لندن – التحرير
أثارت ندوة نظمتها رابطة المحامين والقانونيين بالمملكة المتحدة مساء أمس (24 فبراير الجاري) قضايا “انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبها نظام الرئيس عمر البشير منذ توليه السلطة في 30 يونيو العام 1989، وشدد محامون وقانونيون خاطبوا الندوة، وهم أبو بكر آدم ، وأحمد تقد، وعلي العجب، على أن النظام في الخرطوم ارتكب ” جرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب في دارفور” وان ” ارواحاً كثيرة فقدت”.
ودعا المحامون والقانونيون خلال حديهم إلى “عمل مشترك بين الأحزاب والحركات (المسلحة)”، وشددوا على دور الرابطة في ” تحريك دعاوى ( في لندن) ضد بعض أركان النظام ( نظام الرئيس عمر البشير)، وجرى التشديد على إمكان إعمال ” مبدأ الاختصاص الجنائي الدولي ( في لندن وأوروبا) لمحاصرة رموز النظام”، كما تم التأكيد على أهمية” التركيز على مفهوم ” العدالة الانتقالية،
وفيما رأى أبوبكر آدم إن ” النظام السياسي الحالي ( في السودان) هو نتاج تراكمات اجتماعية وسياسية وثقافة اقصائية”، أشار إلى جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام في دارفور، حيث أبيدت قرى بأكملها، ودعا إلى عمل مشترك بين الأحزاب والحركات ( المسلحة)، وقال ” لابد أن تستصحب الأحزاب الكبرى معها أحزاب الهامش.
وركز أحمد تقد (كبير مفاوضي حركة العدل والمساواة) في حديثه على ” ظاهرة الإفلات من العقاب والبحث عن آليات جديدة”، وشدد على أهمية دور رابطة المحامين والقانونيين بلندن في تحريك دعاوى ضد بعض أركان النظام (المتهمين بارتكاب جرائم إبادة وجرائم حرب)، مؤكداً أن أعداد من شاركوا في الجرائم كبيرة، وأن أرواحاً كثيرة فقدت، وممتلكات دمرت، وأن آليات العدالة الحالية قاصرة عن تحقيق العدالة.
وقال تقد إن المحكمة الجنائية الدولية ليست لديها آلية لتنفيذ القانون وتعتمد على تعاون الدول، وأن المحكمة الخاصة بجرائم دارفور(في السودان) فشلت في تحقيق العدالة ، وساهمت في مناخ الإفلات من العقاب، وأن المحكمة الأفريقية تبت في قضايا في حال موافقة الدولة المعنية على ذلك وأن الاتحاد الأفريقي يرفض الولاية القانونية للمحكمة الجنائية الدولية.
وخلص في هذا السياق إلى أنه في ضوء فشل هذه الآليات الثلاث (الوارد ذكرها سابقاً) فان البديل يكمن في اللجوء إلى ” الاختصاص الجنائي الدولي، وتساءل هل يمكن إذا جاء صلاح قوش( مدير جهاز الأمن والمخابرات) إلى لندن ، أن يتم تحريك إجراءات دعوى ضده من أي شخص؟
وأجاب: “هناك سابقة في هذا المجال، حيث حوكم الرئيس التشادي السابق حسين هبري في السنغال، بموجب مبدأ الاختصاص الجنائي الدولي”، واستعرض تقد امكان استخدام هذا المبدأ في أوروبا، مشيراً إلى شروط أوروبا للجوء إلى هذا المبدأ، وأكد وجود سوابق أوروبية في هذا الإطار.
وشدد على أن مبدأ الاختصاص الجنائي الدولي يمكن أن يساهم في محاصرة رموز النظام (نظام الرئيس عمر البشير)، كما قد يساهم ذلك في تغيير سلوكهم، وأضاف أن ” كل هذا لن يحقق عدالة إذا لم توجد محكمة في دولة تريد تحقيق عدالة”.
من جهته ركز علي العجب في حديثه على مفهوم العدالة الانتقالية، وفيما قال إنه يمكن التعامل مع آليات العدالة الانتقالية لتحقيق الانتقال نفسه، أشار إلى أن مفاهيم هذه العدالة باتت علماً يُدرس، وتساءل لماذا لا يكتب الناس ( من تعرضوا للاعتقال) عن التعذيب الذي تعرضوا له، ولماذا لا يطالب الناشطون بذلك؟.
وأشار إلى أن جرائم دارفور ارتكب ضد أناس، وشدد على أهمية كتابة أسمائهم، وقال قد يأتي يوم يضع أسماءهم في متاحف أو ( أماكن عامة)، .
وأضاف أن جرائم التعذيب والاغتصاب لا ترتكب الا إذا كان هناك نظام يؤدي (بتركيبته) إلى ارتكابها، مشيراً في هذا السياق إلى أن التر ابي ( الراحل الدكتور حسن الترابي) عمل نظاماً ( نظام البشير) يؤدي على أن يسرق ” الكيزان ( الإخوان المسلمون بعد انقلابهم بقيادة البشير)ـوأضاف ” الترابي عمل نظاماً ليكون المال سائباً”.
وقال العجب أن البشير (الرئيس البشير) لو هرب إلى أي دولة فان العدالة الدولية ستلاحقه، وأكد أهمية ما طرحه أحمد تقد في الندوة عن أهمية الاختصاص الجنائي الدولي، لكنه قال ” يجب أن نقوم بدورنا” في هذا الشأن.
وتساءل هل عذب صلاح قوش أشخاصاً، وأجاب ” أنا أعرف أشخاصاً عذبهم ، لكن هل من عذبهم عملوا تقريراً طبياً في هذا الشأن، ودعا من يتعرض لتعذيب إلى الذهاب إلى طبيب نفسي، لأن آثار ذلك يمكن أن تظهر حتى بعد عشرين سنة.
وأضاف أن التقرير الطبي مفيد للضحية ويضاعف العقاب (على مرتكب التعذيب) كما يضاعف التعويض، وشدد العجب في نهاية حديثه على ضرورة أن ” ننظم ( في لندن) ورش عمل ، لنتحدث في دائرة مستديرة ، خاصة أننا في بلد مهم ( بريطانيا).
أناهيد والاعتقال
ودار نقاش بين المحامين والقانونيين المشاركين في الندوة وبعض الحاضرين ، كما خاطبت الندوة أناهيد عثمان ( الجبهة السودانية للتغيير) التي اعتقلت في السودان قبل أيام قبل عودتها إلى لندن.
وشرحت كيفية اعتقالها، بعدما شاركت في تظاهرة شهدتها الخرطوم بحري وقالت إن تجربة الاعتقال مريرة، وقالت إن رجال الأمن الذين اعتقلوها مع آخرين وبينهم نساء مارسوا ” الإرهاب والتخويف”، وأن أختها اعتقلت لأنها كانت تقوم بالتصوير.
وقالت إن المعاملة في سجن أم درمان كانت ” قاسية جدا”، وأن بنات إبراهيم الشيخ الرئيس السابق لحزب المؤتمر السوداني تعرضن للضرب كما تم ضرب بنات أخته، و”جئن لمكاتب الأمن وهن مشوهات”، وخلصت أناهيد إلى أن طريقة تعامل رجال الأمن الذين اعتقلوا بعض النساء كانت ” سيئة مع ألفاظ جارحة، وضرب كف وعلى الرأس”.
وكان رئيس رابطة المحامين والقانونيين عبد الشكور هاشم استهل الحديث في الندوة ، وأكد اهتمام الرابطة بنشر الثقافة القانونية والاهتمام بقضايا انتهاكات حقوق الانسان. وأدارت الندوة القانونية أمال الشيخ التي شددت على التضامن مع المعتقلين في السودان وأهمية مناصرتهم.