لندن – التحرير:
وجهت شخصيات دبلوماسية وسياسية انتقادات شديدة لمسارات السياسة السودانية بعد الاستقلال، وجرى التشديد على أنه ” لا يوجد حتى الآن مشروع وطني يجد فيه السودانيون أنفسهم”.
جاء هذا في ندوة نظمتها الجالية السودانية بلندن مساء السبت الماضي، بعنوان ” الاستقلال بين الوحدة ومهددات التفتيت”، وخاطب الحاضرين وكيل وزارة الخارجية السابق فاروق عبد الرحمن، والسفير السابق محمد بشير (الصاوي)، والباحث القانوني بجامعة لندن أحمد حسين آدم، وكان الأستاذ سليمان ضرار استهل الندوة بالحديث عن بعض المحطات والأحداث التي شهدها تاريخ السودان قبل الاستقلال.
وركز الصاوي على “فشل السودانيين بعد الاستقلال في تأسيس (دولة) ديمقراطية وشرح كيف يمكن إزالة الأسباب التي أفشلت النظام الديمقراطي، مشدداً على أهمية تغيير النظرة للغرب، والاستفادة من تجارب دول أفريقية ناجحة”.
وفيما حيا أحمد حسين آدم ” آباء الاستقلال الأوائل الذين قدموا تضحيات ” قال إن أخطاء قد حدثت بعد الاستقلال، وشدد على أنه ” لا نستطيع الحديث عن الاستقلال بمعزل عما يجري في السودان في الوقت الراهن، لأن الاستقلال يعني قيم الكرامة والعزة والاستقلال”.
وقال إن الحراك في السودان حاليا يجعلنا نعتز بما يجري، حيث واجه المتظاهرون أمن النظام بصدور مفتوحة وهم يرددون ” سلمية، سلمية، ضد الحرامية”، ورأى أن ذلك يرسل رسائل قوية تؤكد أن عزة السودان في خطر، وكذلك كرامة الانسان”.
وأضاف في سياق حديثه عن الاستقلال” نقدر دور آباء الاستقلال، لكن هناك دروساً مستفادة، تؤكد ان دولة ما بعد استقلال السودان فشلت في أن تكون دولة لكل السودانيين، وبعد مرور 62 عاماً على الاستقلال لا نستطيع القول إننا قمنا بمشروع بناء دولة ، هذه المهمة لم تنجز”.
ودعا إلى معالجات تاريخية بشأن أخطاء حدثت بعد الاستقلال، وكرر الدعوة إلى أهمية أن يكون لنا مشروع وطني يجد فيه السودانيون أنفسهم، “لأنه بعد سنوات عدة من الاستقلال تحولت الدولة إلى دولة إبادة”.
ورأى أن هناك مصلحة لجميع السودانيين في أن الحفاظ على ما تبقى من السودان، وهذا يعني انه لا بد أن يذهب هذا النظام (نظام الرئيس عمر البشير)، وقال أن البشير اتخذ من السودان رهينة، إما أن ينجو أو ينتهي السودان، وأن ” الحل المفتاحي ( لأزمات السودان) يكمن في انهاء نظام البشير”
وأضاف أن ” كل ما يقوم به البشير حالياً هو الحرص على حماية نفسه من العدالة الدولية، وهو لا يفكر في تماسك ما تبقى من السودان، ويستخدم ” الكرت” العنصري للتفريق بين السودانيين، لكن من البشارات الآن أن الثورة ليست في دارفور فقط بل في الخرطوم وكل السودان” (في إشارة إلى الاحتجاجات الحالية ضد غلاء المعيشة).
ودعا أحمد حسين إلى ” دعم الثورة (المظاهرات) التي انطلقت، وقال إن الشعب كسر حاجز الخوف، كما دعا القوى السودانية إلى التحرك تجاه الحكومة البريطانية لحثها على الوقوف ضد الانتهاكات التي يتعرض لها المتظاهرون ودعم حقوق الإنسان، كما حضً السودانيين لمواكبة التظاهرات بعمل إعلامي، وخلص إلى أن ” شعب أكتوبر (ثورة أكتوبر 1964) وأبريل ( انتفاضة أبريل 1985) قادر على إنجاز ثورة جديدة”.
من جهته تحدث فاروق عبد الرحمن عن أحداث تاريخية ضمنها كتاباً كان أصدره بعنوان ” السودان وسنوات التيه: نصف قرن لم يكتمل”، كما شدد على “أن ما يحدث في السودان حالياً يؤكد أنه لا توجد حرية ولا استقلال بوجود هذا النظام” (نظام الرئيس عمر البشير)، مشيرا إلى أن النظام الحالي في السودان حكم 29 عاماً من 62 سنة هي عمر الاستقلال، وتساءل “هل السودان الحالي هو السودان الذي تغنى به الشعراء والمغنون” وخلص إلى أن ” الحكم الحالي أضاع جنوب السودان، وقد تضيع مناطق أخرى، وقد تدهورنا في كل شيء حتى في كرة القدم، وأن حكم الإنقاذ ( نظام البشير) هو المسؤول الأول” عن هذا الضياع”.
وكان نائب رئيس الجالية السودانية نادر بله أدار الندوة.
وعقب الندوة أقيم حفل غنائي، شارك فيه الفنانان عادل البراري وياسر مبيوع، وتغنى المغنيان بأغنيات وأناشيد وطنية أثارت حماس الحاضرين من الرجال والنساء.