الخرطوم – التحرير:
متى تنفرج أزمة الوقود؟ سؤال ربما يطرحه الموطنون في كل دقيقة، فالأزمة أصبحت حديث كل المجالس بشكل علني وهامس أحياناً عند الذين ما زالوا مقيدين بضوابط حكومة الطوارئ في تسعيينات القرن الماضي .. شكاوى المواطنين من أزمة الوقود لم تعدّ هي الوحيدة، ولكن تبعاتها ظلت حاضرة بشكل يومي، مثل استغلال بعض أصحاب المركبات العامة للأزمة، ورفعهم التعريفة هكذا بدون صدور أي قرار من الجهات المختصة وصلت في بعض الخطوط إلى ثلاثة أضعاف .
مشادات كلامية
ارتفاع تعريفة المواصلات غير القانونية القت بظلال سالبة على مواقف المواصلات داخل ولاية الخرطوم، التي شهدت مشادات كلامية واشتباكات بين الكماسرة والسائقين والركاب، وشكا مواطنون من ما اسموه بالفوضى، وعدم الرقابة على المواقف، وخطوط السير، إذ قام بعض أصحاب المركبات العامة بتقسيم خطوط السير الرئيسة، مثل: خط الحاج يوسف، حيث يتم إنزال الركاب بحلة كوكو، وكذلك الكلاكلة الوحدة، حيث يتم إنزال الركاب في الكلاكلة اللفة، والكدرو ويتم انزال الركاب في كبري الحلفايا، وهكذا في كل الخطوط في الخرطوم وبحري وامدرمان، وعلى الرغم من الوجود الكثيف لشرطة المرور في (الاسطوبات والصواني ) إلا أن بعض أصحاب المركبات العامة يمارسون هذه الفوضى دونما رقيب، وتساءل المواطنون: هل الحكومة تغض الطرف عمداً عما يحدث في قطاع المواصلات، وتحمل المواطن مسؤولية أزمة الوقود؛ ليدفع من حر ماله أجراً إضافياً على التذكرة المحددة قانوناً؟
احتجاجات متوقعة
ربما لا يجد المواطنون اجابة عن سؤالهم، لكن غض الطرف عما يحدث فيه إقرار واضح لما يفعله اصحاب المركبات من قبل الشرط. خصوصاً أن التسريبات تقول أن أصحاب المركبات ظلوا يطلبون زيادة التعرفة بشكل قانوني، وربما ولتخوف الحكومة من اندلاع احتجاجات حال تمت الموافقة على طلب السائقين تغض الطرف عما يفعلونه، هلى الرغم من عدم قانونيته حسبما يقول المواطن حسن محمد سعيد إذ أنه دخل في مشادة كلامية مع سائق مركبة عامة نقلته من الكدرو إلى بحري، واثناء مطالبة الكمساري الركاب بدفع القيمة تفاجأوا بعبارة (التذكرة خمسة جنيه)، هكذا دون أن يضدر منشور من إدارة النقل، وحسب سعيد “فإن المواطنين امتنعوا عن دفع القيمة، وتمسكوا بدفع القيمة الأصلية البالغة ثلاثة جنيهات، لكن السائق رفض مواصلة المشوار، وأوقف محرك السيارة، ثم وبعد مشادات مع الركاب قرر الرجوع إلى المحطة الأولى، وتم إنزال الركاب من المركبة ببرود؛ مبرراً ذلك بأنه اشترى جالون الجاز من السوق الأسود، وهذا ما اضطره إلى رفع سعر التذكرة، مع علمه بعدم صدور منشور بذلك.
مبررات سائقين
سائق مركبة عامة تعمل في خط الحاج يوسف الوحدة برر تقسيم الخط وإنزال الركاب في منطقة وسطى وهي حلة كوكو بأسباب كثيرة، منها أزمة الوقود، وأن قيمة التذكرة القديمة لم تكن مجزية، وتقود الى خسارة فادحة لا تستطيع تغطية حتى النفقات الأساسية، والصرف على العربة فيما يتعلق بالوقود والزيت، وأضاف أما موضوع الاسبيرات فذاك ضرب من ضروب المستحيل أن تغطي تذكرة بقيمة ثلاثة جنيهات أسعار قطع الغيار. أقل اسبير قيمته أكثر من الف جنيه. ثم قدم دفوعات كثيرة لتقسيم الخط ليصيح خطين او ثلاثة، وقال في الغالب أقوم بانزال الركاب من السوق العربي في صينية بري، ثم (أشحن)حلة كوكو، ومن هناك أقوم بشحن مركبتي إلى سوق 6 الوحدة، وهكذا يفعل معظم الزملاء في خط الحاج يوسف والخطوط الأخرى .
تخوفات مشروعة
ارتفاع تعريفة المواصلات ربما يصبح واقعاً يعتاده الناس حتى بعد انفراج أزمة الوقود، هذا أحد تخوفات المواطن معتز الأمين، فالأزمة ستنتهي يوماً ما، لكن هل سيرجع أصحاب المركبات العامة للتعرفة القديمة. هكذا تساءل ثم رد على سؤاله بالقول: لا أعتقد أن يحدث ذلك، ففي هذه البلاد ما يرتفع سعره يظل هكذا، ويستحيل أن ينخفض بما في ذلك تعرفة المواصلات التي تضاعفت في خلال ثلاثة أو أربعة اعوام إلى ثلاثة أضعاف بمنشورات رسمية، ولازالت توالي الارتفاع، مثلها مثل كل السلع الأخرى.
تخوفات معتز لم تكن بعيدة عما نبه إليه مواطن آخر يدعى سليمان بخيت من داخل موقف الاستاد بالخرطوم. الرجل قال: “إن هذه الفوضى ظلت موجودة في السوق، وليست محصورة على قطاع المواصلات فحسب؛ لأن الأسعار ترتفع وصورة شبه يومية بدون أي رقابة عليها، مع أن تذكرة المواصلات محددة من الحكومة، ومن واجبها مراقبة المواقف في أوقات الذروة والأزمات، وفي كل الأحوال ولا سيما في الفترات الصباحية والمسائية عند نهاية دوام العمل، ويحذر الرجل من أن يعتاد الناس هذه الزيادات التي يفرضها التجار وأصحاب المركبات، وتصبح عادية من دون أن تواجه بأي نوع من الاحتجاج عليها، وهذا ما يغري هؤلاء إلى استمرارالزيادة في أي وقت.
جحيم لايطاق
تقسيم الخطوط أخطر من ارتفاع تعرفة المواصلات بشكل غير قانوني، فحكاوى المواطنين وشكاواهم كشفت عن أن موضوع التقسيم من أصحاب المركبات أصبح جحيماً لا يطاق، فقد اعتاده الناس في بعض الخطوط حتى قبل أزمة الوقود في بداية دوام العمل في الصباح، وفي نهايته مساء، وهي عادة يمارسها أصحاب المركبات العامة تبدأ حسب مواطنين استطلعتهم (التحرير) بالهروب من المواقف الرئيسة، ويتم (إركاب ) الركاب من مكان خارج الموقف، ونقلهم الى منطقة بين المحطة الرئيسة ومحطة الانتظار يتم الاتفاق عليها قبل الصعود الى المركبة، وبسعر الخط الكامل نفسه، ثم يضطر الراكب استقلال مركبة أخرى بالسعر الكامل نفسه الى المنطقة المصدق بها.
ورغم الشكاوى المتكررة والكثيرة من المواطنين لدى الشرطة إلا أن الأمر لم يتم التعامل معه بشكل جدي ورسمي، ولم يحدث أي نوع من الرقابة على مواقف المواصلات، وعلى المحطات التي يتم إنزال المواطنين فيها قسراً حسبما روى بعضهم.
الردع بالقانون
الشرطة المتهم الأول بالتقصير في موضوع الرقابة على هذه المخالفات، بيد أن مصدراً شرطياً قال: “إن ما يفعله السائقون مخالفة تستوجب التسوية، ويعاقب عليها قانون المرور “، ودعا المواطنين على عدم الاستسلام لما يفرض عليهم من اصحاب المركبات العامة، وإبلاغ أقرب مركز شرطة، أو رجل مرور في الشارع العام، وحذر من مغبة رضوخ المواطن لرغبة السائق في تحصيل تذكرة بسعر أكبر مما هو مقرر قانوناً، وطالب المواطن بالدفاع عن حقوقه، واقتطاع جزء من زمنه بالاحتكام للقانون، ومواجهة المتلاعبين باجراءت قانونية لحفظ حقوق المواطنين، وعدم تعرضهم للاستغلال والابتزاز من السائقين، ونبه الى محاربة المواطن للسائق عبر مقاطعة مركبته، وتجاهل مناداة (الكمسنجي )الذي يدعو الناس إلى الصعود للمركبة ،وتحديد خط ينتهي في منتصف الخط المصدق به.