قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا … (الأحقاف: 15).
من ذا الذي يحط من شأن من كرمه الله وأعزه، وصادقت عليه السنة النبوية، وهو أحق من غيره بالصحبة.
هن الدرر. . هن القرار. . هن الجمال. . هن الحنان والمستقر.
في عيد الأم الذي طلّ علينا هذه الأيام يطيب لي أن أزجي التهنئة إلى السامقات الشامخات، ولدر الكوامن الصامدات ما صمد الدهر، اللائي تجرعن مرارة الألم بفقد الأزواج والأولاد والمأوى بسبب الحروب الضروس التي لا يهدأ أوارها. حرب هذا الزمن الأغبر. حرب الجهل والجوع والتهميش.
التحيه لأمهاتنا اللائي انجبننا، ونترحم على من رحل منهن، ونتمنى طول العمر للأحياء من أمهاتنا ونهنىء أنفسنا كأمهات، ونهنىء كل سيدة تحملت عبء الحياة في السودان، وكابدت من أجل تربية أبنائها وبناتها وأخواتها وإخوانها، وأبناء إخوانها، وهم يتدرجون في سلم النجاح والفلاح.
ولقد خلد السودانيون بالشعر وبالكلمة المنظومة، والقصص والروايات سيرة الأم العطرة، وأعلوا من شأنها، وهو اهتمام مستحق وفاءً لدور الأم.
وأكثر ما أحب الاستماع إليه في عيد الأم أغنية بتذكرك يا يمه، والنَّاس قالوا قائمين البلد، فهذه الأغنية الخالدة كلما نسمعها وهي تؤدى بعفوية وبإمالات عامية الشايقية، وكسراتها تجدد الذكريات، وتهيج الشجون، وتبعث في وجداننا ألق الحياة الجميلة، وتنقلنا إلى مجالس الأنس، وتحلق بك عالياً بين طيات البراءة مع الإخوان والأخوات في الصباح حين نتناول الشاي، والام هناك توزع حنانها وحبها، وتبث شجونها، فضلاً عن تزويدنا بالقيم التي ستترسخ وتنمو مع الأيام، وتصبح سلوكاً ونهج حياة. يا لها من صورة جمالية رائعة تندر في المجتمعات غير السودانية.
التحية للمتوشحات بالصبر والمتدثرات بالأمل، والقومة ليك يا أمي فاطمة بنت محمد، رحمها الله، وأمي هاجر بنت محمد، أطال الله عمرها، وأمي آمنة بنت ساتي، رحمها الله، وأمي مكة بنت عبدالرحمن، أطال الله عمرها. وكل الأمهات الرائعات اللائي أرضعننا الحنان والمحبة، لكن حبي ومودتي ودعائي في كل يوم، وفي كل ساعة، وفي أي لحظة، ومع كل خفقة قلب.
كما أسأل الله أحبتي الأعزاء ألا يصرفنا الدهر وصروفه، والعمل وظروفه من البر والدعاء الخالص لوالدينا.