المحاماة والتحول الرقمي .. المملكة العربية السعودية نموذجاً

المحاماة والتحول الرقمي .. المملكة العربية السعودية نموذجاً
  • 23 فبراير 2025
  • لا توجد تعليقات

ناصر إسماعيل العبيد المحامي والمستشار القانوني

تقوم فكرة المحاماة الرقمية على تقديم الخدمات والإستشارات القانونية للعملاء من خلال المنصات التي تعمل عبر الإنترنت ، مثل المواقع والتطبيقات الإلكترونية ومنصات مواقع التواصل الإجتماعي ، بحيث يكون بمقدور العميل الحصول على الخدمة في أي وقت ومن أي مكان دون الحضور لمقر مكتب المحاماة أو الشركة.
والتحول الرقمي يعني تبني تقنيات حديثة مثل الذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي والحوسبة لتحسين كفاءة المكتب وتوفير خدمات أفضل للعملاء.
ويمثل ذلك تحدي كبير أمام شركات المحاماة في الدول العربية ، نظراً لما يتطلبه من تحويل ممارسة مهنة المحاماة التقليدية لممارسة مهنة المحاماة الرقمية ، وهو ما يسمى بعملية التحول الرقمي لأعمال المحاماة والتي تهدف إلى توفير الوقت والجهد في حصول العملاء على الخدمات القانونية بشكل متطور ومواكب تحقق السرعة في إنجاز الخدمة المطلوبة.
وتعتبر شركة نصر البركاتي وشركاءه أول شركة للمحاماة والإستشارات القانونية في المملكة العربية السعودية قامت بتحويل مهنة المحاماة التقليدية لمحاماة إلكترونية رقمية ، وقد هدفت إلى مواكبة التطور في تقديم الخدمات القانونية ، وبناء فكرة المحاماة الإلكترونية وترسيخها في المجتمع السعودي وتوفير الوقت والجهد والتسهيل للعملاء.
وقد قامت هذه الشركة بإنشاء تطبيق إلكتروني تفاعلي عام 2019م تقدم من خلاله كافة الخدمات القانونية لعملائها عبر الإنترنت ويوفر هذا التطبيق للعملاء جميع المميزات الإلكترونية للحصول على المميزات والخدمات الإلكترونية بأجود المعايير المهنية مستعينة بفريق متكامل من المحامين المتخصصين والمستشاريين القانونيين بالإضافة لفريق من الإداريين والتقنيين المتميزين.
ومن خلال هذا التطبيق الإلكتروني يستطيع العميل وهو في مكانه مكتبه أو منزله وعبر هاتفه أن يطلب الخدمات والإستشارات القانونية بما في ذلك تعبئة البيانات والمستندات ، ورفع تسجيل صوتي بموضوع الخدمة ، والتواصل مع الفريق القانوني ومتابعة سير العمل في الخدمة المطلوبة حتي إتمامها وسداد الفاتورة ، كما حرصت هذه الشركة على التواجد المستمر في الإنترنت من خلال الموقع الذي تستعرض فيه كافة الخدمات القانونية وطرق التواصل وكيفية التواصل مع فريقها القانوني ، وكيفية التسجيل في التطبيق الإلكتروني ، كما قامت بإنشاء حسابات لها في مواقع التواصل الإجتماعي لتحقيق التواصل المستمر مع العملاء.
لذا فإن عملية التحول الرقمي لأعمال المحاماة ليست بالأمر الساهل ، ولكن مسئولية شركات المحاماة تجاه عملائها وحرصها على مصالحهم القانونية تحتم عليها مواكبة التحول الرقمي الذى يحدث في كافة القطاعات ، خاصة التطور في تقديم الخدمات القانونية لما يشتمل عليها من مميزات عديدة منها التعامل عن بعد وعدم الحاجة للزيارة لمقر شركة المحاماة للحصول على المشورة القانونية أو التمثيل القانوني في الدعاوى أو توقيع العقود أو تبادل المستندات ، وإمكانية متابعة العميل للتقارير المتعلقة بسير العمل في الخدمات المقدمة له في أي وقت وإرسال ملاحظاته وطلباته دون الحاجة للإتصال بشركة المحاماة.
بعد ذلك إنتشر التحول الرقمي لمكاتب المحاماة والإدارات القانونية بشكل كبير وأصبحت تدار كل الإجراءات والأعمال بواسطة التكنولوجيا الرقمية والإبتعاد عن العمل التقليدي ، لان التحول الرقمي يساعد على سرعة التواصل بين المحامين.
خطوات التحول الرقمي لمكاتب وشركات المحاماة
أولاً: إنشاء خطة ورؤية اضحة للتحول الرقمي :
يجب على مكاتب المحاماة قبل إتخاذ خطوة التحول الرقمي أن تقوم بإنشاء رؤية واضحة وأن تشارك فيها المحامون العاملون في المكتب وأخذ رأيهم ، لوجود بعض الموظفيين التقليديين الذين يرفضون كل ماهو جديد وتكنولجي بحجة عدم معرفتهم بكيفية التعامل من خلاله ، ولكن بتقديم الرؤية لهم والخطة قد يقومون بإقتراح الآراء والخطط الجديدة وبالتالي يكونون فاعلين في خطة التحول الرقمي .
ثانياً : إختيار برامج التحول الرقمي لمكاتب المحاماة :
يجب على مكتب المحاماة أن يقوم بإختيار برامج التحول الرقمي التي يعمل من خلالها وتحديد أفضلها وأسهلها ، حتي تكون عامل مرن لنجاح خطة مكتب المحاماة في التحول الرقمي ، ويعد برنامج دعوي من البرامج المهمة والمرنة والمعدة لجميع أنواع مكاتب وشركات المحاماة خاصة المكاتب الحديثة في التحول الرقمي .
ثالثاً : تدريب المحامون والموظفون على برامج التحول الرقمي :
وهذا أمر مهم جداً لنجاح عملية التحول الرقمي ، ولتحقيق هذا الهدف لابد من تحديد الإحتياجات التدريبية للمحاميين والموظفيين التي تتعلق بالتحول الرقمي والقيام بإختيار البرامج التدريبية التي تتناسب مع إحتياجات المكتب ، كما يجب أن تتضمن هذه البرامج تدريب على البرمجيات والتطبيقات الرقمية اللازمة للتحول الرقمي ، وتقديم التدريب بشكل متكرر لضمان تحديث المهارات والمعرفة اللازمة للمحاميين والموظفيين بواسطة خبراء تدريب محترف بشكل فعال ومنتظم .
رابعاً : إستخدام فكرة وحدة الإبتكار في التحول الرقمي :
أي توصيل إمكانات الرقمنة لجميع الموظفين من خلال معرفة المهارات والتخصصات المختلفة حتى يكون العاملين في تعاون مستمر ، ولأجل الجمع بين المعرفة القانونية والإدارية والتقنية والتجارية في التحول الرقمي ، لذا لابد من إنشاء وحدة للإبتكار والتكنولوجيا القانونية ، وأن تكون مرتبطة بقسم تطوير الأعمال .
خامساً : إستخدام الذكاء الإصطناعي :
يعد إستخدام الذكاء الإصطناعي بشكل فعال في شركات المحاماة والمكاتب لتحسين الكفاءة وتسريع العمليات القانونية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للعملاء ، كما يجب إستخدامه في تحليل البيانات القانونية والتنبؤ بنتائج القضايا وتحليل الأدلة والشهادات والتقارير والوثائق القانونية الأخرى ، كما يستخدم في التعرف على النص لتحويل المستندات الورقية إلى نصوص رقمية ، ويستخدم لتحليل أداء المكتب والتوصية بالقرارات ، كما يستخدم لإدارة الملفات القانونية وتحديد الأولويات والمواعيد النهائية ومراجعة الوثائق والإجراءات .
سادساً : الحفاظ على الأمان الرقمي :
وهذا أمر حيوي لحماية البيانات والمعلومات الحساسة للعملاء ، خاصة المكاتب الحديثة في التحول الرقمي وذلك لمنع الإنتهاكات الأمنية والإلكترونية ، لذا وللحفاظ على الأمن الرقمي للمكاتب لابد من إستخدام برامج مكافحة الفيروسات واالبرامج الضارة ، وتشفير الملفات والبيانات ، وإستخدام كلمات مرور قوية وتغييرها بإنتظام ، والتأكد من تحديث البرامج المستخدمة بإنتظام بالحصول على أحدث إصدارات البرامج ، وعمل نسخ إحتياطية من الملفات والبيانات الحساسة بإنتظام وتخزينها بعيداً عن المكتب الرئيسي ، والتأكد من أنه لا يمكن الوصول إليها من قبل أي شخص غير مصرح له .
ومما سبق نجد أن عملية التحول الرقمي لمكاتب وشركات المحاماة ليست بالامر السهل ، لذلك يجب على كل مكتب تحديد الخطوات اللازمة قبل البدء في خطوات التحول لتجنب الثغرات ومبطلات العمل ، وبالتالي يمكن أن تنجح خطوة المكتب في التحول وبداية العمل القانوني بشكل مختلف عن العمل التقليدي .
لذلك تحولت العديد من الشركات والمؤسسات إلى العمل الإلكتروني والتحويل الرقمي في الفترة الأخيرة خاصة مكاتب المحاماة لأنها تحقق كثير من الفوائد التي تتمثل في الآتي :
1/ يمكن العميل من الوصول إلى خدمات المحاماة عبر الإنترنت في أي وقت يرغب فيه.
2/ يتيح التحويل الرقمي الحصول على الوثائق والمستندات القانونية بسهولة ويسر.
3/ يوفر إمكانية التواصل وتبادل المعلومات بسرعة وفاعلية .
4/ يعزز عملية إدارة الحسابات والدفعات المالية بطريقة مريحة وآمنة.
5/ يمكن من تخزين وإسترجاع الملفات والمستندات بطريقة سريعة وفعالة.
6/ كما يمكن المحامين من تقديم خدمات عالية الجودة بالإستجابة السريعة لإحتياجات العملاء وتوفير المشورة القانونية المهنية وتقديم الوثائق القانونية بشكل فعال ، وتوفير الدعم والمتابعة.
7/ كما يسمح للمحاميين بتتبع المستجدات في القضايا ومشاركة المعلومات بين الفريق ، مما يعزز التعاون والتنسيق بين أعضاء المكتب ، وبين العملاء والمحاميين .
الفروع الإلكترونية لشركات المحاماة
أصبحت الفروع الإلكترونية للمحاماة ذات أهمية كبيرة في العصر الحديث بسبب التحولات التكنولوجية والتقنية ، مما جعل شركات المحاماة تخطو خطوات ثابتة نحو هذا التطور وتتجاوب مع متطلبات العصر في سبيل تقديم خدمات متميزة لعملائها ، حيث تعد الإبتكار والتكنولوجيا أدوات أساسية تعزز كفاءة الخدمات القانونية وتسعي لتحقيق مزيد من الشفافية والدقة في العمل القانوني من خلال إستخدام التكنولوجيا والتقنية مثل إستخدام المواقع الإلكترونية والذكاء الإصطناعي مما يمكن الشركات من تحقيق التواصل مع العملاء وتلبية إحتياجتهم بشكل أفضل ، وتستطيع أن تتجاوز الحدود التقليدية وتتحول لشركات متطورة وتسهم في بناء مجتمع قانوني شامل ومتطور.
خطوات إنشاء الفروع الإلكترونية لشركة المحاماة في السعودية
إن إنشاء موقع إلكتروني لشركة محاماة في السعودية يتطلب عدة خطوات لضمان نجاح العملية وتحقيق الأهداف المرجوة ، وهذه الخطوات هي :
إختيار إسم الفرع لشركة المحاماة بصورة مميزة وإحترافية يعكس هويتها ويسهل الرجوع إليها والبحث عنها.
تصميم الموقع الإلكتروني بصورة مبسطة تعكس هوية الشركة وضمان تصميم متجاوب.
إضافة محتوى مفيد للفرع يعكس خبرة الشركة وتخصصها وتحسين محركات البحث لها.
توفير معلومات قانونية مهمة في الفرع مثل المقالات والأخبار والأنظمة واللوائح والمعلومات القانونية العامة.
الإهتمام بالأمان في الفرع أي ضمان حماية الموقع من الهجمات الإلكترونية وتشفير البيانات ، وتحديث الموقع بإنتظام.
الترويج للموقع الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الخطوات تمكن شركة المحاماة من الإستفادة من الفرع الإلكتروني بشكل فعال يزيد من تواجدها الرقمي على الساحة مما يساهم في تحقيق الأهداف بشكل أفضل.
مزايا إنشاء فروع إلكترونية لشركات المحاماة
أن عملية إنشاء فروع إلكترونية لشركات المحاماة يتيح العديد من المزايا التي تتمثل في الآتي :
وصول أوسع للعملاء بما في ذلك العملاء الدوليين الذين يمكنهم الوصول للخدمات عبر الإنترنت.
زيادة الوعي والشفافية وتعزيز الوعي القانوني والشفاقية مع العملاء.
توفير الوقت والجهد عن طريق تمكين العملاء من البحث عن المعلومات والخدمات بسهولة دون الحوجة للوصول للمكتب القانوني والتأكد من الإختصاص والخبرة.
تعزيز الثقة والمصداقية مما يعكس إحترافية الشركة وبناء علاقات قوية ومستدامة.
تقديم خدمات عبر الإنترنت مثل الإستشارات القانونية التي تتم عن بعد أو تقديم المستندات القانونية مما يزيد قدرتها على تلبية إحتياجات العملاء بشكل فعال.
وفي الختام يتضح أن مواكبة شركات المحاماة في السعودية للتطورات التقنية الحديثة لم يعد مجرد خيار ، بل أصبح ضرورة ملحة وأمر حيوي لتحسين جودة الخدمات القانونية المقدمة للعملاء بشكل أسرع وأكثر فاعلية وشمولية كما أن إستثمار الشركات من أدوات تكنولوجية متقدمة سيؤدي إلى تحسين التواصل مع العملاء وتسهيل الوصول المعلومات القانونية ، والإرتقاء بمستوي الخدمة المقدمة ، لذا يجب على هذه الشركات الإستجابة لإحتياجات العملاء وتلبية توقعاتهم ، وإعتماد إستراتيجية واضحة لرقمنة عملياتها والإستثمار في الحلول التكنولوجية المتطورة بما يضمن بقاءها في الساحة وتعزيز ريادتها في السوق المحلية والإقليمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*