مراعاة مقتضى الحال ومشاعر الناس من أبجديات الحديث إليهم في الأمور الخاصة العامة؛ لكسب عقولهم ومشاعرهم، لتحقيق المقاصد والأهداف، وإلا انصرف الحديث إلى مساجلة عبثية. إن أساسيات مخاطبة البشر وفنونها أصبحت علماً يدرس فى المعاهد والجامعات؛ لأن طيب القول، وحسن الحديث أمر مطلوب، ومن مقاصد الإسلام، يقول تعالي فى محكم التنزيل (وهُدُوا اِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) (الحج: 24).
ومن جوامع الكلم ما روي فى الحديث عن النبي الكريم عليه صلوات الله وسلامه: (من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله، واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت). حديث الرسول الكريم ربط بين الإيمان بالله وعدم إيذاء الجار، وربط بين قول الخير وتفضيل الصمت عن غير ذلك، ومع ذلك، هناك من يسقط في فخ لغو الحديث، وساقط القول، وفاحشه. والماوردي، رحمه الله، حدد شروط الكلام النافع فى أن يكون الكلام لداع يدعو إليه اجتلاباً لنفع أو دفع لضرر، وأن يأتي في موضوع يتوخى به إصابة فرصته، ومقتصراً على قدر الحاجة مع تخير اللفظ الطيب من الكلام.
والأمر كذلك فمن عجائب هذا الزمان أن قادة حكومة الإنقاذ الذين تحكموا على رقاب الناس باسم الدين، وشرع الله، يطلون علينا من وقت إلى آخر بكلمات وعبارات تتقاطع ومبادىء الدين القويم والفطرة السليمة والخلق السوداني. فقد طفح القاموس الإنقاذي بعبارات من نوع (المعارضين يلحسوا كوعهم)، و(السوانيين قبل الإنقاذ كانوا مثل الشحادين)، و(الناس ما عرفت الهوت دوق إلا فى عهد الإنقاذ )، وها هي الدكتورة سعاد الفاتح تجعل من ثلثي رجال ونساء السودان (حرامية) دون أن يرمش لها جفن، وهي تتحدث تحت قبة البرلمان، وليقينها بما تقول، فإنها تطالب بالحفاظ على الربع المتبقي من الشعب السودني حتى لا يصبحوا حرامية، مضيفة أن هناك جهات – لم تسمها – عملت على إفراغ الإنقاذ التى كانت ثورة يشار إليه بالبنان من محتواها، واستشهدت بفشل وخراب ثورة التعليم، والفساد المستشري.
لا شك أن هناك حرامية ولصوصاً فى كل المجتمعاتـ والسودان ليس استثناءً، ولكن يبقي السؤال” هل فعلاً ثلثا شعبنا أصبحوا حرامية، وإن كان هناك ثمة نسبة من الحرامية فمن هم حرامية السودان، وكم تبلغ نسبنهم من السكان؟
إن الشعب السوداني عرف عبر تاريخه بالعفة والنزاهة والصدق والأمانة، ولم يعرف السودان في تاريخ سرقة المال العام جهاراً ونهاراً بالشكل المفضوح، كما الحال في هذا العهد، إذ أصبح هذا الأمر في علم الجميع. وعلى كل، فإن الحرامية الذين تتحدث عنهم د. سعاد الفاتح لا تتعدى نسبتهم 5% من السكان، هم أولئك الذين سرقوا إرادة الشعب بليل، وانقلبوا على الديمقراطية خلسة وغيلة، وهم من حشد شباب السودان باسم الجهاد، ودفعوا بهم إلى محرقة الحرب بجنوب الوطن؛ ليضحوا فى نهاية الأمر بالأرض وبنصف ثروة الوطن مقابل البقاء فى السلطة.
الحرامية هم أولئك اللصوص الذين سرقوا قوت الشعب، وبنوا العمارات الشامخة، وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع، ويعيشون في رغد من العيش. وهم من امتلكوا القرار، وتصرفوا في الممتلكات العامة لمصالح ذاتية، وهدموا مشروع الجزيرة، وباعوا خط هيثرو، وأصول الخطوط الجوية السودانية، والسكك الحديدية، والنقل النهري، وممتلكات وعقارات السودان فى بريطانيا وغيرها من أوقاف، ومؤسسات مملوكه للشعب والدولة.
الحرامية هم من أعلنوا سياسة الخصخصة؛ لنقل ملكية أموال الدولة؛ لتكون ملكية خاصة، وقننوا سياسة التمكين، وشردوا الكفاءات، وأحالوهم للصالح العام.
إنهم أولئك الذين هدموا الخدمة العامة، والصحة، والتعليم. والحراميه هم من فتحوا الباب؛ لاستشراء الفساد الذي سارت به ركبان منظمات الشفافيه. إنهم أولئك الذين اعتقدوا أن السودان بدأ منهم، وسينتهي عندهم، وأشاعوا مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان؛ لتبرير كل مفسدة، أو تجاوز كل قانون وسلطة؛ حتى فقدت الكلمات معانيها، وصارت تدل على من نحتها من نوع التوالي، والتمكين، والتحلل، والتخلص.
أما حكاية كثرة عملاء الدول الأجنبية الذين تعتقد أنهم عملوا على إظهار الإنقاذ بمظهر الفشل، فليست ثمة عمالة أكبر مما أكده تصريح وزير الخارجيه الروسي في مطلع إبريل الماضي عن الكيفية التى تم بها فصل الجنوب؛ وليس ثمة عماله أكبر من أن يقف من يفترض أنهم رعاة وحماة الوطن موقف المتفرج على وطن يتآكل من جميع أطرافه، جنوبه وشماله وشرقه وغربه.
فى ظل كل هذه المعطيات كان من الأفضل للدكتورة سعاد أن تواصل صمتها، وتلجم لسانها عن الإساءة للشعب السوداني، وأن توجه سهامها إلى الحرامية الذين يجلسون معها تحب قبة البرلمان. كان الصمت فضيلة ما دام أنها لا تملك الشجاعة لتسمي الأشياء بأسمائها، وتوجه الاتهام إلى الحرامية الحقيقيين، بدلاً من إطلاق تهم مجانية مبنية للمجهول.
الشعب يكفيه ما يعانية من ظلم وقهر وفقر وتغريب داخل الوطن، وفى معسكرات النزوح واللجوء والمهاجر. إن لسان حال شعبنا يقول لكم أيها الحكام: كفى إساءة، وأن الجموا ألسنتكم عن الإساءة إلينا بمناسبة أو بدونها، وقد طفح الكيل، فإما قولوا خيراً أو اصمتوا، عملاً بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: من كان منكم من يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت.
Online Drugstore,cialis 5mg buy,Free shipping,buy clomid,Discount 10%cialis black order