على المدى مترفعا عن الجدال العقيم، مشاركا بين الحين والآخر بمواضيع مفيدة، ولم يغب عنها رغم ظرفه الصحي.
قبل أيام أدخل العناية بمستشفى بالقاهرة التي لجأ إليها بظروف الحرب بانتكاسة صحية مفاجئة وبذلت جهود فائقة وجميعنا منقبضة نفوسنا والابتهالات تتعالى لكن لا راد لقضاء الله:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم
برحيله الحنظلي اليوم تفقد أمنا دلقو الموجوعة المفجوعة أحد أعز أبنائها البررة، بل الشمال كله، والوطن وتفقد العائلة الممتدة ربانها ودوحتها ورمانة ميزانها.
ابن عمي الحبيب عبد الرحمن صاحب المعالي والمكارم:
تطلعت إلى أن نلتقي قريبا وأسعد بمجالستك الفياضة بالانشراح
لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!
تلطفوا بالدعاء