جملة مفيدة… ولا أسف

جملة مفيدة… ولا أسف
  • 02 مارس 2025
  • لا توجد تعليقات

ياسر فضل المولى

تمر علينا هذه الأيام ذكرى رحيل زعيم أمة الهلال الطيب عبدالله ومعها تمر سحابة عشم في بلد آمن يقوم عليه رجال يحبونه كما أحب الطيب الهلال، وقادة يديرون أمره بضمير حي وعقل مفتوح كما كان عقل الطيب اللماح وضميره النقي…
مرت ذكرى الطيب كسحابة خريف تروي الزرع وتملي الضرع، مرت ذكراه ومعها مر أمامنا طيفه الجميل، بملامحه الراسخة في الوجدان بذات الابتسامة المضيئة والصرامة البائنة… بذات العمامة المطوية واللفحة الصوفية والهيبة الشخصية، وبذات الوقار والكاريزما الفريدة..
ولعل الزعيم الطيب عبدالله رحمة الله تغشاه هو الوحيد الذي أصبحت ذكرى وفاته عيدا لدى محبيه وعارفي فضله … نعم عيد تنغمس به النفوس في حالة دعاء لا ينقطع ورجاء كريم لا يخيب.. وتتسابق المشاعر تسأل الله أن يجمعها به في الفردوس الأعلى تحت لواء سيد البشر أجمعين.. قائد القر المحجلين… محمد بن عبدالله الطيب الأمين…
نعم عيد لأن الناس في ذكرى وفاته يتنادون لذكر مآثره وحسن صنيعه سواء داخل محيط الهلال أو في المجتمع.. فطيب القوم كان كتلة انسانية تمشي على رجلين.. ونهر عطاء يفيض على مر السنين… وموسم خريف ينتظره الظمآ والمحرومين… نعم فقد كان الطيب فريد عصره الما متلو زول.
يحتفل الناس بذكرى الطيب كل عام لينهلوا من المخزون المعرفي والإنساني الذي تركه وشكّل دستوراً ملزماً لكل من دلف لغرفة القيادة الزرقاء أو من ذهب يبتغي له عند الناس قيمة..
كان البابا للإداريين مدرسة وللأقطاب قدوة وللمدربين دليل وعند اللاعبين قيمة وانتماء وعند الإعلاميين قصة نجاح … كان الطيب كشكول عطاء ودليل نجاح ومصدر خطط ومضخة أفكار… كان الطيب زعيم أمة وملهم شعب وقائد كيان… نعم عاش الطيب متفرداً متميزاً فريد عصره في كل شي … إداري عبقري رئيس نادي قائد، إنسان ودود رجل مجتمع من طراز فريد، واصل ومواصل، مسؤول راكز ورجل مبادى قوي لا تضعفه نائبة، وجبل لا تهزه ريح، ومع ذلك عاش إنساناً وديعاً، صاحب ذوق رفيع وقلب كقلب رضيع …
اتصف الطيب بكبرياء يبهر وهيبة تسحر، وبطيبة مؤمن وبساطة درويش وتواضع علماء.. نعم فقد كان عالماً في فنون الإدارة، ومع ذلك كان “ود السارة” هينا لينا تهزه الكلمة الطيبة، وتهزمه دمعته في المواقف الإنسانية.
عرف عن البابا إفراد مساحات من زمنه لمشاورة المقربين وأهل الثقة، فكان يشاور ويناور.. يفكر ويقدر.. ثم يقرر فتأتي قراراته لا فيها شق لا طق، تلامس أشواق الجماهير وتطلعات المحبين. كان الطيب لا يجامل في حقوق الهلال رئيس بحق وحقيقة … وإداري شيخ طريقة.
لنا مع الطيب مواقف نفخر بها ولانمل ذكرها، ولعل أكبر دليل على حبه للهلال ما أنفقه لأجله من أراض، وعقار، ومزارع، ومحلات.. وهنا أذكر يوماً كنت معه بداره العامرة في المنشية حين سألته مازحاً …ياريس إنت من أوائل الناس السكنوا المنشية معقول ماعندك فيها غير بيت واحد؟ فرد في هدوء، إيه رأيك لوقلت ليك من هنا لحد شارع الستين كان عندي 18 قطعة أرض؟ فقلت له طبعا كلها بعتها عشان الهلال فرد في هدوء ….. ولا أسف..
هكذا كان يحب الطيب هلاله … وهكذا كان ينفق لأجله إنفاق من لا يخشى الفقر.. أما مكانة الطيب عند الناس وشهرته بينهم فقد شاهدتها بأم عيني ونحن نرافقه في رحلة إلى المدينة عرب لحضور زواج الأخ الحبيب مدثر علي البشير نمتطي سيارة أمين مال الهلال يومها الأمين عبدالمنعم، فرأينا كيف يتابعه الناس على طول الطريق من قلب السوق العربي وحتى المدينة عرب بالنظرات والتحيات وإشارات الإعجاب والمناداة عليه ياريس… ياريس وهو يرد التحايا في سعادة بائنة مع أريحية وتواضع .
وإن سألتوني ماهو العمل الصحفي الذي شكل نقطة تحول في حياتك المهنية أقول دون تردد ذاك الحوار الصحفي الذي أجريناه مع البابا أنا وزميلي عوض أحمد عمر وتزينت به جريدة الدار على مدى ثلاثة أعداد كانت حديث الإعلام وأهل الرياضة، كانت إجابات البابا على الأسئلة كراسة كاملة أمتع فيها الطيب الناس بلغته الرصينة وعباراته الفريدة وأسلوبه الرائع البديع، فكان أحب الحوارات الصحفية إلى نفسه، وأهم الأعمال الصحفية في حياتنا. وهنا أجدد تحياتي لأستاذي شجرابي الذي كان حلقة الوصل بيننا والبابا ولم يكن لنا معه من قبل تواصل عن قرب. وبعد هذا العمل أصبحنا من أقرب الناس إليه ومكان ثقته بجانب الأخوين ياسر عائس وقسم خالد..
جملة أخيرة:
نم قرير العين طيب القوم فمازال الناس تذكرك بالخير، ومازال أهل بيتك مكان تقدير واحترام شعب الهلال، ومازالت المنشية هي وجهة المخلصين، ومسيد المحبين، ودارك هي البرلمان الأزرق الذي يتنادى له كبار الهلال وقادته.. فمهلاً ياحرب الخراب مهلاً، فالمنشية تشتاقنا ونشتاقها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*