بما أن الشيء بالشيء يذكر.. فقد أعادتني بعض “تغريدات” الابن الصادق الجبوري. سنوات عديدة إلى الماضي العريق. عندما كان الزمان فتى وأيام مشرقات بالحياة والأمل. مترعات بالطموحات والتفاؤل.. فبيت العرس المهيب الشامخ صباح الفريق.. المدردق.. المغطى…بشقاق السعف.. والموشح بالبروش الملونة البديعة.. هو الفندق الفاخر الذي يقضي فيه العروسان أجمل أيام حياتهما.. والوصول إليه عبر طقوس بالغة الدقة واللطافة..
تبدأ أولى مراسم الإحتفاﻻت الممتدة لأيام. بوصول “الشيلة”. بواسطة قريبات العريس إلى فريق أهل العروس. وسط الأهازيج التي تمجد العريس وأسرته.. وترد عليهن قريبات العروس بتمجيد العروس وأهلها.. في سجال ودي لطيف.. ﻻ يكسر جر.. وﻻ يدفق عسل كما يقولون. . وسط الزغاريد المجلجلة. والفرح والبشر والتفاؤل.
ثم تبدأ إحتفاﻻت “أم شكوكة” وهي شك العيش وتنظيفه وسط طقوس معلومة.. ثم الفزع لإحضار حطب بناء بيت العرس. . والذي يتوقف حجمه وشكله على مكانة العروسين الاجتماعية واﻻقتصادية.. يتم كل ذلك في جو من المرح والفرح والغناء الجماعي..
في فريق العريس تذبح الذبائح.. وتبسط الموائد في “الضرا”.. تبدأ اﻻحتفاﻻت بنقارة عصرية تزينها الدرر المكنونة.. من أخوات العريس وقريباته.. واللائي ﻻ يسمح لهن بالمشاركة في النقارة.. إﻻ في مثل هذه المناسبة.. فهي إذن نقارة بنات الدﻻل والجمال… ثم تليها لعبة المردوم الساخنة.. حيث يخفى غبار الأرجل الولهى ما تبقى من شعاع الشمس.. ثم يتواصل الفرح.. مع نقارة أخرى.. يختلط فيها الحابل بالنابل.. يشارك فيها كل من أنس في نفسه القدرة على المشاركة من الجنسين. وهو مطمئن أنه ﻻ يرى أحداً وﻻ يراه أحد.. فى الظﻻم الدامس.. كل يرقص لنفسه.. وتسمى هذه النقارة بـ “درق الليل”.. وهي مفتوحة للجميع من غير ضوابط أو نظم..
وبعد أن يتعب الجميع من “المجابدة”.. تتحلق بعض النسوة الكبار وبعض الشيوخ حول “نقارة القوديمي”.. “القيدومة”.. ويبدأون الضرب عليها بإيقاعات معلومة.. رورورو. .رو..رو، ثم ينطلق غناء الفروسية والكرم. . ومكارم الأخلاق. . يمجدون فيها الأسلاف ويخلدون ذكراهم.. فى أنغام كورالية يردد الفضاء أصداءها.. وتسمى هذه الليلة بليلة “الساهورة”.. وتستمر نقارة “القوديمي” حتى قبيل صلاةالفجر.. وينصرف الجميع ليستعدوا لليوم الختامي.. قيلة العريس. . نقارة العريس عصراً.. ثم تحرك موكب العريس المهيب.. وسيره من مكان المقيل الى فريق أهل العروس .. حيث بيت العرس الباذخ.. وأهمية هذا اليوم الخالد في ذاكرة كل عريس.. وتفاصيل ما يدور فيه.. نفسح له بإذن الله تعالى حديثاً آخر ﻻحقاً.
*سياسي قيادي وكاتب