“مدهش”.. هكذا علق ترامب على يومه الأول في البيت الأبيض، وبعد مئة يوم على كرسي الرئاسة، يبدو أن الدهشة لم تفارقه عندما قال: “كنت أظن أن الأمر أسهل!
اليوم، التاسع والعشرون من ابريل 2017 أكمل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مئة يوم، وهي الفترة التي يقيس بها الخبراء اتجاهات الساكن الجديد للبيت الأبيض، لكن الرجل يبدو أنه لا يهتم كثيراً بهذا المعيار كما كتب في تغريدة له: “لا يهمني معيار الـ100 يوم السخيف”.!!
و يبدو أن انتظار مئة يوم، لا تعني شيئاً لدى الرجل، و(الجواب بائن من عنوانه كما يقولون)، وكان ترامب بدأ في إثارة الجدل غداة تنصيبه، عندما هاجم الإعلاميين، واتهمهم بالكذب والتلفيق حول تقديرهم للجمهور الذي حضر تدشين رئاسته، وكانت هذه بداية حرب بينه والإعلام، وبلغت حربه على الاعلام إلى درجة منع البيت الأبيض مراسلي قنوات وصحافيين من حضور بعض التنويرات الإعلامية، من بينهم مراسلو “سي ان ان”.
واثار خبر تعيين ترامب لصهره في منصب كبير مستشاري البيت الأبيض جدلاً كبيراً لم ينته، كما بمنح ابنته ايفانكا مكتبا في البيت الأبيض، الأمر الذي جعل مراقبين ينظرون الى الأمر وكأن ترامب جعل إدارة الولايات المتحدة الامريكية شأنا عائليا بحتاً، وتأكد ظنهم عندما أعلن غضبه علناً من توقف إحدى الشركات من بيع منتجات ابنته ايفانكا.!
ترامب فجر مفاجأة كبرى في نهاية شهر يناير الماضي، بقرار يقضي بحظر دخول مواطني سبع دول إسلامية الى امريكا، هذا القرار الذي وصفه ناشطون في مجال حقوق الانسان بالعنصري، لكن اللطمة جاءت من قاض فيدرالي بمحكمة سياتل، فأبطل العمل بذلك القرار في انحاء أمريكا كافة، ليجد ترامب نفسه في مواجهات في ساحة جديدة للقتال مع جهات عدلية وقانونية.
الضربة التي وجهها ترامب لقاعدة سورية أخيرا، أدت إلى تدهور سريع في علاقات امريكا مع روسيا ، وظهر تدهور العلاقات بين الجانبين في التراشق اللفظي المباشر من خلال التصريحات الرسمية، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “إن مستوى الثقة بين الولايات المتحدة وروسيا تراجع منذ أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه”، بينما علق ترامب في تصريح بقوله: “إن الولايات المتحدة ليست على علاقة ودية “على الإطلاق” مع موسكو، مضيفا أن العلاقة “ربما تكون في أحد أدنى مستوياتها على الإطلاق.
وشكلت هذه التفاعلات تراجعا كبيرا في العلاقات بين أهم قوتين نوويتين في العالم، وخابت توقعات مراقبين ظنوا ان علاقات موسكو وواشنطن ستتطور للأفضل بعد تولي ترامب كرسي الرئاسة
أما بالنسبة لكوريا الشمالية فيرى ترامب أنها ”مشكلة، وستتم معالجتها”، ، كما هدد بوقف التوسع النووي لكوريا الشمالية، والتجارب التي تقوم بها في بحر اليابان، مع ممارسة ضغوط على جارتها الصين عبر مجلس الأمن لفرض مزيد من العقوبات عليها.
مخاوف عالمية انتشرت مع تهديد بيونغ يانغ بأنها سترد على أي هجوم نووي أمريكي بهجوم نووي شامل، ومع تزايد التصريحات المستفزة من الجانبين والتي تشبه “الدق على طبول الحرب”، سرى قلق في أوساط عدة من انطلاق شرارة حرب تدفع العالم الى الأسوأ.
في هذا السياق قامت روسيا بالاصطياد في الماء العكر، عندما علقت أجهزة الإعلام الرسمية على التراشق بين امريكا وكوريا الشمالية، قائلة بأن ترامب أشد خطورة من كيم جونغ اون.
وإذا أمعنا النظر في تصريحات وردت في أجهزة اعلام فان ذلك يثير تساؤلاً حول مدى انقطاع الأمل بشأن تحسين علاقات روسيا مع امريكا في عهد ترامب!
يشار الى أن ترامب الذي وصفته روسيا بالأكثر خطورة من كيم جونج اون، وصفته استطلاعات رأي بأنه الحاكم الأقل شعبية في العصر الحديث، و أكدت استطلاعات للرأي أجرتها مؤسسة غالوب بأن نسبة شعبيته وصلت إلى 37% .. وحاز ترامب بدرجة قبول بعد توليه المنصب تصل الى 42% مقارنة بسلفه اوباما الحاصل على نسبة قبول تقدر ب 65%.
الداخل الأمريكي..
اقتصاديا، كان الأمريكيون قد تفاءلوا بتولي رجل الأعمال الثري مقاليد الأمور في البيت الأبيض، في اطار رغبة تهدف الى تحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير فرص عمل تعالج البطالة، وعلى الرغم من أن ما حدث بعد ثلاثة أشهر من تولي ترامب الرئاسة كان أقل من الطموح والآمال، الا أن دراسات اقتصادية أشارت إلى أن سوق العمل الأميركي مستقر، و شهد مؤشر ستاندارد اند بورز 500 نمواً متواصلاً في ظل إدارة ترامب مقارنة بأسلافه.
صحيا، كان من ضمن خطط ترامب أثناء حملته الانتخابية الغاء برنامج (اوباما كير) للرعاية الصحية، وهو الأمر الذي لم يستطع تنفيذه، نسبة لأن برنامجه بحسب مصادر أميركية سيحرم أكثر من 24 مليون أمريكي من الحصول على تأمين صحي بحلول عام 2026، وحاليا يعكف حزبه الجمهوري على تقديم مقترح بديل لـ”اوباما كير”، الذي وفر تأمينا صحيا لقرابة العشرين مليون امريكي.
عسكريا، ترامب الذي مازال عاكفا على إعداد موزانته الأولى منذ توليه الرئاسة، يصر على أن تتضمن أموالا إضافية للقوات المسلحة، وتمويلا لبناء جدار عازل مع المكسيك بهدف تأمين الحدود.
موقف ترامب من السودان:
لم يعلق الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، علناً على السودان أو العقوبات الأمريكية ضده منذ انتخابه رئيساً، ويبدو أن الأمر ليس من أولويات أيامه المئة الأولى.
وفي الوقت الذي ينتظر الشعب السوداني والحكومة السودانية ما يمكن ان يحدث في يوليو المقبل، وهو الموعد النهائي الذي منحته إدارة الرئيس اوباما للحكومة السودانية للتعامل مع الملفات التي وضعتها على طاولته، يبدو أن المؤشرات كافة تقول إن الولايات المتحدة تحتاج لانخراط أكثر في العلاقة مع السودان نسبة لموقع السودان الذي جعله معبرا للكثير من المهاجرين غير الشرعيين و تجارة البشر والسلاح وغيرها من المشاكل التي تضعها أمريكا في صدارة أولوياتها، في إطار حربها على الإرهاب، وهو الأمر الذي تعول عليه الحكومة السودانية، في سياق علاقة متوقعة مع واشنطن، لكن لا تبدو مساراتها واضحة حتى الآن.
ماذا بعد الـ100 يوم؟
الاستعداد الأمريكي الذي يجري في كوريا الجنوبية يثير القلق والتوتر حول احتمال قيام حرب عالمية جديدة، وما يزيد حدة القلق العالمي هو أن الضيف الجديد على البيت الأبيض لا أحد يستطيع توقع تصرفاته، وقد وصفته دراسات بانه مريض نفسي وغير صالح لتولي السلطة.
و أكد الطبيب النفسي والأستاذ في جامعة “جونز هوبكنز”، جون د. جارتنر أن ترامب مختل نفسيا، ومتقلب المزاج لأقصى درجة، ولا يصلح لأن يكون رئيسا لأمريكا.
وقال المحللون النفسيون إن تحليلاتهم لا تريد أن تسيء إلى ترامب ولكنهم يريدون تحذير المواطنين الأمريكيين وكل العالم من خطورته.
ويبقى السؤال الأخطر: هل سيشعل من وصفه الأطباء النفسيون بالـ”مجنون” حرباً عالمية جديدة؟
صحافية سودانية
amaljust@gmail.com