لندن – التحرير:
رأى الكاتب الصحافي والناشط السياسي فتحي الضو أن ما يجري في السودان حالياً “انتفاضة شعبية”، وقال إن الإطاحة بهذا النظام (نظام الرئيس عمر البشير) يأتي في صدارة أولويات كل سوداني وسودانية، وأشار إلى أنه ليس مهموماً بسقوط النظام لأنه آيل للسقوط، لكنه مهموم بكيفية سقوطه والحفاظ على النظام القادم.
جاء هذا في ندوة أقامتها رابطة الصحافيين والإعلاميين السودانيين بالمملكة المتحدة وايرلندا مساء السبت ( 27 يناير 2018)، وتحدث فتحي عن مضامين الوثائق التي ضمها كتابه الجديد ” الطاعون: اختراق دولة الأمن والمخابرات في السودان”.
وقال إن النظام وصل إلى مرحلة الإفلاس السياسي والاقتصادي والفكري وانتهى” مشروعه الحضاري” وبات من دون هوية، وأن السلطة حالياً هي جزر تتنازع حول قطعة لحم، وأن هناك صراع رؤوس حول خلافة واحتلال موقع البشير، وأكد أن هناك احتكاكات بين أطراف السلطة في ظل حالة انسداد وعدم وجود حلول للمشكلات.
وفيما قال إن الوطن (السودان) يمر بمرحلة أن يكون أو لا يكون، وأن الأزمة عميقة، وتهدد سلامة الوطن، شدد على ضرورة اقامة دولة مدنية، مؤكداً أن أي نظام لن يستقيم إذا لم يتم فصل الدين عن الدولة، وأننا نريد دولة تحفظ للمواطن كرامته وثقافته وتحقق له الرفاهية”.
وقال إن مصدر المعلومات التي نشرها في كتاب ” الطاعون” موجود داخل النظام (نظام البشير) حتى الآن، وأن الأجهزة الأمنية تحاول الوصول إليه، وإنني على ثقة بأنه لا يمكن الوصول إليه، ولفت إلى ” أنني لم أر كراهية للنظام مثلما وجدتها لدى مصادر كتبي الثلاثة”، (بيت العنكبوت: أسرار الجهاز السري للحركة الإسلاموية السودانية، و “الخندق: أسرار دولة الفساد والاستبداد في السودان” و”الطاعون: اختراق دولة الأمن والمخابرات في السودان”.
وقال إن الوثائق التي ضمتها كتبه خرجت من جهاز تصرف عليه الدول، إضافة للدفاع 70 في المئة من الموازنة، مشيراً إلى أن ” الجهاز (جهاز الأمن والمخابرات) له أهداف وأبعاد أكبر من حماية نظام النظام وتمكينه.
، وقال بشأن محاضر الاجتماعات بين جهاز الأمن والمخابرات الأميركية أن ” أميركا موجودة في غرف نوم الحاكمين، وليس صحيحاً ما يقوله الرئيس البشير بان أميركا تحت جزمتي”.
وفيما أفاد بأن الكتاب تناول الأنشطة المشتركة والعلاقة بين جهاز الأمن ومخابرات بعض الدول، أشار إلى علاقة الجهاز بـ”الموساد” الإسرائيلي، وأوضح أن الكتاب تضمن وثائق عن اختراق جهاز المخابرات القوى السياسية السودانية (المعارضة) والحركات المسلحة ، ورأى هذا يوضح سبب ضعف المعارضة.
وكشف فتحي أنه حصل على ما وصفه بـ “وثائق مؤلمة لم أنشرها”، وقال إنها “غير أخلاقية، وأقول هذا لأوضح لكم خساسة الجهاز في تناول أعراض الناس، وهي وثائق يمكن أن تدمر أسراً وأشخاصاً”.
وقال في هذا الشأن ” أننا يجب أن نعرف بأننا نتعامل مع أناس بلا وازع أخلاقي”، ورأى أن ” الموجود في السودان هو جهاز أمن عنده دولة وليس دولة لها جهاز أمن”.
وأضاف أن الجهاز يتجسس أيضاً على نفسه من خلال قاعدة بيانات، كما يتجسس على قيادات القوات المسلحة، وقيادات قوات الشرطة، وبعض منظمات المجتمع المدني، إلى جانب أفراد وشخصيات من قطاعات مختلفة في المجتمع، وأعتبر ان نشره أسماء نحو 700 ضابط يعملون بجهاز الأمن والمخابرات هو ” أكبر ضربة للجهاز”.
وجرى نقاش مفتوح بين فتحي الضو وعدد من الحاضرين، وتناول متحدثون قضايا عدة، بينها التشديد على أهمية الدور الذي يقوم به الزميل فتحي الضو في مجال التوثيق، وأنه صحافي مهني ملتزم بقضايا شعبه، كما انطلقت دعوات إلى توحيد المعارضة، وتقوية النقابات، وأن نظام البشير سيسقط، مع تأكيد أهمية تفعيل دور الشباب، ونشر ثقافة العصيان المدني.
وكان السكرتير الثقافي لرابطة الصحافيين الصادق الرضي تحدث في البداية وقدم نبذة عن الضو، و أدار الندوة رئيس الرابطة شرف ياسين.
يُشار إلى أن ” التحرير” كانت نشرت في27 نوفمبر 2017 أن كتاب ” الطاعون ” صدر في القاهرة الخميس (23 نوفمبر 2017م) وأنه يأتي امتداداً لاختراقات سابقة للضو للأجهزة الأمنية للنظام الحاكم في السودان، منها على سبيل المثال: “بيت العنكبوت: أسرار الجهاز السري للحركة الإسلاموية السودانية”، وقد اختص بجهاز (الأمن الشعبي) الذي تردد أنه تمَّ حله بعد نشر الكتاب، وكذلك كتاب “الخندق: أسرار دولة الفساد والاستبداد في السودان” وقد احتوى على وثائق خاصة بالمحكمة الجنائية، وأن الكتابين أحدثا صدى واسعاً داخل السودان وخارجه.
ويشرح الكتاب الجديد (الطاعون) كيفية تضخم جهاز الأمن بدوائره المتعددة والمعقدة حتى صار دولة داخل الدولة، كما يزيح النقاب عن منظومة الشبكة الالكترونية للجهاز أو ما سمي (الكتيبة الالكترونية) ويكشف عن اسمها الرمزي (الهدهد) عبر سلسلة من اللقطات المصورة Screenshots التي توضح كيفية استخدام منسوبيها لوسائل التقنية.
وكان فتحي أشار إلى أنه نشر محاضر اجتماعات جرت بين جهاز الأمن ووكالة الاستخبارات الأمريكية المسماة اختصاراً (سي آي إيه)، وكذلك محاضر اجتماعات أخرى شملت جهاز الأمن البلجيكي وجهاز الأمن التنزاني.
ونشر المؤلف وثائق مهمة عن قوات الدعم السريع، وكيفية صناعة جهاز الأمن لقائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) وتقييم الجهاز له سرياً، واستخدامه لأغراض خاصة. إلى جانب دور قوات الدعم في الصراع في دارفور، وا العلاقة مع موسى هلال.
وكشف الكتاب وثائق خاصة بالمحكمة الجنائية وخطط جهاز الأمن لمحاصرتها بشتى السبل والوسائل، كما تناول المؤلف بالوثائق “دور جهاز الأمن في التقتيل الجماعي، الذي حدث لضحايا هبة سبتمبر 2013م، وخطط احتوائها بغية إخمادها، بغض النظر عن عدد الضحايا”.