أكرمنا اليوم كثيرٌ من أحــبابنا وحبيباتنا علي صفحات الفيسبوك بصوَرٍ رائعات لأمهاتهم وأمهاتهن.. طبعاً لمناسبة عيد الأم. الصوَر كلها وبلا استثناء كانت لأمهات رائعات رؤومات حانيات جميلات، وتشع من وجوههن كلِّهن المحنةُ والمودة والصفاءُ المريح..
طفقتُ طوال اليوم أتفرّس الصوَر وأتأملها فأسرحُ ببصري بعيداً بعد كل صورةٍ وأتذكر أمّي..
اكتشفت شيئاً عجيباً. الأمهاتُ كلهن رائعات وجميلات ومتشابهات وشديدات البهاء والنور.. وتشع من أعينهن كلهن حنيةٌ دافقة وأمومةٌ غامرة، وبلا حدود، هكذا كُنَّ كلّهن، وهكذا كانت أمي خديجة بت البشير..
ثم جعلتُ أركّز بصفةٍ خــاصة في دااااااخل أعين أولاء الأمهات. فرأيتُ شيئاً عجيباً:
ياخي الأمهات ديل بريِّحوك كدة جوووة قلبك لما تعاين ليهم.. وتحس إنك مرتااااح..ورااااايق ومتفااااااائل ومُطَّااااامِن، وتحس كدة كأنهم بملوا ليك روحك بالرضا والطمأنينة والارتياح والمُـطامنة !!
وبعدين لما تغمِّض عيونك تاني مساااافة، وتاني تفتحها وتعاين ليهن تااني شديييد حتكتشف حاجة عجيبة أخري :-
تكتشف إنو المحنَّة الفايضة من العيون دي كمان بتغمرك وبتملاك وبتستِّفَك عديييل كدة لمن تدَّفَّق شَوْوْوْوْوووو !! يعني تحِس إنك امتلأت بالمحنة بتاعتهن دي.. هكذا كُنَّ كلُّهن وهكذا كانت أمي خديجة بت البشير..
بعدين يتخيّل لي النظرة بتاعة العيون فيهن كلهن هي تماماً زي النظرة بتاعة اللحظة القبل الواحدة تضُمك عليها شديييييد لمن تشُم ريحة توبها، وتسمع دقات قلبها، وتحس بحرارة أنفاسها في صدرك، وتسمع صوت نفسها طالع ونازل، وتقول ليك أنا عاااافية منك يا ولدي ورااااااااضية عليك. أمشي الله يعدِل دربك والله يعدِلها عليك. هكذا كان يُخيّل إليَّ، وهكذا كانت تفعل معي أمي خديجة بت البشير..
وبعدين الشوق يا أخي.. تحس إنك مشتاق.. مشتاق.. مشتااااااق مشتاااااق للنهاية..مشتاااق ليها بالجد بالجد، مشتاق لحُضنها ولضَمَّة شديييدة من حضنها، ومشتاق لريحتها، ومشتاق لريحة توبها وهدومها.. ومشتاق لريحة الحنة الفي رجلينها لما ترقُد إنتَ جنب رجلينها وباكر صبحانة العيد..وتحس إنو حَلقك إتربط من شدة الشـــوق ليها..
أطال الله أعمار أمهاتنا اللاتي بين ظهرانينا ورحِم الله من انتقلن منهن إلي دار القرار.. وفيهن أمي خديجة بت البشير.