هل يمكن إنقاذ السودان من الانهيار الكامل أم أنه ضحية لمخططات دولية تهدف إلى إزالته من خارطة العالم؟

هل يمكن إنقاذ السودان من الانهيار الكامل أم أنه ضحية لمخططات دولية تهدف إلى إزالته من خارطة العالم؟
  • 17 مارس 2025
  • لا توجد تعليقات

محجوب إبراهيم الخليفة

▪️يواجه السودان تحديات غير مسبوقة تهدد بقاءه كدولة مستقلة موحدة، في ظل اشتداد الصراعات الداخلية وتزايد التدخلات الخارجية. في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من النزاعات المسلحة والانهيار الاقتصادي، تتردد بقوة نظريات حول وجود مخططات عالمية تستهدف تحويل السودان إلى “دولة فاشلة” ومن ثم تفكيكه إلى كيانات صغيرة، في إطار مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي تم طرحه في الدوائر السياسية الأمريكية والصهيونية منذ عقود.
المخططات السرية لإغراق السودان في الفوضى.

▪️على مدار العقود الماضية، كان السودان محور اهتمام القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، نظرًا لموقعه الاستراتيجي وثرواته الطبيعية الضخمة. وُضعت العديد من الخطط لزعزعة استقراره وإضعافه، بهدف تحقيق أهداف جيوسياسية واقتصادية بعيدة المدى.
1- مشروع “الشرق الأوسط الجديد” وإعادة رسم الحدود
▪️يُعد مفهوم “الشرق الأوسط الجديد” استراتيجية أمريكية إسرائيلية تهدف إلى إعادة تقسيم الدول العربية والإفريقية إلى كيانات أصغر، بما يسهل السيطرة عليها ويمنعها من تشكيل أي تهديد مستقبلي للمصالح الغربية. يعود أصل الفكرة إلى خريطة نشرها الضابط الأمريكي رالف بيترز عام 2006 تحت عنوان “حدود الدم: كيف سيبدو الشرق الأوسط بشكل أفضل؟”، حيث اقترح تقسيم الدول الكبرى في المنطقة إلى دويلات عرقية ودينية وطائفية، لضمان التفوق الإسرائيلي وتقليل فرص ظهور دول قوية ذات سيادة.
▪️بالنسبة للسودان، فقد كان مستهدفًا منذ عقود ضمن هذا المشروع، وهو ما تجلى في الآتي:
▪️فصل جنوب السودان (2011): سعت الولايات المتحدة، بدعم إسرائيلي مباشر، إلى تقسيم السودان عبر دعم الحركة الشعبية لتحرير السودان، مما أدى إلى انفصال الجنوب وفقدان البلاد لجزء كبير من مواردها النفطية.
▪️إشعال النزاعات الداخلية:
بعد انفصال الجنوب، لم يتوقف التدخل الغربي، بل انتقل إلى تغذية الصراعات في دارفور، النيل الأزرق، وجبال النوبة، بهدف استنزاف السودان وإضعاف سلطته المركزية.
▪️الترويج لفكرة الحكم الذاتي والتقسيم الداخلي: ظهرت دعوات متكررة لمنح حكم ذاتي لمناطق مثل دارفور وشرق السودان، مما يمهد الطريق لتفتيت السودان إلى عدة كيانات، وفقًا للخطة الأمريكية الإسرائيلية.
2- استخدام الحروب الداخلية لإضعاف الدولة
▪️تعتمد المخططات السرية على تكتيك “التفكيك من الداخل”، حيث يتم دعم المليشيات المسلحة وإذكاء الصراعات القبلية والعسكرية لخلق حالة من الفوضى المستمرة، ومن أبرز هذه الأدوات:
▪️دعم الحركات المسلحة:-
تم تزويد الفصائل المتمردة في دارفور بالسلاح منذ أوائل الألفينات، بتمويل غربي وإسرائيلي، بهدف تحويل الإقليم إلى منطقة غير مستقرة.
▪️تغذية الانقسامات داخل الجيش. ظهر هذا بوضوح في الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث يُعتقد أن بعض القوى الخارجية قد لعبت دورًا في تأجيج الخلاف بينهما، لضمان استمرار القتال وإضعاف الدولة.
▪️إدخال مرتزقة وقوات أجنبية إلى المشهد السوداني: تشير تقارير إلى وجود مجموعات أجنبية تقاتل داخل السودان، بعضها مدعوم من قوى إقليمية ودولية تسعى لضمان انهيار الدولة.
3- حصار السودان اقتصاديًا وإغراقه في الأزمات
▪️لم تقتصر المؤامرات على الجانب العسكري، بل شملت أيضًا الحرب الاقتصادية، عبر:
فرض عقوبات دولية متواصلة:-
▪️منذ التسعينات، فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية خانقة على السودان، مما أدى إلى عزله عن النظام المالي العالمي وإضعاف قدراته التنموية.
السيطرة على الموارد:-
▪️تم استغلال النزاعات الداخلية لتعطيل استغلال السودان لثرواته الطبيعية، خاصة الذهب، حيث تُشير تقارير إلى أن جزءًا كبيرًا منه يتم تهريبه إلى الخارج.
▪️منع المشاريع الكبرى:-
كلما حاول السودان تنفيذ مشروعات تنموية كبرى، مثل قاعدة الصناعات التحويلية التي تمكن السودان التوقف عن تصدير المواد الخام وتصديرها مصنعة للاسواق العالمية ،بجانب استخراج البترول والغاز الطبيعي واليورانيوم والذهب والنحاس، والحديد والسليلكون وغيرها ، واجه ضغوطًا سياسية من القوى الغربية لمنع تحقيق أي استقلال اقتصادي حقيقي.
4- استخدام الإعلام والتأثير الثقافي لنشر الفوضى
▪️يتم التلاعب بالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الفتنة وزرع الشكوك بين مكونات المجتمع السوداني، من خلال:
▪️تضخيم الانقسامات القبلية والإثنية: الترويج لروايات تهدف إلى تعميق العداء بين القبائل، مما يسهم في تفتيت النسيج الاجتماعي.
▪️دعم الحركات السياسية العميلة: تمويل منظمات وأحزاب تعمل وفق الأجندة الغربية، بهدف التأثير على القرارات السياسية الكبرى.
▪️تشويه صورة القوات المسلحة والأجهزة السيادية: الهدف هو زعزعة الثقة في الجيش ومؤسسات الدولة، تمهيدًا لإضعافها أو تفكيكها.

كيف يمكن حماية السودان من السقوط والانهيار؟

▪️في مواجهة هذه المخططات، يحتاج السودان إلى استراتيجية شاملة للحفاظ على وحدته واستقراره، تشمل:
1- تحقيق التوافق السياسي ونبذ الطموحات الفردية
▪️على جميع القوى السودانية أن تدرك أن الاستمرار في الصراع سيؤدي إلى انهيار الدولة بالكامل، وهو ما يتطلب تقديم تنازلات حقيقية.
▪️يجب تبني رؤية وطنية لا تُقصي أي طرف، والتخلي عن الرهان على الدعم الخارجي الذي لن يخدم إلا مصالح القوى الأجنبية.
2- عقد مؤتمر قومي سوداني شامل
▪️جمع كل القوى السياسية والعسكرية والمدنية في مؤتمر وطني يهدف إلى وضع خارطة طريق لإنقاذ البلاد، تشمل:
▪️إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة.
▪️إطلاق مبادرات مصالحة وطنية تضمن عودة اللاجئين وتعويض المتضررين.
▪️الانتقال السياسي السلمي دون تدخل عسكري في الحكم.
▪️صياغة دستور دائم يحقق العدالة في توزيع السلطة والثروة.
3- بناء مؤسسات قوية وإصلاح الجيش
▪️إعادة تأهيل وبناء الجيش السوداني الوطني موحد بعيدًا عن الانتماءات القبلية والسياسية.
▪️تفكيك المليشيات المسلحة ودمجها ضمن الجيش القومي للدولة.
▪️إصلاح القضاء ومحاربة الفساد لضمان سيادة القانون.
4 – استعادة الاستقلال الاقتصادي
▪️وقف تهريب الموارد الطبيعية، والاستفادة من ثروات السودان في التنمية المحلية.
▪️تشجيع الاستثمار الوطني في الزراعة والصناعة، لضمان الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الخارج.
5- تبني سياسة خارجية متوازنة
▪️إعادة تقييم العلاقات الخارجية لضمان استقلال القرار السوداني.
▪️تعزيز التعاون مع القوى الصاعدة (كالصين وروسيا) للحد من التأثير الأمريكي والصهيوني.
▪️العمل على استعادة الدور الإقليمي للسودان في القارة الإفريقية.
▪️يمر السودان بتحديات حاسمة في تاريخه، إما أن ينجو من الانهيار عبر تبني سياسات حكيمة تحمي سيادته، أو يسقط ضحية للمخططات الدولية التي تستهدف تفكيكه. الأمر يتوقف على مدى استعداد القوى الوطنية للتخلي عن المصالح الضيقة ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. الحل يبدأ عندما يقرر السودانيون أن بلدهم ليس للبيع، وأن وحدته واستقراره أولوية لا تقبل المساومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*