من المؤسف حقاً أن نصل إلى هذا الدرك السحيق، وأن تتهاوي القيم الأخلاقية لدرجة أن تضيع منا كل موانع الفساد، وأن تتراجع هيبة الدولة وقداسة التعليم، وأن تصاب أهم وزاراتنا “وزارة التربية والتعليم” بجرثومة الفساد، وأن تأتي خيانة الأمانة من مواقع مهمتها أن تربي الأجيال على الامانة والوفاء.
كيف تسرب امتحان الشهادة السودانية؟ ومن أي مركز؟ وأي ولاية؟ وبعلم من؟ وما الثمن؟ وما الجهة التي تعمدت التسريب؟
كشف أي مادة من مواد امتحان الشهادة السودانية يعدّ جريمة تصل إلى درجة الخيانة العظمي للوطن؛ لأنها ضربة قاضية لنظم التربية والتعليم، وإساءة لا تغتفر لتاريخ التربية والتعليم في السودان “سودان بخت الرضا وحنتوب وخور طقت”.
فلا يُقبل أبداً أن تكون الشهادة السودانية التي تربعت على قمة التميز في محيطيها الإفريقي والعربي مثاراً للتندر والسخرية، فالحديث عن وقائع اختراق نظمها فضيحة تتناقلها الفضائيات، وتناقشها الصحف.
ما حدث هذا العام لا يمكن أن يفصل عن وقائع العام المنصرم، حيث تم تسريب الامتحانات عبر طلاب ينتمون لجنسيات عربية جلسوا للامتحان في العام الماضي.
وتكرار التسريب هذا العام يؤكد أن وزارة التربية مخترقة النظم، أو أن الوزارات التي تعين وزارة التربية في نقل وتأمين الامتحانات مخترقة هي الأخرى.
السودان يخسر مرة أخرى خسارة لا تعوض بتسريب الامتحانات، ثم يخسر بضياع هيبة وزارة التربية والتعليم، ثم يخسر ثالثة بتشويه سمعة تاريخه العلمي والتربوي، ثم يخسر مرات بانفراط نظم الضبط داخل مدارسه؛ لأن الجهات التي تسرب الامتحان لا يعجزها حل الامتحان للطلاب الجالسين للامتحان، طمعاً في الحصول على نتائج متقدمة، ولكنها مزورة للأسف.
لا خلاص من فضيحة تسريب الامتحان إلا بالتحقيق، وكشف من يقف وراء هذه الخيانة، وتنفيذ أقصى العقوبات عليهم؛ على أن تكون العقوبة تناسب جريمة الخيانة العظمي للسودان، وشعبه المكلوم.