إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.. وهم العودة إلى الماضي

إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.. وهم العودة إلى الماضي
  • 20 مارس 2025
  • لا توجد تعليقات

مصباح أحمد محمد

في ظل الحرب والأزمات، تظهر أصوات تحاول استغلال الفوضى لإحياء الأمل في إعادة نظام فقد شرعيته وسقط تحت ضغط الشعب السوداني. هؤلاء لا يتعلمون من دروس الماضي، بل يعتقدون أن بإمكانهم إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، متناسين أن التاريخ لا يعيد نفسه إلا بشكل هزلي، وأن الحرب لن تكون وسيلة لتحقيق هذه الأوهام البائسة.

لقد سقط النظام الاستبدادي السابق لأسباب واضحة وموضوعية، أبرزها الفساد، الظلم، القمع، والمحسوبية، وتحويل الدولة إلى دولة حزب بدلاً من دولة وطن، إلى جانب انعدام الكفاءة. من يحاول إعادته اليوم يتجاهل هذه الحقائق، ويظن أن المشكلة كانت في الأشخاص وليس في المنظومة نفسها. لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الشعوب لا تثور عبثًا، بل تصل إلى نقطة اللاعودة، حيث يصبح التغيير ضرورة حتمية .
إن الفوضى التي أحدثتها هذه الحرب منحت الانتهازيين الفرصة للظهور مجددًا، مدّعين أن الماضي كان أفضل، وأن الحل يكمن في إعادة النظام القديم. هؤلاء لا يريدون بناء دولة جديدة، بل يسعون إلى استعادة امتيازاتهم التي فقدوها، غير مبالين بمصلحة الوطن والشعب. ولذلك، لن يتخلوا عن أجندتهم الحربية إلا بتحقيق مصالحهم الذاتية ، وقد إستخدموا كل وسائل الإعلام لتضليل المجتمع وتوجيهه لصالح أجندة الحرب، وقد نجحوا في خداع جزء من الناس لبعض الوقت، لكن لا يمكن خداع الجميع إلى الأبد. التجارب السابقة أثبتت أن مقاومة التغيير ومحاولة إعادة الأنظمة المرفوضة لا يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى والانهيار، لأن الشعب الذي تذوق طعم الحرية لن يقبل بالعودة إلى القمع والإستبداد.
ان التفكير في العودة إلى الوراء ليس فقط مستحيلاً، بل هو أيضًا ضرب من العبث. الحل لا يكمن في إعادة إنتاج الماضي، بل في التعلم من أخطائه وبناء مستقبل جديد يعكس تطلعات الشعب السوداني بمشاركة كل مكوناته. فمن لا يستفيد من دروس التاريخ، محكوم عليه بتكرار أخطائه، ولكن هذه المرة بثمن أكبر وأقسى.
السودان بحاجة إلى رؤية جديدة، قيادة واعية، وحلول جذرية، وليس إلى محاولات يائسة لإعادة إنتاج الفشل.

musbahahmed99@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*