لندن – التحرير:
وصف رئيس حزب “الأمة القومي” الإمام الصادق المهدي “قانون الصحافة الأصلي (في السودان) والتعديلات المقترحة” بأنها “رجس من عمل الطغيان”، وكان المهدي يخاطب في السودان، ملتقى قضايا الإعلام: نحو إعلام رسالي هادف” الذي تنظمه هذه الأيام أمانة الإعلام بالحزب.
ورأى أن قانون الصحافة والمطبوعات السوداني لعام 2009م تدعمه في مهمة السيطرة قوانين الشمولية الأخرى، وهي القانون الجنائي لعام 2016م، قانون قوات الأمن الوطني لسنة 2010م، وقانون جرائم المعلوماتية. وقال “هذه الكلابيش اتجه النظام الشمولي بمساحيق دستورية إلى تعديلات تزيد من صفة القانون المراد تعديله كقانون للوصاية والعقوبات”.
الطغيان أعمي وقوانينه كافية لقمع الحريات
وأكد أن “المجلس الجديدالمقترح (للصحافة) ضمن التعديلات سوف يجسد قبضة الجهاز التنفيذي فهو الذي يقر ميزانيته، وهو الذي يعين رئيسه وأمينه العام”، وأضاف أنه “لولا أن الطغيان أعمى فإن قوانينه الحالية كافية لقمع الحريات الصحافية”.
وشدد على أن “ما يحتاج السودان الآن هو الغاء قانون 2009م وإصدار تشريع ينظم ممارسة حرية الصحافة”، مشيراً إلى أن النظم الشمولية تقوم على أيديولوجية فحواها أن نهجها الفكري هو الحق كل الحق، وأن نهج مخالفيها هو الباطل كل الباطل، وفي هذا الصدد يسخر الإعلام لخدمة هذه المناهج، إعلام يتعامل مع الأخبار بصورة انتقائية، تطبل للنظام وتشوه موقف الرأي الآخر، ولتحقيق ذلك يضع النظام الإعلام تحت قبضته بالصورة التي وصفها المفكر المصري توفيق الحكيم في كتابه “عودة الوعي”.
النظام السوداني أسوأ النظم الشمولية
وقال إن النظم الشمولية، والنظام الحالي في السودان من أسوئها، تقدم أيديولوجية باطلة وتسخر الإعلام لنشر صورة كاذبة، وأن مهمتها الأولى هي التصدي لكشف العيوب الفكرية، ونفي الادعاءات الكاذبة، ورأى أن الحاجة ماسة الآن لنشر كتاب أسود عن أداء هذا النظام.
ولفت في سياق حديثه إلى أن السودان شهد ويشهد أطروحات فكرية لبرالية، وعلمانوية، وإسلاموية، وشيوعية. وقومية عربية، وأفريقانية، وتساءل: ما هو التقييم الموضوعي لهذه الرؤي؟ وما هي الرؤية البديلة التي يطرحها حزبنا للخلاص الوطني؟
وتابع: أن السودان، والإقليم حوله، بل العالم أجمع يمر بمستجدات مهمة تتطلب تشخيصاً موضوعياً وتناولاً نقدياً للأفكار المطروحة وتحديداً واضحاً لفكر الخلاص المنشود.
وقال” أعددنا بياناً لهذا التشخيص ولفكر الخلاص المنشود، وسوف يقدم لورشة التحضير للمؤتمر العام الثامن ليقدم للمؤتمرعند انعقاده، سرعا ن ما تكتمل المؤتمرات القاعدية المكلفة الأمانة العامة بسرعة إنجازها”.
وفيما أوضح أن حزب الأمة أصدر دراسة وافية لحوار الوثبة ووثيقته الصادرة عنه، قال إنه واضح مما حدث بعد ذلك أن الحوار كان زائفاً، وأن ما صدر عنه من توصيات حول إصلاح الحكم وبسط الحريات وضبط أجهزة الأمن قد أجهض تماماً وعادت حليمة لسيرتها القديمة مع بعض الإجراءات المكياجية”.
هذه أبرز خطايا النظام
ورأى أن النظام الحاكم ارتكب أخطاءاً وخطايا لا يمكن أن نمنحها نحن حماة الشرعية الديمقراطية شرعية أهمها: الانقلاب الغادر، مشيراً إلى “إعدام ضباط رمضان دون محاكمة عادلة، إعدام مجدي محجوب، وجرجس بطرس، واركانجلو اقادو: شهداء الحماقة في ملكية مال يخصهم لمخالفة أمر إداري تخلي عنه النظام بعد حين، وارتكاب مجزرة دارفور التي جرت إدانة دولية بالإجماع، وبإجماع مجلس الأمن حولت مرتكبيها للمحكمة الجنايئة الدولية، ثم المجازر التالية في ضحايا السدود، وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وشهداء هبة 2013م، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي لا تزال إداناتها تترى”.
وقال إن “هذه الحقائق، يضاف إليها ما يفصله الكتاب الأسود، هي روافع المطالبة بنظام جديد يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل عبر إحدى الحسنيين: حوار وطني حقيقي بموجب خريطة الطريق أو انتفاضة الربيع السوداني الثالث. مآلان لا يحمي النظام منهما ورقة التوت التي وفرها حوار الاستحمار، ولا رفع العقوبات التنفيذية الأميركية التي إن أزالت عقوبة اقتصادية تنفيذية لم تزل عقوبات تشريعية، وقضائية أمريكية، ولا عقوبات أوربية، ودولية”
لا حماية للنظام من مآلي خارطة الطريق أو الانتفاضة الشعبية
وعن العقوبات الأميركية، أشار إلى أنه “لم يعترض عاقل على رفع العقوبات التنفيذية الأميركية، ولكن رفعها لم يعد بالفائدة المتوقعة بل منذ رفعها في المرحلة الأولى تهاوت العملة الوطنية وها هي تسقط مرة أخرى من 21 إلى حوالي 30 جنيه للدولار الواحد، ولقد حللنا في مكان آخر أن عيوب الاقتصاد السوداني عيوب ذاتية ما لم تعالج بصورة حاسمة فإن التدهور المالي الاقتصادي سوف يتواصل”.
وأكد أنه “لا يحمي النظام من ذينك المآلين –خارطة الطريق أو الانتفاضة الشعبية- الارتزاق بدمنا في الساحة اليمنية،”، وقال إن “الحرب في اليمن لن تحقق نصراً للمشتركين فيها ولا سبيل في أمرها إلا العمل على حل سياسي عادل ينبغي أن يطرقه العقلاء، فما لا يصلح تركه أصلح”.
اخفاق النظام أقوى الدعاة إلى نظام جديد
وقال إنه ” مهما كانت الخلافات بين دعاة النظام الجديد حالياً فإن أقوى الدعاة لنظام جديد هو اخفاق النظام الحالي في كل المعطيات، ووجود عناصر كثيرة من داخله تؤمن أنه دواء فقد صلاحيته، وأن هناك سبباً
آخر في قوة موقف دعاة النظام الجديد هو أن خلافاتهم تنظيمية وتنافسية وقابلة لتجاوزها، ونحن بما لدينا من شرعية شعبية، وفكرية، وتاريخية، ونضالية، وصلات إيجابية مع كافة الأطراف العاملة، سوف نبذل من أجل نظام جديد الجهد المطلوب لتوحيد الرؤية حول الخلاص الوطني وتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل الذي يكفله دستور البلاد الدائم إن شاء الله”.
الحرب في اليمن
وبشأن الحرب في اليمن، قال “إن تراجع الحل السياسي العادل في اليمن وتطور الأمر إلى حرب شاملة، فعلى أحسن التوقعات ستكون إعادة إنتاج لحرب (1980 ـ 1988م) العراقية الإيرانية الخاسرة، ولكن احتمالات اتساع هذه الحرب واردة، فإن حدث فمهما كانت تصريحات الدول الكبرى لن يشاركوا فيها لأن اندلاع حرب نووية انتحار سوف تتجنبه الدول الكبرى،
أما إذا أدت الظروف لمشاركة إسرائيل فيها، فمهما كانت الإضافة الإسرائيلية عسكرياً فإنها كارثية سياسياً لمن تقف معه”
حريصون على سلامة السعودية
وشدد المهدي على “أن حرصنا على سلامة المملكة العربية السعودية وعلى نجاح برامجها الداخلية الإصلاحية يجعلنا الأكثر حرصاً على سرعة إيجاد حل سياسي عادل ( في اليمن) ، كذلك حرصنا على نجاح الإصلاحيين في إيران ونجاح برنامجهم الإصلاحي داخلياً والانفتاحي دولياً يجعلنا نبذل كل جهد مستطاع لوقف الحروب ذات المرجعية الطائفية الحالية، وانقاذ أمتنا من ويلاتها، لا سيما مع وجود عناصر إصلاحية قوية في الطرفين مؤهلة لقبول الصلح العادل الشامل، ووجود كوكبة من حكماء الأمة لن يألوا جهداً في العمل لتجنب هذه الحرب المدمرة الوشيكة وتحقيق سلام عادل”.
ولفت إلى أن نيكسون قال تعليقاً على الحرب الخاسرة العراقية الإيرانية: هي حرب نتمناها ونتمنى ألا ينتصر أحد طرفيها”.
وعن أميركا قال المهدي إن “كل الدلائل تدل على أن الشعب الأمريكي صديق ولكن قيادات منه تميل مع الهوى الصهيوني، وآخرون يهمهم بيع السلاح لتشغيل ما سماه ايزنهاور الشبكة العسكرية الصناعية”، وأضاف ”
كفانا وقوعاً في هذه الحفركما عبر عن ذلك شاعر عربي:
يَكْفِيـكَ أَنَّ عِدَانَـا أَهْـدَرُوا دَمَـنَـا وَنَحْـنُ مِـنْ دَمِنَـا نَحْسُـو وَنَحْتَلِـبُ
نعم نسعى للصداقة مع الدول الكبرى ولكن نقدم الحرص على مصالح شعوبنا وأوطاننا”.
الإعلام الرسالي يتصدى للفكر الضال
وكان المهدي استهل حديثه بتوجيه التحية إلى أمانة الإعلام بالحزب التي أقامت الملتقى، مشيراً إلى أن العمل بلا فكر مُوجًه تخبط، ودعا إلى أن يكون لدراسات هذه الورشة وتوصياتها أثر على برنامج الإعلام في حزبنا وفي الحركة السياسية عامة”.
وحول ملتقى الإعلام الذي ينظمه حزب الأمة حالياً قال ” مهما كان استعدادنا وتأهيلنا في مجال رسالة الإعلام ومطالب الإعلام الرسالي، فإننا سوف نشارك مع المحاضرين، والحاضرين، للاستفادة من مساهمتهم ومساهمتهن فنصف رأيك عند اخيك واختك، ولا أحد أصغر من أن يعلّم. ولا أحد أكبر من أن يتعلم”.
وخلص إلى أن “الإعلام من حيث هو رسالة قواعدها الفكر الحق والخبر الصادق، وأنه كلما خرج عن هذين الأمرين دعاية أو تطبيل، وأن الإعلام الرسالي المنشود يوجب التصدي للفكر الضال لكشف عيوبه، والتصدي للخبر الكاذب لنفيه، وتبني القضايا الفكرية والسياسية الصائبة والخبرية الصادقة. والمرافعة عن المصالح الوطنية في كل مجالات الأداء العام”.