الخرطوم – التحرير:
في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة التحديات التي تجابه الحكومة السودانية، جاء قرار الرئيس عمر البشير بإعادة تعيين الفريق صلاح قوش مديراً عاماً لجهاز الأمن والمخابرات، بعد أن أقالته من المنصب ذاته في عام 2009م.
ولعل رجوع الفريق قوش إلى قيادة الجهاز مرة أخرى يثير كثيراً من التساؤلات حول مغزى هذه العودة، وهل ثقة الرئيس البشير فيمن يقومون على قيادة الأمن قد اهتزت، أم أن هناك أسباباً أخرى حتمت تلك العودة.
وبالنظر إلى شخصية صلاح قوش المثيرة للجدل نجد أن الرجل كان قد اعتقل في عام 2012 على إثر اتهامه هو والفريق محمد إبراهيم بتدبير محاولة انقلابية، ومن ثم أُفرج عنه بعد أن قضى بالحبس نحو ثمانية أشهر، ويشتهر قوش الذي شهدت قرية (البلل) بالولاية الشمالية صرخة ميلاده الأولى في عام 1957م بعلاقات خارجية متميزة خصوصاً مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتعود بداية عمله في الأجهزة الأمنية إلى عام 1992م، وتدرج في أقسام الجهاز المختلفة إلى أن وصل إلى منصب المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، الذي تمت تسميته بهذا الاسم في بعد دمج الأمنين الداخلي والخارجي، وذلك في عام 2004م، م ومن ثم إقالته من منصبه في ظروف غامضة، بعد فترة ليست بالقصيرة قضاها بالجهاز.
وبعد التخبط الذي صار النظام الحاكم يسير عليه خلال الآونة الأخيرة خصوصاً في المسائل المتعلقة بتوزيع المناصب، يرى مراقبون أن إعادة تعيين قوش مديراً لجهاز الأمن والمخابرات ربما كانت مقدمة لتجديد الثقة فيمن شغلوا المناصب العليا سابقاً، وتمثل بداية لعودة كل الحرس القديم في الديسك التنفيذي الحكومي، وذلك حسبما يرى المراقبون سببه الفشل الذي لازم الحكومة مؤخراً من الناحيتين الاقتصادية والسياسية.
بينما يرى مجموعة من المحليين السياسيين أن عودة (قوش) ربما كان الهدف منها الوقوف على بعض السياسات، خصوصاً تلك المتعلقة بالشؤون الخارجية، والرغبة في إقامة علاقات متقدمة مع الولايات المتحدة، لما للرجل من علاقات كبيرة يمكن أن تدفع بتحسين تلك العلاقات التي فشلت التحركات الدبلوماسية في إحداث اختراق حقيقي فيها.
ولعل الرأي الأخير يبدو مطابقاً لما قال به رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي التجاني مصطفى الذي رأى في حديثه لـ (التحرير) أن أسباب عودة قوش إلى إدارة جهاز الأمن والمخابرات، يتصل بقدر كبير بمسألة علاقات النظام مع الولايات المتحدة الأميركية، وليس مجرد عودة لشخصيات غادرت كابينة القيادة سابقاً.
ويصف التجاني الخطوة بالتغيير الكبير الذي يحمل كثيراً من الدلالات التي تتمثل في محاولة النظام إعادة المياه إلى مجاريها مع الأميركيين؛ لكون الرجل لديه علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأميركية، خاصة مع الربكة التي حدثت مؤخراً بين الخرطوم وواشنطن، فضلاً عن قضايا وضع السودان في قائمة الدول الداعمة للأرهاب.
وحول إمكانية أن تؤدي مسألة تحسين العلاقة مع وشنطن إلى حدوث فجوة في المحور الخاص بالعلاقات السودانية القطرية، استبعد رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي تأثير ذلك الأمر في علاقة الخرطوم بقطر؛ لأن قطر ليست من الدول المؤثرة في تلك الناحية.
ولفت التجاني الى أن الرغبة في تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة هي الاحتمال الأرجح في القرار الأخير للرئيس البشير، لجهة أن السودان يمر بظروف صعبة للغاية؛ وهذا ما يؤكد أن الحكومة تعول على أميركا في مساعدتها على تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تمر بها.
ويرى التجاني أن ذهاب محمد عطا وعودة قوش لن تغير كثيراً في سياسات الأمن تجاه المعارضة، وأن الأوضاع لن تختلف في هذا الجانب عما كان سائداً في عهد المدير السابق الفريق محمد عطا.