هذه صفات التافهين.. إياك أن تكون تافهًا!

في زحام الحياة، حيث تعج العقول بالأفكار والمجتمعات بالتجارب، هناك دائمًا فئة تتأرجح في هامش الوجود، تمارس حياتها بلا أثر، وتملأ الفراغ بصخب بلا معنى.. إنهم التافهون! لا تظنهم قلة، فهم كُثر، يتنفسون بلا هدف، ويتكلمون بلا فائدة، ويسعون بلا غاية.
لكن، كيف تعرفهم؟ وكيف تكتشف ما إذا كنت قد انجرفت نحو مستنقع التفاهة دون أن تشعر؟ إليك الميزان، فضع نفسك عليه:
1- يعيشون على القشور ويتجاهلون اللبّ
التافهون هم أولئك الذين يهتمون بالمظاهر على حساب الجوهر، يتابعون أخبار النجوم والمشاهير أكثر مما يتابعون أخبار عقولهم وأحلامهم. ينشغلون بموضة الملابس ولا يبالون بموضة الأفكار.
2- يستهلكون أكثر مما ينتجون
حياتهم قائمة على الاستهلاك المستمر: استهلاك الوقت، استهلاك الجهد، استهلاك الأفكار التي لم ينتجوها. لا يضيفون جديدًا للحياة، بل يكررون ما يُقال وما يُفعل بلا ابتكار ولا تطوير.
3- يقضون أوقاتهم في التوافه
ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي دون فائدة، نقاشات عقيمة حول أمور لا تستحق، إدمان للجدل العقيم بدلًا من البحث عن المعرفة الحقيقية.
4- يخشون التفكير العميق والمواجهة
التافهون لا يحبون الأسئلة الصعبة، يهربون من مواجهة الحقائق، يفضلون العيش في فقاعات الوهم بدلًا من البحث عن الحقيقة، يخشون القراءة لأن القراءة تقود إلى التفكير، والتفكير يقود إلى التغيير، والتغيير مسؤولية.
5- ينشرون السلبية والتثبيط
أكثر ما يجيدونه هو تحطيم همم الآخرين، التهوين من إنجازاتهم، وبث روح الانهزامية. لا يريدون أن يتغير أحد من حولهم، لأن هذا سيكشف تفاهتهم.
6- يتخذون التفاهة مصدرًا للفخر
يرون أن السطحية ذكاء، وأن الضحك على التفاهات متعة، وأن قضاء العمر في اللهو والتسلية إنجازٌ عظيم.
7- بلا رؤية ولا أهداف
هم بلا حلم واضح، بلا هدف بعيد، يتنقلون بين الأيام كما تتنقل الريح بين الأغصان، لا فرق بين اليوم والأمس، ولا شغف نحو الغد.
8- يعيشون حياة الآخرين بدلًا من صناعة حياتهم
يفضلون مراقبة حياة الآخرين على بناء حياتهم، يتدخلون في شؤون الناس بلا حق، يعشقون الثرثرة والنميمة، ويهربون من مواجهة أنفسهم.
9- يرفضون التغيير ويخشون التطوير
التافه يحب منطقة الراحة، يكره المغامرة، ينفر من الجديد. يعيش بعقلية “هكذا وجدنا آباءنا”، دون محاولة للتجديد أو التطوير.
10- يقيسون الناس بمقاييس سطحية
المظاهر، الشهرة، المال، هذه هي مقاييسهم. لا يهتمون بالقيم، ولا بالأخلاق، ولا بالعلم.
التفاهة كما وصفها آلان دونو
من أبرز الكتب التي تناولت ظاهرة التفاهة وتحليلها العميق هو كتاب “نظام التفاهة” للمفكر والفيلسوف الكندي الأصل آلان دونو (Alain Deneault). في كتابه، يشرح دونو كيف أصبحت التفاهة نظامًا عالميًا يُكافئ السطحيين، ويُقصي المفكرين الحقيقيين. يشير إلى أن المجتمعات الحديثة باتت تحتفي بالرداءة، حيث يُستبدل الحوار العميق بالخطابات الجوفاء، ويُستبدل العلماء بالمتحدثين الإعلاميين الفارغين.
يؤكد دونو أن عصرنا هذا لم يعد يهتم بالمعرفة الحقيقية، بل أصبح يُكافئ من يعرف “كيف يلعب اللعبة” دون أن يمتلك جوهرًا حقيقيًا. وهذا يفسر انتشار الشخصيات التافهة في كل المجالات، من السياسة إلى الإعلام، ومن الأعمال إلى الثقافة.
كيف تهرب من التفاهة؟
اسأل نفسك: ماذا أضفت للحياة؟ هل أنا مجرد مستهلك أم صانع ومُنتج؟
استثمر وقتك فيما ينميك: اقرأ، تعلم، جرب أشياء جديدة.
تجنب الجدل العقيم والمناقشات الفارغة.
ابحث عن العمق في كل شيء: في العلاقات، في المعرفة، في الحياة.
ضع أهدافًا حقيقية واسعَ لتحقيقها، ولو بخطوات صغيرة.
لا تجعل وسائل الترفيه تستهلكك، بل أجعلها مجرد وسيلة للراحة بين فترات الإنجاز.
التفاهة عدوى، فإن لم تحصّن نفسك بالوعي والمعرفة، فقد تجد نفسك تافهًا دون أن تشعر! فهل ستقف الآن مع نفسك وقفة صادقة لتسأل: أين أنا من هذا كله؟
إذا اكملت قراءة المقال يمكنك أن تتجنب الطريق إلى التفاهة وأن تحاول أن تتخلص منها إذا كنت تافها دون أن تعرف…