لندن – حاوره رئيس التحرير:
قال رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي ” إننا ” نبحث عن مخرج للبلد من أزماته، ونظام الرئيس عمر البشير يبحث لنا عن مكائد، ورأى في حديث خص به ” التحرير” في لندن أن موقف النظام وبعض المعارضين من ” الإعلان الدستوري” الذي أصدره تحالف قوى ( نداء السودان) قبل أيام “دليل تخبط”.
وفيما قال إن “نظام البشير يريد خنقنا بعظم ما بلعناه”، قال إن بيت الرئيس من زجاج وليس من مصلحته رمي الناس بالحجارة”، ووصف حكومته بأنها ” مفترية”، ودعا المعارضة السودانية إلى الاتفاق على ” عهد” بشأن مستقبل السودان، وجدد التأكيد على أنه ” لا مشاركة في حكومة البشير” وشدد على ” أننا رفضنا المن والسلوى”.
وأعلن أنه سيرفع يده عن الحزب وسيتخلى عن رئاسة حزب الأمة، مشيراً إلى ترتيبات لعقد المؤتمر العام الثامن للحزب، كما أكد سعيه للفصل بين رئاسة الحزب والإمامة، وطالب بوقف الاستقطاب في الخليج، وأعتبر أن في حل الأزمة الخليجية مصلحة سودانية، ودعا الخليجيين إلى موقف موحد تجاه ” الإخوانية القطبية” الاقصائية، كما حض الحركات “الإخوانية على إجراء “مراجعات”.
وأعرب عن اعتقاده بأن السودان يتجه إلى ” انفراج” لكن أبدى خشية من مغامرات قد تقوم بها مراكز قوى داخل النظام، وهنا وقائع الحوار.
مع رئيس التحرير
*نبدأ حوارنا بزيارتك للندن ولقائك برلمانيين بريطانيين، ماذا ناقشتم، وماهي النتائج؟
-التقيت مجموعتين من البرلمانيين البريطانيين، هم مشغولون جداً بالعلاقة بين حكومتهم والسودان، ويعتبرون أن بريطانيا أحرص الآن على علاقة مع السودان لأنها بعد الـ” بريكست” (الخروج من الاتحاد الأوروبي) تبحث عن أسواق وعلاقات تجارية، ويرون أن هناك أسباباً تاريخية وعوامل اللغة تجعل بريطانيا ( حريصة) على تطوير علاقتها مع السودان.
هم (برلمانيون بريطانيون) يعتقدون بأن الحكومة السودانية ملتزمة بقضايا أمنية، وهم مهمومون بالهجرة غير القانونية، وبالإرهاب وحدوثه بصورة كبيرة، ويرون أن مصادره قادمة من مناطقنا، هم مشغولون بهذا الموضوع، ويجعلون التجارة واحتواء الهجرة غير القانونية ومحاربة الإرهاب في صدارة أولوياتهم، وهي تختلف عن أولويات الشعب السوداني ، الذي يريد حقوق انسان وديمقراطية وسلام عادل شامل.
أي توجد هذه المفارقة بين أولويات بريطانية وسودانية.
*ماذا قلت للبرلمانيين البريطانيين؟
– قلنا لهم إن دوافع الهجرة غير القانونية تكمن في عوامل طاردة من بلدان تشكل مصادر لتلك الهجرة، والسودانيون الذين خرجوا ( من السودان) بوسائل قانونية وغير قانونية في فترة ثلاثين سنة ( فترة حكم الرئيس عمر البشير الذي استولى على الحكم بانقلاب عسكري في 30 يونيو 1989) يمثلون 25 في المئة من سكان السودان، هم خرجوا في هذا العهد ( فترة حكم البشير) وهذا العهد لديه عوامل طاردة ، سياسية وأمنية واقتصادية، أي أن النظام الحالي هو مصدر من مصادر الضغط تجاه الهجرة غير القانونية، وكثير من السودانيين تعرضوا لمخاطر كبيرة جدا ليخرجوا من البلد نتيجة عوامل طاردة.
*وماذا قلت للبرلمانيين البريطانيين عن موضوع الإرهاب؟
– قلنا إن مسالة الإرهاب ليست مسألة معلقة في الهواء، أولاً لابد أن نفهم أن الأسرة الدولية لعبت دوراً مهماً في الإرهاب الموجود حالياً، ولو لا غزو أفغانستان ما كانت “القاعدة”، ولو لا غزو العراق ما كانت ” داعش”، ولابد أن يفهموا أن عوامل من بلادهم غذت وصنعت الإرهاب، لكن هناك حواضن فكرية للإرهاب، وهي تتعلق بفهم مغلوط وتكفيري للإسلام.
بشأن النظام السوداني نحن نصنف الإخوان المسلمين على نوعين، يوجد إخوان مسلمون “قطبيون”، و”هضيبيون”، “الهضيبيون” ناس دعوة و”القطبيون” ناس سلطة، والنظام السوداني في انطلاقه الأيديولوجي أعطي أولوية للسلطة، واستخدم الانقلاب العسكري ليستولي على السلطة، وهو أسلوب غير معروف لدى الشريعة الإسلامية، وفرض نظاماً طارداً للآخر، وهذا غير معروف أيضاً، لأن الأمر في الإسلام ” شورى” بين المسلمين.
أي أنه ( نظام الخرطوم الحالي) تبنى فكراً أقرب إلى الفكر “القطبي”منه إلى الفكر ” الهضيبي”، وأنا لا أرى موضوعية في تصنيف كل “الإخوان المسلمين” إرهابيين ولا كل ” الوهابيين” إرهابيين، يمكن أن تكون هناك مفاهيم نظرية، ولكن ” القاعدة” ( تنظيم القاعدة) انطلقت من “الوهابية” إلى الإرهاب والعنف ، ولذلك لا يمكن أن نقول كل وهابي إرهابي، لكن الذين اتخذوا المسلك ” القاعدي” من مصادر الوهابية هم الذين يمارسون التكفير والإرهاب.
الأمر نفسه ينطبق على ” الإخوان المسلمين”، ليس كل ” الإخوان المسلمين” إرهابيين، ولكن ” الإخوانية القطبية” التي تكفر الآخر والمجتمع وتبيح عزله من الدين تفتح الباب للتطرف والإرهاب.
*وأين تصنف النظام الانقلابي في السودان؟
نظام الانقلاب أخذ السلطة بتلك الوسائل، فهذا قطعاً معناه أنه أقرب إلى طرد الآخرين، ونحن كمسلمين عوملنا بدون الحق الذي يجب ان نأخذه كمسلمين.
*وهل توصلت أثناء لقائك البرلمانيين البريطانيين إلى قواسم مشتركة؟
– قلنا لهم، نحن لا نستنكر بل نرحب بأية علاقة بينهم وبلدنا، مهما كان الحاكم في بلدنا، لأن التواصل بين الدول ضرورة، ولكن دعوناهم إلى أن لا يعتبروا ما يسمعونه من النظام ( هو الصحيح) عندما يقول لهم أنه ضد الفكر المتطرف والعوامل الطاردة للهجرة، دعوناهم لمناقشة ذلك، وقلنا لهم مهما كانت نتيجة هذه العلاقات ( البريطانية السودانية) فنحن كشعب سوداني يهمنا أنهم ( البريطانيون ) موقعون على الميثاق العالمي لحقوق الإنسان واحترام الحريات الأساسية في منظومة حقوق الانسان الدولية، ونحن دعوناهم إلى يطالبوا النظام إلى احترام هذه الأشياء في تعامله مع الشعب، ونحن لا نطالبهم بعمل لتغيير النظام في السودان، هذه مهمة الشعب السوداني، لكن نطالبهم أن يتحروا الحقائق في تواصلهم مع النظام السوداني، ليعرفوا الأسباب الطاردة للناس وأسباب الهجرة والإرهاب ومصادره الفكرية.
نحن يهمنا أن لا ينسوا أياً كانت الاتفاقات التي يتوصلون إليها ( مع حكومة البشير) أن للشعب مصالح، ونحن نريد منهم أن يتكلموا لصالح الشعب السوداني بشأن الحريات وحقوق الانسان وعدم الاعتداء على أي احتجاج مدني غير مسلح، نحن نطالبهم بمراعاة حقوق الشعب السوداني، وإذا لم يراعوا ذلك – وحتى لو قامت أي مصالح مع النظام السوداني- فسيخسرون صداقة وثقة الشعب السوداني في المستقبل.
وعليهم أن يراعوا أن الشعب السوداني لا يمكن أن يقبل ما يحدث من تجاوزات فيما يتعلق بالإفلات من العقوبة، أي لا بد أن يكون هناك فهم لضرورة المساءلة، قلنا لهم نحن نرحب بكم (وفد يضم برلمانيين معنيين بالشأن السوداني) في زيارتكم لبلدنا في 8 أبريل المقبل كما قالوا، وطالبناهم بمعرفة أسباب الهجرة والإرهاب، ودعوناهم إلى مطالبة من سيتحدثون اليهم ( في الخرطوم) لإزالة الأسباب، أي معالجة المرض لا العرض.
دعوناهم أيضاً إلى سماع الرأي الآخر، لا الرأي الحكومي فقط، عندما يفكرون في وضع سياساتهم تجاه السودان، وسنقدم لهم موقفنا مكتوباً، ويتضمن الدعوة إلى اطلاق سراح المعتقلين وكفالة الحريات والسعي من أجل السلام العادل الشامل، وقلنا لهم (للبرلمانيين البريطانيين) إذا ركزتم على مصالحكم وتجاهلتم مصالح الشعب السوداني فستخسرون الشعب.
*هل هناك مؤشرات تعاون بريطاني مع المعارضة في الفترة المقبلة؟
– البرلمانيون الذين التقيتهم لا يمثلون الحكومة، لكنني التقيت المبعوث البريطاني الخاص للسودان في باريس، وحملته الكلام نفسه، وهو يمثل الحكومة، لكنني لا أعرف ماذا ستفعل الحكومة البريطانية، نحن واجبنا أن نوضح قضيتنا على مستوى الحكومة والبرلمانيين والرأي العام البريطاني، ماذا سيفعلون لا أدري، لكن إذا اصدروا بيانات من سفارتهم ( بالخرطوم) أو من وزارة الخارجية مع (الترويكا) أو من الحكومة البريطانية ، سنقول لهم أحسنتم، وإلا سننتقدهم لأنهم قصروا في الوقوف مع الشعب السوداني.
* ننتقل إلى ملفات سودانية داخلية، وفي صدارتها أن الرئيس عمر البشير هدد بعد توليك رئاسة تحالف (نداء السودان) المعارض قبل أيام بملاحقة أي حزب يتحالف مع حركات مسلحة، وهو يعني انك تحالفت مع حركات مسلحة، ما تعليقك؟
– السيد الرئيس البشير “لازم يدرك أن الناس الذين هم في بيوت من زجاج ليس من مصلحتهم أن يرموا الآخرين بالحجارة”، هو ملاحق دولياً، وعنده مشاكل كبيرة جداً مع المحكمة الجنائية الدولية، هو في بيت زجاج وليس من مصلحته ” يطقع” ( يرمي) الناس بالحجارة.
نحن عندما أصدرت الحركات المسلحة إعلان الفجر الجديد في عام 2013 رفضناه، لأنه يتضمن اسقاط النظام بالقوة والمطالبة بتقرير المصير، حزب الأمة رفض هذا، وقلنا لهم إذا لم تتخلوا عن هذين الهدفين نحن لا يمكن أن نتعامل معكم لسببين.
أولاً اسقاط أي نظام بالقوة معناه أنك ستاتي بديكتاتورية بدلاً عن ديكتاتورية، وثانياً بشأن تقرير المصير، نحن نرى أنه حق لشعوب محتلة ومستعمرة، أما بالنسبة للظلم الداخلي فلا يوجد ما يدعو إلى أن يكون الحل في تقرير المصير، ونرى أن يكون الحل عن طريق العدالة والمساواة والتنمية العادلة، وظللنا نقول هذا الكلام ورفضنا ميثاق الفجر الجديد.
اقتنعت الحركات (المسلحة) بكلامنا، ولذلك صدر ” إعلان باريس”، نحن لم ندخل في تحالف إلا بموجب التخلي عن هذين البندين، وظللنا نقول لهم والموقف واضح بيننا وبينهم، وهو أننا نريد أن نتعاون في تحقيق السلام الشامل العادل، والتحول الديمقراطي الكامل، ونتيجة لهذا وقعت الحكومة السودانية معنا ( نحن في نداء السودان) الذين ننطلق من هذه المفاهيم، خريطة الطريق، هم (الحكومة) وقعوا عليها ونحن وقعنا عليها ، أي أنهم تعاملوا مع تلك القوات المسلحة للخروج من الحرب.
نحن منذ عام 2014، أنا عملياً رئيس جلسات ( مؤتمر نداء السودان) وكنت أقول لهم ( لقادة الحركات المسلحة) أننا نريدكم أن تؤكدوا أنكم قوة مسلحة لكن لا تستخدموا القوة المسلحة لإسقاط النظام، وتقولوا أننا نحافظ على قواتنا إلى أن يحدث سلام، ثم نندمج في القوات المسلحة القومية، وكنا نقول لهم إن تحالفنا معكم في الاطار المدني وليس في الاطار العسكري، وحتى في الاطار العسكري قلنا أن تلتزم (الحركات المسلحة) بأن لا تعمل شيئاً يعارض اهداف ( نداء السودان).
وأصروا ( أعضاء نداء السودان) أن أكون رئيساً لـ” نداء السودان”، كنت ” مش عايز ” الرئاسة، ليس لأنني متحفظ على التحالف ( معهم) ، فالتحالف انعقد منذ اعلان باريس في 14 أغسطس 2014، كنت لا أريد الرئاسة حتى لا يبدو الأمر كأنني أسعى إليها، كانوا يطلبون مني ( قبل تولي الرئاسة) أن أترأس اجتماعاتهم، وكنت قاسماً مشتركاً، بعد ظهور خلافات بينهم.
وعندما قرروا تحويل الرئاسة إلى شكل رسمي، وهي غير جديدة، ومستمرة منذ عام 2014، وافقت ولكن قلت نُقيًد ذلك بإعلان دستوري ، يعني أننا نعمل معاً في العمل المدني، أما في المسألة العسكرية فتفاهمنا أنه لا يدخل في عملنا، و أن لا يستخدموا العمل العسكري لتحقيق أهداف سياسية، وبصورة مؤقتة للدفاع عن أنفسهم إذا لزم الأمر إلى يحصل (اتفاق ينهي الحرب).
*الإعلان الدستوري لنداء السودان مضامينه واضحة، لكن الرئيس البشير يتكلم عن مساءلة من يتحالف مع حركات مسلحة؟
– أي جهة من الجهات تريد أن تجرى مساءلة يمكنها ذلك، لكن ناس الحكومة السودانية هم دائماً ” مفترين عليً”، والدليل على ذلك عندما انتقدت في مايو 2014 تصرفات قوات منسوبة للحكومة ( الدعم السريع) قالوا أنا دعوت لإسقاط النظام بالقوة ، ورفعوا بلاغاً كيدياً ( ضد المهدي) في ذلك الوقت تحت المادة 50، وحاولوا عمل محاكمة، وسألوا أناساً قالوا كلاماً مماثلاُ لكلامي، أحمد هارون ( والي ولاية شمال كردفان حالياً) وأمير البديرية في كردفان، قالا لهما سنشهد بما قاله فلان ( المهدي)، وهو قال حدثت تجاوزات.
أنا تحدثت عن تجاوزات، ولم اتحدث عن اسقاط النظام بالقوة، يمكنهم أن يفتحوا بلاغاً كيدياً الآن، فليفعلوا ما يشاؤون، لكن في رأيي أن موقفنا واضح، وأنا علاقتي مع الحركات المسلحة بدأ منذ (اعلان باريس) واستمر، وهناك واحد من ” ناسهم” ( مؤيد للحكومة) الطيب مصطفى، قال لهم فتشت في ( اعلان باريس) عن شيء انتقده فلم أجده.
كثير من الناس قالوا لهم ( لمسؤولي نظام البشير) يجب أن تشكروا الصادق لأنهم نقل هؤلاء الناس ( قادة الحركات المسلحة) من منطق اسقاط النظام بالقوة والمطالبة بتقرير المصير إلى الخروج إلى أمرين مهمين، نحن عملنا اختراق، ولأنهم ( مسؤولو الحكومة السودانية) يعرفون أن كلامهم غير صحيح وافتراء، قالوا إننا عملنا الإعلان ( إعلان باريس) في الظاهر لنخفي شيئاً بداخله، هذا كلام غير صحيح، هذا كذب.
*هل يريد نظام الرئيس عمر البشير ممارسة المزيد من الضغوط عليك، لتستجيب للمشاركة في حكمهم؟
– أنا أعتبر كل ذلك افتراء، نحن نتكلم دائماً عن إيجاد مخارج للبلد، وحتى في كلامي في ” تشاتام هاوس” ( المعهد الملكي للشؤون الدولية) بلندن ( 22 مارس 2018) نبحث لهم عن مخارج، وهم يبحثون لنا عن مكائد، نحن نبحث عن مخارج من أجل الوطن، وليس من أجل أفراد، وهم يبحثون عن مكائد، للإساءة إلينا.
لو كان هناك أي تصرف عاقل للنظام، كان يمكن أن يقول أن ” فلان” ( المهدي) هو رئيس تجمع ( نداء باريس) منذ صدور إعلان النداء، وأن التجمع يمشي في اطار نقله من اسقاط النظام بالقوة وتقرير المصير إلى شيء يخص مصلحة سودانية، ونحن (النظام) نتمنى أن يحرص على هذا لمصلحة السودان، بدلاً عن تفتيشهم عن تجريم ، من أناس جرى تجريمهم دولياً.
*هناك أيضاً قوى سياسية سودانية معارضة انتقدت “الإعلان الدستوري لنداء السودان) واعتبرته بداية خطوة تمهد لحوار مع نظام البشير، كما انتقدت رئاستك (النداء)؟
(ضحك)، هذان موقفان متناقضان ( موقف النظام السوداني وموقف بعض المعارضين)، هذا دليل على التخبط، طبعاً لكل انسان الحق في أن ينتقد ما يشاء، ونحن نرى أن ” العظم الذي لا يخنقك ما بتبلعوا”، هؤلاء يريدون أن يخنقونا بعظم ما بلعناه”.
*تحالف (نداء السودان) يعاني من مشكلات داخلية، هناك خلافات بين جناحي الحركة الشعبية بقيادة عقار والحلو، هل ترى أن في مقدور هذا التحالف أن يكون فاعلاً لحل قضيا السودان في ظل خلافات حادة بين بعض أطرافه؟
-” شوف” أصلاً إذا نظرت إلى المعارضة، خذ المعارضة السورية أو الليبية، أو أي معارضة ستجدها متناقضة أكثر من المعارضة السودانية ، المعارضة السودانية أخف المعارضات “تناقضات”، نعم هناك مشاكل، هناك مشكلة احتويناها داخل ” الجبهة الثورية” بين “الحركة الشعبية – شمال” وجماعة دارفور ( حركات دارفور) وتم احتواء مشكلة كان يمكن أن تعمل ” فركشة” في وقتها، وأيضاً يمكن أن نحتوى هذه المشكلة ( الحالية بين جناحي الحركة الشعبية).
هي مشكلة تتعلق في رأيي بتنافس تنظيمي وشخصي مؤسف، كتبنا الآن ( رسالة) إلى الأخ عبد العزيز الحلو ( رئيس الحركة الشعبية ) لكي نلتقيه، وتحدثنا مع الأخوين مالك عقار( رئيس الحركة الشعبية) و( نائبه) ياسر عرمان، ووجدنا موقفهما مستعد للتعايش والتصالح ولأي شيء يتفق عليه.
وطبعاً هذا من المصلحة (السودانية)، يجب ألا تفرض أي جهة في السودان حق الفيتو على الآخرين ( موقفاً)، نحن نريد أن نلزم الحكومة ( بالمصلحة الوطنية) ومن باب أولى نلزم المعارضة بذلك، ولهذا نفتح الآن حواراً مع السيد عبد العزيز الحلو، ونرى أنه لا يوجد لديه خيار سوى أن يقول تحفظاته، وليس لدينا مانع بأن يأتي بقوته وسنده القائم على مؤتمر قدم له الدعم، لكن هذا لا يعني أن ينفي وجود آخرين. هناك أناس كثيرون يعلنون أنهم ( أحزاب أمة) ، نحن القوى الأساسية في حزب الأمة لكن لا نمنع ( الأخرين) من الكلام ، فليتكلموا.
نداء السودان متماسك، المشكلة الأولى والوحيدة (داخل نداء السودان(بين السيدين مالك عقار وعبد العزيز الحلو، ونريد إيجاد معادلة.
*هناك مشكلة بين تحالفي ( نداء السودان) و( قوى الاجماع)، لماذا يوجد تحالفان للمعارضة السودانية، لماذا لا يتوحد التحالفان؟
نعم هناك مشكلة التعامل بين ( نداء السودان) و جماعة ( قوى الاجماع) ، و نريد أن نتفق نحن وهم على “عهد” لبناء الوطن، بل نريد كل الناس أن يتفقوا على المستقبل الذين يريدونه، وهو سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل وتنمية عادلة ( الخ)، نريد ( من الجميع) الاتفاق على ( عهد).
*تحت أي مظلة تريدون هذا ( العهد)؟
حتى في ( ثورة) أكتوبر ( 1964) وانتفاضة رجب ابريل ( 1985) لم تكن لدينا مظلة واحدة، بل كان هناك هدف واحد، نريد الاتفاق على هدف واحد أولاً، وثانياً مقتضيات هذا الهدف تتضمن توافر الحريات العامة وحقوق الانسان وحكومة انتقالية قومية ومؤتمر قومي دستوري لوضع دستور البلد، وانتخاب عامة حرة للبلاد.
هذا جزء لا يتجزأ من موضوع “العهد”، واعتقد بأن هذا العهد يمكن ان يوقع عليه كل الناس، ويبقى أن الخلاف حول وسائل تحقيق الهدف، هناك أناس يرون أن الوسيلة الوحيدة هي اسقاط النظام بالانتفاضة، ونقول لهم هذا رأيكم ، نحن نقول نحن نريد نظاماً جديداً، وهناك أكثر من وسيلة لإقامة النظام الجديد، ونقول نعم الانتفاضة (من الوسائل) لكن يمكن اجراء حوار مثل حوار ( كوديسا) بجنوب أفريقيا، وحوار اسبانيا ( كارلوس) وحوار تشيلي ( بينوشيه).
*وكيف السبيل إلى آلية الوصول للنظام الجديد؟
سنعمل على جمع كل الناس التي تريد نظاماً جديداً (بدلاً عن نظام الرئيس عمر البشير) وهذا يشمل قوى ( نداء السودان) و( الاجماع الوطني) وآخرين.
*هل ستدعوهم إلى اجتماع؟
-أولا سنتصل ثنائياً، وعندما يتهيأ المناخ عبر اللقاءات الثناية نعقد اجتماعاً جامعاً، لنتفق على الهدف، ” مش” ضروري وحدة الصف، المهم وحدة الهدف، وبعد تحديد وحدة الهدف نقول يا إخواننا هدفنا هو (العهد) ويتكون من النقاط التي ذكرتها سابقاً، أما الطريق لتحقيقه فانتم ( في قوى الاجماع) تقولون إنه طريق واحد، وهو الانتفاضة، ونحن نقول أن هناك أكثر من طريق، والانتفاضة إحدى الطرق، ونرى أن يحدث حوار باستحقاقاته ، كما حصل في جنوب افريقيا.
*كلما تكلمت عن الحوار يرى سودانيون أن الإمام الصادق المهدي يريد أن يجد له مدخلاً ليشارك في حكومة الرئيس البشير، وثانياً فان أي دعوة أطلقتها للحوار أفرغها النظام من مضمونها؟
– هم ( بعض السودانيين ) يقولون ذلك ( أنه يسعى للمشاركة في الحكم)، ” معليش” ياأخي، نحن لو تأملنا التجربة الاسبانية أو جنوب أفريقيا وغيرها، هي كلها مسألة نضال وليس مسالة ” أمسك لي وأقطع ليك”، وعلى أية حال نحن عندما دخلنا في حوار مع النظام أثناء ( فترة) التجمع الوطني الديمقراطي ( تحالف سابق للمعارضة السودانية) وعملنا معه ” (اتفاق) نداء الوطن، ورجعنا إلى السودان ( من الخارج) فان كل من كانوا معنا وقالوا إننا عدنا لندخل الحكومة فقد دخلوا كلهم في الحكومة بصورة أو بأخرى بعد عام 2005 إلا نحن ( في حزب الأمة القومي).
*هل ما زلت متمسكاً بموقف رافض للدخول في الحكومة؟
– أنا أقول لك زيادة على كلامك، نحن في حزب الأمة عرضوا علينا ثلاث مرات (أن نشارك في الحكومة) وهناك شواهد، أولا في عام 1993 عرض علينا الدكتور حسن الترابي، الله يرحمه، في بيت السيد خالد فرح ، أن ندخل في مشاركة ( في الحكم) وكانت الأمور آنذاك في يد الترابي، وقلت يا أخ حسن بدون حريات أساسية ودستور متفق عليه لن نشترك في شيء.
ثانياً عرض عليً، الأخ عمر البشير، بحضور عبد الرحيم محمد حسين في عام 1996، أن نشترك مناصفة ( في الحكم) قبل تهتدون (عملية خروج سرية للصادق المهدي من السودان إلى الخارج)، وقلت له يا أخ الرئيس بدون اتفاق على دستور ومؤسسات تخلو من التمكين ( سياسة نفذها البشير لتوظيف مؤيديه وطرد آخرين من أعمالهم ووظائفهم) لن نشترك ( في الحكومة).
وفي عام 2011 عرضت على الأخ البشير أن نتفق على رئيس وفاقي، وزارني الدكتور مصطفى عثمان (قيادي في نظام البشير وكان وزيراً للخارجية) وعرض عليً (منصب) رئيس الوزراء وأن يبقى الرئيس في موقعه، وطبعاً زارني بتكليف من البشير، وقلت له أنا لا أريد وظيفة لنفسي، أنا أريد حل مشكلة البلد، وليس مشكلة الصادق، أنا ما عندي مشكلة.
وقبل ذلك، في عام 1980 زارني المرحوم الرئيس جعفر نميري في البيت، ومعه فتح الرحمن البشير، وقال لي ” أنا عايزك تكون خليفتي ونائبي ( نائب رئيس الجمهورية) ” فقلت لنميري بدون دستور ديمقراطي وحريات لن ادخل حتى لو عُرض منصب رئيس الجمهورية.
*هل مازلت متمسكاً بهذا الموقف؟
– هذا هو موقنا المبدئي، وأنا متمسك به، وأقول في كل مكان، إنه عُرض علينا المن والسلوى، فرفضنا المن والسلوى، إلا بموجب أن تسترد حقوق الشعب السوداني في الحرية والديمقراطية، لا مشاركة بدون ذلك.
*دعوت الرئيس عمر البشير في حديثك في ” تشاتام هاوس” بلندن إلى تسليم السلطة للشعب، ماذا تعني، وأنت الوقت نفسه تتكلم عن انتفاضة محتملة وحوار باستحقاقاته؟
– كلامي واضح، هذه كلها طرق، ويمكن أن يسبق هذا كله النقاط التي ذكرتها سابقاً (بينها اعلان البشير تسليم السلطة للشعب) ، أنا مستعد إذا أعلن الرئيس البشير ذلك أن أدعو كل حملة السلاح ليتوجهوا إلى الخرطوم ( في حال أعلن ما ذكرته من نقاط) ، لإبرام اتفاق لتحقيق السلام الشامل العادل والتحول الديمقراطي الكامل في السودان.
*هذا يعني أن هناك مقدمات ضرورية مطلوب أن يعلنها الرئيس البشير؟
– طبعاً، كيف يذهب إلى السودان محكومون بالإعدام من دون عفو، ويمكننا إذا أعلن ( البشير النقاط التي أعلنتها) أن نعمل تسوية في موضوع المحكمة الجنائية، وقد تكلمنا عن تلك النقاط مع مسؤولين في الأمم المتحدة ودول أخرى وعدت بمساعدتنا.
*هل تتوقع أن يستجيب البشير لندائك؟
– لا أتوقع ان يستجيب، لأنه بدلاً من أن يروا الجانب الإيجابي في كلامنا يسعون إلى توريطنا، وكان يمكن أن ينظروا إلى الجانب الإيجابي في إعلان باريس، وقلت بعد التوقيع على النداء هاتفياً لمصطفى عثمان لا تتعاملوا معنا بالمكايدات والحسد والغيرة، أنظروا للنداء ووافقوا على الجانب الإيجابي فيه، وقولوا أنكم ضد الجانب السلبي.
النداء الذي وجهته الآن ( من لندن) أرى أن فيه مصلحة السودان، وفيه مصلحتهم أيضاً ( قيادة النظام) وللأسف فانهم سيلجؤون إلى المكايدة.
*هم الآن يقومون بترتيبات لإعادة ترشيح البشير في انتخابات 2020؟
– هي ليست انتخابات، هي طبخة تهدف إلى استمرار النظام كما هو الآن، كيف تجرى انتخابات وكل المفاتيح في يد الحزب الحاكم ( المؤتمر الوطني)، والمال في يده، وكذلك الإعلام ، كيف تتنافس مع جهة مميزة بكل الوسائل، لديهم المعتمدون ووزراء الأقاليم والشرطة وكل شيء.
*كلامك يعني أن حزب الأمة لن يخوض الانتخابات في 2020؟
– هذا لا نسميها انتخابات، هي إجراءات لتثبيت النظام ، مثلما حدث في 2010 و2015.
*هل قوى (نداء السودان) متفقة على مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
قوى نداء السودان ناقشت الموضوع، ورأوا ( أعضاء النداء) أنهم محتاجون لمناقشته بصورة أكثر دقة وعمق، لأن بعض الناس قالوا أن نرفض الانتخابات، وآخرون قالوا نشترط ( شروطاً) ولذلك علقنا الموضوع، وسينظم حزب الامة ورشة في هذا الشأن، ليقول كلاماً موثقاً وكنا أصدرنا كتاباً عن انتخابات سابقة، أما قوى ( النداء) فستدرس الموضوع لإخراج موقف متفق عليه بالإجماع.
*أشرت في ردك على سؤال أن الرئيس البشير إذا استجاب لندائك بنقاطه فانه يمكن بحث تسوية بشأن موضوع المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقه، فهل هذا ممكن، ولماذا تدعو إلى ذلك وانت في الوقت نفسه تطالب بعدم الإفلات من العقاب؟
– عندما وقعوا اتفاقية ( الكوديسا) في جنوب أفريقيا، لو قالوا إن البيض سندخلهم المحكمة ما كان في مقدورهم إحداث تغيير، اتفقوا على ما سموه الحقيقة والمصالحة، نحن اقترحنا منذ أن جاءت فكرة المحكمة الجنائية أن ننشئ محكمة هجين، لتكون بديلاً عن المحكمة الجنائية.
وفي عام 2011 طلبت مقابلة الأمين العام للأمم المتحدة، وقالوا إنه مشغول أو مسافر ، ورتبوا لي لقاء مع أرفيه لا تسوس مساعد الأمين العام لحفظ السلام ، التقيته في نيويورك، قلت نحن مع المحكمة الجنائية الدولية ونرى أنها آلية ضرورية بالنسبة للقانون الجنائي الدولي، وأشرنا إلى أنه إذا قلنا للحكومة السودانية أن تنقل السلطة للشعب وأنها ستذهب في الوقت نفسه إلى لاهاي فإنها لن تقبل بتسليم السلطة، فهل هناك إمكانية لعمل تسوية.
قال لي إنه توجد بنود في نظام المحكمة الجنائية الدولية وصلاحيات مجلس الأمن تعطي إمكانية مخرج إذا اتفق ضحايا هذه الأعمال، وكثيرون تكلمت معهم قالوا إن السودانيين إذا اتفقوا على التحول الديمقراطي والسلام العادل الشامل مستعدون لإلغاء الديون.
* هذا كلام دول كبرى؟
-نعم، قرار رفع الدين (بفتح الدال) محتاج لقرار من 55 دولة بنادي باريس، وهناك اتفاقية أوروبية بشأن مساعدة الدول الفقيرة، والسودان لديه حق دعم معطل بـقيمة 350 مليون دولار منذ فترة طويلة، هذا دعم معطل بسبب موضوع المحكمة الجنائية الدولية.
أي بوجود موضوع المحكمة الجنائية فان السودان معاقب ولا يعفى الدين ( بفتح الدال)، والقيادة السودانية لا تقابل مسؤولي الدول التي تراعي حكم القانون، هذا موقف مسيء للسودان، وفود دول ( كبرى) تزورالسودان وتقابل مسؤولين وترفض مقابلة رأس الدول، وعندما زار الرئيس الأميركي دونالد ترمب المملكة العربية السعودية ودعت حلفاءها كان يفترض دعوة الأخ البشير إلى الاجتماع ( قمة أميركية إسلامية) لكن قيل له لا تحضر القمة، هذا بسبب عقوبات مفروضة على السودان.
*قلت أن أهل الضحايا هم من يملكون حق إجراء التسوية بشأن المحكمة الجنائية الدولية؟
– كلنا ضحايا، شعب السودان هو الضحية، وإذا اتفقنا على تسوية يمكن ان يحدث هذا الإجراء ( تسوية بشأن ملاحقة المحكمة الجنائية للرئيس البشير وبعض معاونيه).
وإذا قلنا كلنا – ونحن ضحايا – من أجل مصلحة السودان وليس من أجل مصلحة شخصية – ولكي يتم تحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، أننا مستعدون أن نضع صيغة مساءلة أخف من المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، هذه هي الفكرة التي نتكلم عنها، واعتقد أبها معقولة. لكن ” ناس النظام سادين دي بطينة ودي بعجينة” (آذانهم مغلقة).
* الرئيس البشير ومعاونوه قالوا إنهم لا يعترفون بالمحكمة الجنائية الدولية؟
هم وقعوا على نظام روما ( بشأن المحكمة الجنائية الدولية) لكنهم لم يصادقوا عليه، هي باتت جزء من القانون الدولي، الآن 140 دولة أجازته، القانون موجود؟
*هل يستطيع مجلس الأمن أن يلغي ملاحقة المحكمة الجنائية للرئيس البشير وبعض معاونيه، وهو الذي أحال المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
– مجلس الامن لا يمكن أن يلغيها، الموضوع في يد المحكمة وهي مستقلة، ويستطيع مجلس الامن عمل شيء واحد وهو تجميد الملاحقة لمدة سنة ، لكنه لا يستطيع إلغائها، الموضوع خرج من يده.
لكننا نعتقد إذا حدث توافق ( بين السودانيين) أن نقود تسوية بشأن هذا الموضوع.
*السيد الإمام ننتقل إلى الملف الاقتصادي، كيف ترى الأوضاع الآن، وخاصة أن الحكومة اتخذت إجراءات شملت امتصاص السيولة في السوق وحجز أموال الناس في البنوك والسماح بسحب مبالغ محددة؟
– الموضوع الاقتصادي فيه ” لخبطة” شديدة، السودان لا يشهد عافية اقتصادية الا بحدوث 3 أشياء أساسية، أولاً أن يكون الصرف منضبطاً، وثانياً يوجد انتاج اقتصادي زراعي صناعي، وثالثاُ استثمارات أجنبية وداخلية.
البترول عمل تغطية عندما كان السودان موحداً، وكانت 50 في المئة من الإيرادات من انتاج البترول، والموازنة الخارجية للاستيراد كانت نسبة 75 في المئة تأتي من البترول، واستمر هذا الوضع من عام 2000 إلى عام 2011.
نحن في حزب الأمة كنا وحدنا انتقدنا اتفاقية الجنوب (بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بقيادة الراحل جون قرنق ووصفت باتفاقية السلام ) وقد قبلها آخرون ( قوى سياسية) وباركوها واشتركوا فيها، ونحن أعددنا اتفاقية بعنوان ” اتفاقية السلام في الميزان” وقلنا إنها لن تأتي بسلام ولا بتحول ديمقراطي ولن تؤدي إلى وحدة، لماذا.
الاتفاقية قسمت البلد على أساس ديني، الجنوب علماني، وشريعة في الشمال، هذا يعني تقسيم البلد، لكن الشيء المغري للجنوب أن الاتفاقية قالت إن الثروة هي بترول الجنوب ولم تقل إن البترول ثروة قومية.
بروتكول الثروة نص على أن الجنوب إذا بقي (موحداً) مع الشمال فيأخذ نصف ثروة البترول، وإذا انفصل يأخذ البترول كله، وهذا كان نوعاً من الإغراء ( للجنوب لينفصل) ، ولم يتم الاستعداد ( في الشمال) لمواجهة أي ظرف، وعندما “وقع” ( ذهب البترول بانفصال الجنوب) أنت وقعت ( الشمال).
ولذلك قرروا ( حكومة البشير) برامج اصلاح لثلاث وخمس سنوات لتقليل الصرف وزيادة الإنتاج والاستثمار، لكن الصرف الأمني والسياسي والشرطي زاد عشرات المرات، وفي غياب الإيرادات التي تغطي الصرف اضطرت الحكومة لطبع قروش، هذه أكبر عملية حمقاء، ولذلك فان حجم الفلوس المتداول أي المطبوعة سنة 1920 كان 14 مليار جنيه والآن صار 244 تريليون جنيه، أي تضاعف المبلغ آلاف المرات ، فيما زاد الإنتاج 6 أضعاف فقط، هذا انعكس في الزيادة الرهيبة للأسعار ( أسعار السلع الاستهلاكية) وزيادة رهيبة في سعر الدولار.
بالمقابل لا يوجد زيادة في الإنتاج، عدد من المصانع توقفت عن العمل، ونتائج الزراعة تتناقص، أما بشأن بيئة الاستثمار، فقد حدث استثمار، لكنه هو بيع أراض لجهات أجنبية، وفي هذا مخالفة لقانون منذ أيام الانجليز، وهو لا يسمح للأجانب تملك أراض في السودان.
وفي الظروف الحالية في غياب ضوابط بشأن سعر صرف الدولار لا يمكن استقطاب مستثمرين، ومن يأتي هم من يشترون الأراضي، وفي عام 2016 كانت استثمارات السودانيين خارج السودان كبيرة جداً، وفي معلوماتنا أن 2.5 مليار دولار سوداني هاجرت للاستثمار في أثيوبيا، والآن سجل السودانيون المركز الثاني في قائمة المستثمرين في أثيوبيا بعد الصينيين.
الاقتصاد السوداني لا يمكن أن يخرج من حالته الراهنة إلا بإجراءات كثيرة جدا ذكرناها في مناسبات عدة.
الشيء المهم أن الحكومة تقول إنها انتهت من الحرب ( في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان) وهذا يعني تصفية كل آليات الحرب، ويحدث العكس إذ تمت زيادتها، وصحيح أننا نسعى إلى أن تقبل القوى المسلحة السودانية عدم استخدام سلاحها لتغيير النظام، لكن الحكومة لا يمكن ان تطمئن إلى أن يكون هناك سلام، ولذلك الصرف مستمر.
كما أن النظام دخل في محاور، وهذا سيجر عليه مشاكل مع ليبيا وجنوب السودان ( الخ).
*يلاحظ أنه كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية يلجأ الرئيس البشير إلى دول خليجية لتدعمه مالياً، هل سيحل هذا الدعم الأزمة؟
رأيي أن هذا ( الدعم) غير موجود حالياً، كان يُتوقع ان تستثمر دول الخليج كثيراً في السودان، هذا حدث في الماضي ( في سنوات مضت) لكن الآن فانهم ( مسؤولو الحكومة السودانية) يحاولون وقف انهيار الجنيه بوسائل ميكانيكية.
*هل توقف الدعم المالي الخليجي؟
ما نراه نحن لا يوجد دعم، هناك أسباب أساسية، النظام السوداني دخل الآن في محور ” إخواني” تقوده تركيا، وعندما زار الرئيس رجب طيب أردوغان السودان، فانه لم يزر في اطار علاقة سودانية تركية، وإنما هو مندوب لـ” الحركة الإخوانية”، كان يرفع “علامة رابعة” ( في إشارة لدعمه إخوان مصر) في كل المناسبات أثناء زيارته السودان، هذا استفزاز قام به.
توجد مشكلة وهي أن السودان مصنف في محور تقوده تركيا فيما يتعلق بالمشكلة الإقليمية.
*نفتح ملف حزب الأمة، يرى أعضاء بالحزب انه يعاني من مشكلات عدة ، تنظيمية، إعلامية ، ومالية، ما رأيك؟
أولاً، هو الحزب (السوداني) الوحيد المتماسك، ولديه أيدولوجية وبرنامج الآن على الساحة، ولا شك في ذلك، والأحزاب الأخرى ليس لديها هذه الصفات.
ثانياً الحزب عقد سلسلة مؤتمرات تعطيه الشرعية، إذ عقد المؤتمر السابع للحزب ، والآن توجد تحضيرات للمؤتمر الثامن، طبعاً توجد مشاكل لأن النظام ( نظام الرئيس عمر البشير) متخصص في الإساءة لحزب الأمة، يختلق، يستقطب، لكن كل الاستقطابات التي قام بها ( فالصو) لم تأت بنتيجة، فحزب الأمة متماسك، ولديه أجهزته، لدينا هيئة مركزية ومكتب سياسي ومكتب تنفيذي وهيئة رئاسة، هذه كلها موجودة، وكلها نشطة، وكلها منتخبة.
ثالثاً في كل الولايات لدينا حزب كامل بمكتبه السياسي ومكتبه التنفيذي، وفي الخارج لدينا 73 مكتباً تتبع الأمانة العامة للحزب.
على هذا الأساس للحزب نشاط مستمر، واستطعنا أن نطوف على 7 ولايات في السودان وسنكمل الطواف في اطار عمل تعبوي، وحزبنا هو الحزب الوحيد الذي يعقد مؤتمرات صحافية مستمرة، دورية، إذ عقدنا 74 مؤتمراً صحافياً تشترك فيها أجهزة الحزب، ونعقد ورشاً لدرس القضايا المختلفة لتحضير السياسات البديلة، نظمنا أكثر من مئة ورشة.
*والمشكلات الأخرى في الحزب ونقص المال؟
-صحيح لدينا مشكلات ونقص في الأجهزة الإعلامية، وسنرى كيف نعالجها، لكن المؤتمرات والمقابلات الصحافية عملت سداً لبعض الفجوات.
ثانياً لدينا مشكلة مالية، لكننا استطعنا أن نعالجها بالنفير والمشاركات، والوضع تحسن بشأن امكان إيجاد تمويل للأنشطة الحزبية، ورابعاً بشأن العمل التنظيمي فإننا نسعى أن تعقد كل الأجهزة مؤتمرات لانتخاب قيادات لتشارك في المؤتمر الثامن العام، الأن يجري التحضير لمؤتمرات قاعدية، ستفرز قيادات ستشارك في المؤتمر العام.
*وما الجديد الذي يحمله المؤتمر الثامن القادم؟
– لدى خطة جديدة، تهدف للتأسيس الرابع لحزب الأمة، وأنا كتبت قبل سنتين بشأن عمل ورشة، للنظر في ” التأسيس الرابع لحزب الأمة ” ، أنا أريد تشكيلة جديدة للحزب، هذا المشروع لن أفرضه، وسندرسه.
* قلت أنك تريد تشكيلة جديدة لحزب الأمة، ماذا تعني؟
تأسيس رابع لحزب الأمة، أنا شخصياً أريد أن أرفع يدي عن العمل الحزبي، هناك بعض جماعة الإنقاذ( نظام البشير) قالوا إنني قلت أريد أن اتخلى عن السياسة، أنا لم أقل أنني سأتخلى عن السياسة، أنا أريد أن اتخلى عن العمل الحزبي.
*هل تعني أنك ستتخلى عن رئاسة الحزب؟
نعم، سأقوم بمهمات أخرى ، علمية وثقافية وفكرية وإقليمية وعربية وافريقية ودولية.
*متى يتم التخلي عن رئاسة الحزب؟
المؤتمر العام (المقبل) هو مؤتمر عام، ” مش ونسه”، عندما تكتمل المؤتمرات المختلفة وتختار مندوبيها، وقتها سيتم الدعوة للمؤتمر العام للحزب، و يأتي المندوبون لينظروا في التأسيس الرابع لحزب الأمة.
*والإمامة؟
– قطعاً، سيتم الفصل بين الإمامة ورئاسة الحزب، أ ي الفصل بين الدعوة والعمل السياسي، وهناك من يتكلم عن فصل الدين عن الدولة، لا يوجد شيء اسمه فصل الدين عن الدولة، لأن الدولة هي أرض وشعب وسلطات ثلاث، والشعب عنده وجدان وينعكس في القوانين، والتشريع لا بد أن يقنن للمسلمين وللمسيحيين ولكل الناس، لا يوجد شيء اسمه فصل الدين عن الدولة، لكن يوجد فصل السياسة عن الدين.
أنا أريد أن يكون حزب الأمة مؤسسة سياسية، وهيئة شؤون الأنصار مؤسسة دعوية، وفي هيئة شؤون الأنصار قاعدة ودستور مستمد من وصية الإمام الصديق، إمام الأنصار هو من ينتخبه الأنصار، أنا أفكر في هذه، ودعوت زملائي في هيئة شؤون الأنصار لنتناقش بشأن مستقبل الإمامة في ورشة، أنا لا أعتقد بأن الإمامة تكون ( تستمر) إلى أن يموت الإمام، ولذلك لابد أن تكون هناك حدود زمنية للإمام، وسنناقش هذا الموضوع مع آخرين.
أنا عملت اجتهاداً جديداً سميته فقه الإمامة، وهناك من الناس من يعتقد بأن الإمامة هي مجرد منصب ديني، ونشرت هذا الفقه، وضمنه سنتكلم عن الموضوع الزمني.
*أوضحت ما يدور داخل الحزب من ورش وما تقوم به أجهزته، لكن رغم ذلك هناك من داخل الحزب من يدعو إلى الإصلاح والمؤسسية، والمزيد من التنظيم، هل أنت مع هذا الرأي؟
– والله يا أخ محمد أنا اعتقد بأن الأشياء التي نسير عليها متقدمة ثورياً على أي شيء في الساحة السياسية ( السودانية).
* ننتقل لملف آخر، لنسأل عن علاقات السودان الخارجية ، أنت قلت ان السودان دخل الآن في محاور، ماذا عن هذا الجانب، وكيف ترى حال العالم العربي والإسلامي؟
– أولاً العالم العربي والإسلامي للأسف يشهد حالة تفكك، ولابد من وقف الحرب والمواجهات كلها، وصار الخصوم يستثمرون في هذه الحروب لتدمير الأمة، هذا هو الجيل الرابع من الحروب، وهي تعني أننا ندمر أنفسنا بأنفسنا.
الحروب موجودة حالياً في سوريا واليمن ولا بد من مشروع لإيقاف هذه الحروب، ونحن الشعب السوداني إذا تعافى وضعنا يمكن أن نقوم بدور مهم في وقف الحروب كلها في اليمن والشام وغيرها.
لابد من وقف الاستقطاب الطائفي، سني – شيعي، ولابد أن يتعايش الطرفان، والقوى الدولية تريدنا ان ننشغل بالاستقطاب السني الشيعي عن القضية الفلسطينية والخطر الإسرائيلي هو الخطر الأكبر في المنطقة.
يجب ان يكون هناك موقف يؤكد أن لا تطبيع مع إسرائيل إلا بموجب رد الحقوق للشعب الفلسطيني وللشعب العربي، ويجب أن نتفق على ذلك ونقسم عليه، وإسرائيل حتماً مع صمودنا هي متآكلة، انا حالياً أقرأ في كتاب ( How long will Israel survive ) التناقضات الداخلية كبيرة جداً، فالحركة الصهيونية هي ردة فعل لكراهية السامية والآن لا توجد في العالم كراهية للسامية، وبالعكس أغلبية اليهود خارج إسرائيل ولن يأتوا إلى إسرائيل، لأنهم مستوطنون في أميركا وانجلترا وفرصهم أفضل مما هي في إسرائيل،.
وبين النهر والبحر، أي بين نهر الأردن والبحر الأبيض وهي أرض فلسطين التاريخية، الآن يوجد توازن سكاني، يهود وعرب، والزيادة السكانية مستمرة، ولذلك إسرائيل أمام خطر، إما تكون دولة ديمقراطية، دولة ذات قومية ثنائية كلبنان، أو تحرم العرب من حقوقهم وتكون دولة مثل جنوب أفريقيا ( سابقا) ، دولة فصل عنصري، أنا أرى أن كل هذا الموضوع يتجه إلى تناقضات أساسية، لكن علينا أن نحرص على عدم التفريط في حقوقنا، ونقول هذا الكلام، وأمام إسرائيل دايناميات تفكيك لهذا الكيان الغريب.
*والوضع في الخليج؟
لا بد من وقف الاستقطاب في الخليج، حتماً وبدون مناقشة، لماذا، لأن أهل الخليج أسرة واحدة، ونمط حياة واحد ومشاكل مشتركة، وهم محتاجون لمواجهة المشاكل المشتركة من خلال خطوات.
أولاً لابد من عقد اجتماعي بشأن العلاقة بين الحكام والشعوب، ليُمكًن الشعوب من المشاركة، وثانياً سياسة جديدة في التعامل مع العمالة الوافدة، لأنها أصبحت أغلبية ( بين السكان) ولها مصالح مشتركة، وثالثاُ لابد من الاتفاق على التحرر من الاعتماد على مصدر واحد للثروة، ورابعاً لا بد من الاتفاق على الدفاع المشترك عن المنطقة، وخامساً لابد من الاتفاق على موقف واحد بشأن التعامل مع أهم جارين لنا، وهما تركيا وايران، اتفاق تعاون لا اتفاق حروب وعدم السماح لحدوث شيء آخر، وسادساً لابد من الاحترام المتبادل لسياسة هذه الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من هذه الدول.
في رأيي أنه حدثت ظروف خلقت مواجهة، وهذه المواجهة لم تحقق أهدافها، وكما قيل أي أمر لم يحقق أهدافه يُراجع. أي يراجع الموقف كله، ونحن في السودان مصلحتنا في وفاق أهلنا في الخليج.
أسباب المصلحة السودانية تكمن في أن لدينا عمالة كبيرة في هذه البلاد، ونحن نريد اقناع أهلنا في الخليج أن أموالهم السائلة أفضل استثمار لها ليس في شراء السلاح بل في الاستثمار بأفريقيا، في أفريقيا يستطيعون السيطرة على أموالهم، لكن في الغرب لا يمكنهم السيطرة عليها.
للأسف أميركا حرضت على الموقف الحالي ( الأزمة الخليجية الحالية بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى) وهي شعرت أن التحريض غلط.
هنا أيضاً ملفان مهمان، إذ لابد أيضا من الاتفاق خليجياً على ملف الإرهاب والملف الإسلامي، ولابد من الاعتراف أن الإرهاب صناعة وافدة من الأسرة الدولية، لكنهم ورطوا كل دول المنطقة في دعم الإرهاب بشكل أو بآخر، واذا لم يُتفق بشأن هذا الملف في ظل التوتر الموجود سيتمدد الإرهاب، ستتمدد ” القادة ” و” داعش” اذا لم يتفق الخليجيون بشأن هذا الملف، وهم الآن ( الإرهابيون) متمددون في ليبيا واليمن ويكمن ان يتمددوا في أي مكان آخر.
بشأن الملف الإسلامي أرى أنه محتاج لاتفاق، بحيث يجب منع أي تعامل مع أي جهات تكفيرية، وأن يُتفق على ذلك، ولابد أن يكون هناك اتفاق ( بين الخليجيين) بشأن الملف ” الإخواني”، لماذا، أنا أقترحت أن يقوم ” الإخوان المسلمون” بمراجعات كما فعلوا جماعة أردوغان في تركيا، وكانت تركيا لديها حزب الرفاهية وكان يقوده أربكان، وصيغته ” إخوانية” ورأت جماعة أردوغان مراجعة ذلك فراجعوه وجاءوا بحزب العدالة والتنمية” .
الإخوانية” في أندونيسيا عملت مراجعة، و” الإخوانية” في المغرب وتونس عملت مراجعة، أي لا بد أن يتم التخلي عن ” الإخوانية القطبية” التي تعطي أولوية للسيطرة على السلطة والتمكين، ويكون هناك موقف مشترك من هؤلاء لأنهم يمثلون خطراً ( على الدول).
نحن في السودان عانينا من ذلك، عاملنا ” الحركة الإخوانية” في السودان برحمة شديدة فغدروا بنا ( نفذوا انقلاب البشير على حكومة منتخبة برئاسة المهدي في 1989) وأنا أدعو باستمرار كل الحركات ” الإخوانية” إلى عمل مراجعات.
*هل توجد مؤشرات مراجعة ” إخوانية” في مصر؟
لا، في مصر يوجد استقطاب، وكنت أنا كتبت خطاباً مفتوحاً إلى رئيس الجمهورية ( عبد الفتاح السيسي) وقلت يا الأخ الرئيس ليس من مصلحة مصر هذا الاستقطاب، ودعوته لإصدار عفو عن المحكومين بالإعدام لنستطيع نحن في المنتدى العالمي للوسطية كحكماء أن نقول لـ” الحركة الإخوانية” أن تعمل مراجعات كما حدث في تونس والمغرب، ووفي رأينا أن هذا ممكن، لكنه يحتاج إلى مناخ.
وسأظل أقول إن الاستقطاب الموجود ليس من مصلحة مصر، ويمكن أن يُحل لأن ” الإخوان المسلمين” في مصر ارتكبوا أخطاء كثيرة، ويمكن أن يعملوا مراجعات كما حدث في بعض الدول.
يجب ان يكون هناك موقف خليجي موحد، تجاه “الإخوانية القطبية ” الإقصائية التمكينية التي ظهرت في السودان ومصر، وهذا لا ينصرف على الحركات الإسلامية الأخرى، و إذا كانت مستعدة لمراجعة مواقفها يجب ان تتخذ ( الدول ) ضدها مواقف عدائية.
*سؤالنا الأخير، السودان إلى أين، هل إلى انفراج للأزمات أم غرق في أزمات مستمرة؟.
– في رأيي أن السودان يتجه إلى انفراج، وببساطة شديدة، النظام الحالي ( نظام البشير) لم يعد لديه ما يعرضه، أزمة اقتصادية وأزمة أمنية، واستقطابات خارجية، وما أخشاه أن تُفكر مراكز قوى داخل النظام في مغامرات، ومن مصلحة السودان أن نعمل شيئاً متفقاً عليه، لنغلق الباب أمام المغامرات.
دائماً أقول أن السودانيين رغم خلافاتهم لديهم قدر من التسامح، ويمكن أن يسمح لنا هذا التسامح أن نجد مخرجاً لبلدنا، كما حدث أثناء استقلال السودان ( اجماع على مسألة الاستقلال 1956) وكما حدث في أيام إبراهيم عبود ( رئيس سابق)، عندما حصلت المواجهة في أكتوبر 1964 حصل أيضاً تعامل بالتراضي، فوجد السودانيون مخرجاً من الاستقطاب الذي حصل في 21 أكتوبر ( 1964) ( تاريخ ثورة شعبية سودانية).