? تزداد حيرة الشعب السوداني كلما أشرقت شمس يوم جديد.. ليفاجأ الناس بازدياد معدلات الحرائق، وارتفاع وتيرة أزمة المحروقات، وتراص المركبات في صفوف مد البصر انتظاراً للفوز بكمية محدودة من البنزين أو الجازولين.
? ولاي جد الناس من يكشف لهم حقيقة وأسباب الحرائق التي تشتعل حيناً في المخازن، ومواقع الإنتاج، وأحياناً أخرى في مباني الوزارات، وتحديدا حيث ترقد ملفات الأرشيف الخاصة بالمعاملات المالية.
?وعلى الرغم من أن ظاهرة الحرائق وأزمة المحروقات تلتقيان في تشابه الحروف، وتقارب النطق، إلا أن هناك ثمة رابطاً أقوى بينهما، وهو الفساد والإهمال في كليهما…وأنهما يشكلان معاً عنواناً كبيراً لاحتراق وطن بأكمله…وتعبيراً عن محروقات كثيرة علي رأسها الأخلاق والوطنية والامانة والشجاعة وحقوق البسطاء.
? ولن يفيق الشعب السوداني من ذهوله، وهو يتابع إعلان وزير الخارجية السابق أمام البرلمان عجز الحكومة مالياً لتعجل القيادة بإقصائه، ثم مايلبث الشعب يعالج استيعاب ردة فعل الرئاسة تجاه أحد وزرائها المخلصين لتوجهها منذ أن كانت فكرة، وحتى أصبحت مشروعاً حضارياً، ولم يتنكر لها حتى وهي تهوي بالسودان إلى الحضيض..ليفاجأ من جديد بتأكيد النائب الأول ورئيس الوزراء عجز الحكومة في توفير 109 ملايين دولار، وهو المبلغ الذي يعالج مشكلة الوقود، وتوفير المحروقات على وجه السرعة لتختفي الصفوف.
?وعجز الحكومة عن توفير مبلغ يخرجها من حرج ضائقة المحروقات، وهي التي تدرك وتعرف أن هناك من منسوبيها ومعارفها من يستطيع دفع هذا المبلغ لكنه لا يدفع، ولن تتجرأ هي بإلزامه بالدفع لاحتراق الضمانات، بمافيها الضمان المصرفي، وانعدام الشجاعة لدى الحكومة لكشف الأسباب، وحسم من تسببوا في الأزمة.
?الحرائق تقطع الطريق أمام أي محاولة لمواجهة الفساد، وكشف من تورطوا في الاعتداء على المال العام..كأنما هي رسالة لمن يفكر في اقتلاع شبكة المفسدين بأن شبكة الفساد تمتلك عدة أسلحة للمواجهة، أقلها إخفاء الأدلة والتدليل العملي بصناعة المزيد من الأزمات.
? ويبقي لغز الحرائق والمحروقات معلقاً، ولكنه في الوقت ذاته يحدث عن الإفلاس السياسي والاقتصادي للحكومة، ويكشف ان الحكومة التي تدير شؤون البلاد متيقنة من أنها تحكم شعباً مصاباً بالغيبوبة الكاملة.