تحرير القصر الجمهوري تحول في المشهد العسكري والسياسي

تحرير القصر الجمهوري تحول في المشهد العسكري والسياسي
  • 22 مارس 2025
  • لا توجد تعليقات

د. حسين عمر عثمان

ببدو أن هناك تحولات جوهرية في ميدان الحرب قد تفرض واقعًا جديدًا بعد ما تمكنت القوات المسلحة من السيطرة على ولاية الخرطوم، العاصمة السياسية. وان دخول القصر الجمهوري يحمل دلالات متعددة الاتجاهات، ويشير إلى أن الحرب ستأخذ منحى آخر، مما يطرح سؤالًا: ماذا يعني تحرير القصر الجمهوري (رمزية المكان)؟ إن تحرير القصر يمثل تحولًا في موازين المعادلة الحربية، خاصة في ظل تحصن قوات الدعم السريع بالمنازل وداخل المؤسسات والمباني الحكومية، وتمركزها في المواقع الاستراتيجية. حيث كان استخدام القوة العسكرية في قلب العاصمة الخرطوم يمثل تحديًا للقوات المسلحة، لكن نجاح القوات المسلحة في تحقيق هذا الهدف سيكون له تأثيرات مهمة على المستوى العسكري أو السياسي أو الاجتماعي، فضلًا عن الرسائل الإقليمية والدولية التي يحملها بشأن مستقبل البلاد. ويمثل هذا التطور تحولًا جذريًا في المشهد، حيث يعني أن قوات الدعم السريع قد فقدت أكثر من مجرد السيطرة على الخرطوم، بل تراجعت مكانتها كقوة محاربة بشكل كبير. إن هذا السيناريو يعني أن القوات المسلحة السودانية قد أحرزت انتصارًا استراتيجيًا يتجاوز مجرد استعادة العاصمة السياسية، ليشمل استعادة السيطرة على المرافق الحيوية مثل القصر الجمهوري والمؤسسات العسكرية والحكومية. ومع ذلك، فإن تحرير الخرطوم لا يعني بالضرورة نهاية الحرب، إذ تبقت مناطق أخرى في السودان خاضعة لتأثيرات النزاع أو تشهد معارك بين الطرفين، لذا سيكون على القوات المسلحة الحفاظ على جاهزيتها العسكرية والاستعداد لمواجهات محتملة في مواقع أخرى. رغم أن تحرير العاصمة سيؤدي إلى تغييرات جوهرية في موازين القوى السياسية لصالح الحكومة السودانية، بإعادة التوازن العسكري وسد الفراغ السياسي، ويعطل فكرة الحكومة الموازية التي تسعى قوات الدعم السريع إلى تشكيلها في المناطق الخاضعة لسيطرتها. من الناحية الاجتماعية، لا يعني تحرير الخرطوم بالضرورة انتهاء المعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب، إذ فقد العديد من المواطنين منازلهم وأصبحوا نازحين أو لاجئين. كما أن إعادة الخدمات الأساسية إلى المواطنين ستتطلب جهودًا مكثفة، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه إعادة الإعمار والاستقرار. وقد تستغرق عملية إعادة بناء العاصمة وقتًا طويلًا لضمان عودة الأوضاع إلى طبيعتها.
على المستوى الإقليمي والدولي، فإن تحرير الخرطوم سيوجه رسالة قوية مفادها أن النظام في السودان قادر على فرض الاستقرار، وهو ما قد يعيد فتح قنوات التواصل مع المجتمع الدولي على المستويات السياسية، والدبلوماسية، والتجارية… إلخ. ويدفع هذا التطور القوى الدولية إلى إعادة النظر في مواقفها تجاه الحكومة السودانية، فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية أو بدعم جهود إعادة الإعمار.إن تحرير القصر ليس مجرد نصر عسكري، بل هو بداية لمرحلة جديدة مليئة بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتطلب المرحلة المقبلة جهودًا مخلصة وضخمة لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس قائمة على السلام والعدالة والمساواة، مع تعزيز الدعم الداخلي والخارجي لضمان تعافي البلاد من الصراع والدمار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*