ليلة تتويجي الباهية

ليلة تتويجي الباهية
  • 24 مارس 2025
  • لا توجد تعليقات

أنور محمدين

المطر في تسكابه يتصل .. قبيل فطور رمضان بنحو ساعة
يدخل العزيز شريف يحمل كما من المأكولات مقدرا فيما ملابسه مستها حبيبات الغيث، يعقبه العزيز قناوي ينوء بما حمل، ثم ينهمر توافد الأحباب حتى امتلأت صالة دارنا الرحيبة فيما انداح حضور السيدات الفضليات في الصالة الأخرى، ما استوجب الاستعانة بكراسي الحديقة.
يرفع الأذان فتهل ساعة البطون وأمامها ما لذ وطاب كيفا وكما في تشكيلات راقية،
وتبعتها المشروبات الباردة منها والساخنة في جو غاية في اللطف والإيناس والقهقهات المجلجلة بينما أنعم بحلو مر منعش شجعتني لذاذته على ” تدبيله”!
أحضن العريس مجدي بشوق وهو العائد من شهر عسل مديد بالمغرب، الذي أحمد له حرصه على الاطمئنان على صحتي إثر عمليتي وهو يومها بين عقد القران وحفلة الزفاف وقال لي:
وصلت أمس ورغم رهقي حرصت على وداعك.
على يميني الوجيه مجذوب طلحة محافظ الخرطوم الأسبق وحديث طلي عن الزمن الجميل ممتدا لمجريات اليوم، فأبثه قلقي من فقدان مخطوطات سيرتي الذاتية، التي صغتها بهمة وتركيز خلال أشهر، وأودعتها دولابي في بيتنا بالمعمورة في انتظار الطبع، وهو يشاركني التخوف من فقدان وثائق أراضي الأسرة في الخرطوم والجزيرة، المموضعة في بيتهم في حي الرياض وتتدفق دعواتنا بالاستقرار والعودة للبيوت ومصادر الأرزاق، هنا يتدخل ابنه مهندس البرمجيات العزيز مازن ذاكرا أنهم كانوا بصدد ترتيب سهرة رمضانية في بيتهم، غير أنهم فوجئوا بسفري اليوم التالي، مضيفا ” نعرف شوقك العارم للسودان ولكنا سنفتقدك”.
العزيز شريف يفرقع معلومة أن جدهم الكبير من دلقو، وأنه استقر بالأبيض نسبة لزواجه منها قبل عقود، وأن عمه حامد محمد نور تولى منصبا وزاريا اتحاديا، وأضاف أنه وصل كرمة في مهمة حالت الظروف وقتها دون وصوله دلقو.
مهلا شريف الاستقصاء هنا يحتاج لأسلوب الحفر بالإبر على جدار المعلومات بروية عند عودتي لننفذ للجذور، رغم تحدي بعد المديين المكاني والزماني.
شارك في ” اللمة “
الرائعة 4 من أحبابنا الجزائريين بلطفهم المعسول، الذين توثقت علائقنا بهم عبر ابننا د. معتصم عبد الرحيم، الذي يحبونه كثيرا فيسألوني:
متى يتزوج معتصم؟
أقول: حينما يفرغ من جمع الدولارات.
فيعقبون ضاحكين:
الزواج لا يحتاج لكثير مال:.
أقلهن مهرا أكثرهن بركة.
وللسودان منزلة سامية في أفئدة الجزائريين منذ أن طلب قادة التحرير من القطب الاتحادي، ممثل السودان في الجامعة العربية خضر حمد سرعة إنقاذهم من تربص المستعمر فرتب على عجل قافلة إبل محملة بالأسلحة عبر الصحراء خفية كانت كفيلة بكسر الطوق ونجاة قيادة المقاومة التي تبوأت سدة الحكم عند نيل الاستقلال.
وصل متأخرا المهندس جمال الإريتري- السوداني، صديق الأسرة، الذي يتولى هندسة ما يستدعيه بيتانا في سياتل من إضافات وصيانة بمهارة فائقة وإخلاص عال ويعدني بزيارتي في السودان، فأقترح أن يطلب والديه من كرن للسودان وقته.
الأنس يتدفق ممتدا حتى ساحل انتصاف الليل، ونخبة العقد الفريد كأزهار الحديقة الفواحة لكل لونه وعطره وسحره.
الأطفال الرائعون، الذين يضفون جوا من البهجة في لهوهم وصعودهم السلالم ونزولها ينتزعهم آباؤهم انتزاعا للمغادرة فنخرج معهم ونودعهم في سياراتهم المصطفة في الحديقة وخارج البيت مع جزيل الامتنان على فطورهم الجماعي الفاخر الذي نظموه على شرفي، فيما تأتلق النجيمات البعيدة في قبة السماء كأنها تحاكي انشراحنا، والأنسام يدغدغنا شذاها:
يا نسيم أرجوك روح لها وحييها
بالغرام ال بي والشجون أحكيها
..أتجه إلى مخدعي في نشوة طاغية على هذا الاحتفاء الرفيع، الذي ذكرني بحفلات وداعي الحاشدة المؤثرة في الرياض والدمام.
اليوم التالي يصل بنا المطار الأصفياء معتصم ونزار ومحمد سر الختم ” وزة”، الذي يقول إنه سيستقبلني عند عودتي لسياتل بدرع ” أشواط العمر ” وهو عنوان صفحتي في فيس.
ولايزال دفق مشاعرهم يغمرني في استانبول حسناء بحر مرمرة الأخاذة، قنطرة الشرق والغرب، في طريقي لمصر المؤمنة ثم سوداننا الحبيب فداؤه النفوس.
حقا الإنسان يقرأ في عيون الآخرين مكانه ومكانته.
أحبابي الرائعون مدى الأفق:
أنتم رحيق حياتي ورصيد عمري

لمسة لغوية

باركوا العريس فهو مبارك
برك الجمل فهو مبروك
فلا يصح قول مبروك في التهنئة
الأدق
مبارك الزواج، المولود، النجاح ..
والمحصول مبارك ..
إلخ
اسمحوا لي بالهتاف المبكر:
مبارك العيد، جعله الله هنيا، رضيا

الوسوم أنور-محمدين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*