إنه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق. فالرئيس الأميركي في فترة وجيزة صنف نفسه عنصرياً، إثنياً، وعدواً دينياً للمسلمين، وجهولاً بمسؤولية البشر عن سلامة البيئة، وقدم برهاناً ساطعاً بخطر خلو الذهن السياسي والوعي الدبلوماسي على مصالح وطنه وعلى الأمن والسلام الدوليين.
1 – صاحب القرار الخطيئة ضحى بمكانة بلاده المرموقة، وأعطى دعاة الغلو والإرهاب حجة وجود قوية، فلكل موقف متطرف ردة فعل مماثلة له في الاتجاه المعاكس.
حماقات الحكام الإسرائيليين – بإقامة الحائط العنصري، وبسط الاستيطان في أرض الآخرين، وسائر التعديات على القانون الأخلاقي والدولي- جرفت عملية السلام، هذا القرار أصابها في مقتل.
2. حصنت إسرائيل نفسها بالقوة العسكرية، ولكن دهاتها قالوا إن الحماية الحقيقية لاستدامة غزوها تكمن في اختراق كلمة أصحاب الحق الفلسطيني، والعربي، والإسلامي، والدولي.
ينبغي أن تكون أولى ثمار هذا القرار الخطيئة حقاً وصدقاً اتحاد كلمة أصحاب الحق المسلوب في كل مجال فلسطيني، وعربي، وإسلامي، بل دولي.
علينا نبذ الخلافات في وجه هذا القرار الخطيئة انتصاراً للحق، وصداً لما سوف ينبت من ثمار مرة تطرفاً وإرهاباً.
على مستوى الدول ينبغي الإجماع على إدانة الخطيئة، وتجاوز ذلك بأعمال أهمها
– مواقف مضادة إعلامية ودبلوماسية.
-العمل على تحقيق مؤازرة دبلوماسية وإعلامية أوربية وبريطانية، وروسية، وصينية، وهندية، وعلى صعيد الأمم المتحدة.
– ينبغي العمل بكل وسائل القوة الناعمة لتكريس عزلة رئيس عزلته مواقفه الرافضة للإجماع الدولي على معاهدة سلامة البيئة، والإجماع الدولي على اتفاقية الأمن النووي، بل تكريس عزلته داخل بلاده لعرقلة العدالة.
– مراجعة المنافع التي حققها في مجال تجارة السلاح.
– ومع هذا الموقف الظالم لا يستقيم بذل منافع عسكرية.
3 – ليس صحيحا أن الموقف من إسرائيل محصور في أمرين إما الاستسلام لغزواتها، أو المواجهة العسكرية؛ فالقوة الناعمة أفلحت في هدم امبراطوريات الاحتلال وفي هدم نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
المطلوب توجيه وسائل القوة الناعمة ضد المحتل الاسرائيلي في الأمم المتحدة، والجنائية الدولية، وبرنامج المقاطعة، ومنع الاستثمار، والعقوبات (BDS ).
4 – وعلى الصعيد الشعبي ينبغي تسيير المواكب وتقديم مذكرات الاحتجاج داخل الولايات المتحدة، وأمام سفاراتها في الدول الأخرى، وفي سائر بلدان العالم ينبغي حشد الشعوب لتسيير مظاهرات الرفض والاستنكار ومطالبة الحكومات بمواقف حازمة.
5 -إذا تقاعس الموقف الرسمي والشعبي عن التعبير القوي ضد هذه الخطيئة فإن دولاً أخرى قد تحذو حذو هذه الخطيئة. خطيئة من شأنها إذا تقاعسنا عن معطيات الواجب ترك فراغ يغذي أجندات الغلاة والإرهابيين، ما يلحق ضرراً بالأمة أكثر من إصابة ضحاياه المستهدفين.
6 – إسرائيل واليمين الأميركي يراهنون على تفرقنا في المجال الطائفي الديني، وفي المجال القومي. ينبغي أن نقف في وجه هذه الخطيئة بوحدة الصف العربي والإسلامي، بل استدعاء الدعم الإنساني والدولي، فالقضية فرقان بين حق وباطل.
7 – ليعلم الناس كلهم أجمعين أن الغلو ملة واحدة يستدعي بعضه بعضاً، ويبرر لأنصاره بعضه بعضاً.
الواجب أن نتحد دولاً وشعوباً حول قضية جامعة، فالحق معنا، والقانون الدولي معنا، ونأمل أن يكون الله معنا لأنه بشـّر: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ)[1]. وأنذر البغاة (وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)[2].
* إمام الأنصار، ورئيس حزب الأمة القومي، ورئيس منتدى الوسطية العالمي ، وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد.
(1) الآية ( 39) الشورى
(2) الآية ( 41) الأعراف