منذ عام تقريبًا، وأنا أمرّ على جورج، بائع الخضار والفواكه الأسبوعي في سوق الأحد بضاحية بوتل في ليفربول. جورج قصير وممتلئ، لكنه نشيط الحركة، في الخمسينيات من العمر. غالبًا ما أشتري منه بعض الخضار، أما الفواكه، فأحبّ أن أقتني منه التفاح دون غيره.
كنت أفاتحه كلما لاحظت نقيصة في عبوة التفاح، وكان ذلك أمرًا لا يتطلب مني جهدًا كبيرًا. جورج كان دائمًا يبرر الأمر بزوجته، وكان يتنهد في وجهي وهو يقول: “إنها بخيلة، لا تقبل بغير ذلك.” وهكذا، أصبحتُ كلما عدت إليه بعد انقضاء الأسبوع أسبقه بعبارة: “يبدو أن المدام اليوم فعلت فعلتها!” وكان يضحك دون أن ينفي ما أقوله له.
اليوم، الأحد، جئتُ إلى جورج، فتبادلنا النظرات، لكنه أشاح بوجهه عني، ثم ما لبث أن اقترب منى قائلاً بصوت حزين: “أنا اليوم حزين.”
سألته بقلق: “يا إلهي! ترى ما السبب؟ هل تشاجرتما بسبب عبوة التفاح؟”
جاء رده مباغتًا: “لا، لقد توفيت.”
لم أصدق ما سمعته، لكن كان عليّ أن أُسرع بتقديم واجب العزاء، فقلتُ بصدق: “تعازيّ الحارة.”
نظر إليّ وهو منشغل بمبايعة زبون آخر، ثم قال بلا اكتراث: “لا تقلق، سأجد غيرها.”
عندها لزمت الصمت، تجوّلت ببصري بينه وبين عبوات التفاح، ولاحظت أنها أقل بكثير من أي وقت مضى.