اتصلتُ بسفارة بلادي الحبيبة، السودان بالعاصمة واشنطن، أول مرة يوم ٢٣ أبريل الماضي (2018م)، وظللتُ أتابع الاتصال لنصف ساعة تقريباً دون أن يجيب عن اتصالي أحد.. ثم عاودتُ الاتصال يوم ٢٤ أبريل نفسه، ولِما يقاربُ نصف الساعة كذلك ولمرات متوالية، ودون فائدة.
اتصلتُ مجدداً يوم ١٤ مايو الجاري، ولكن هذه المرة، ولحظي السعيد، أجابتني سيدة بعد اتصالين أو ثلاثة فطلبتُ إليها أن تحوِّلني إلي مسؤول الجوازات، ففعلت ولمرتين، دون أن يتفضل سعادته بالإجابة، وفي كل مرة يطلب مني هاتف مكتبه ترك رسالة صوتية !!
في يوم ١٥ مايو صممتُ على أن أستمر في الاتصال مهما كلّف الأمر، وثابرتُ بالفعل حتي أجابتني سيدة وحوّلتني مشكورةً مرتين أو ثلاث (للسيد العقيد كما قالت) الذي -وكالعادة- يطلب إليّ هاتف مكتبه ترك رسالة صوتية، مما اضطرني إلى الرجوع إلي سيدة السنترال مرة أخري لأطلب إليها، وبإلحاح، أنني أريد أن أتكلم مع السيد السفير شخصياً وهسَّه (ويا لفنطزتي) !! قالت لي السيدة: “إنَّ السيد السفير غير موجود، ولكني سأحولك لنائبه (الدكتور وليد)”، وقد كان.
• ولكن.. ماذا أريد أنا بالضبط من سفارتنا في واشنطن؟!
الجواب: أريد تجديد جوازي.
• طيب عادي، مالو ما تجددو؟! أين المشكلة؟!
الجواب: هناك مشكلة كبيرة، وكبيرة جداً.
• يوجد إعلان علي موقع السفارة الإلكتروني يفيد أنه قد جرى إيقاف التعامل بالجواز القديم (الأخضر) منذ ٢٥ نوڤمبر ٢٠١٥م.. نعم ٢٠١٥م.. وأنه سوف لن يتم تجديد أي جواز قديم بعد هذا التاريخ.. (وأن البعثة ستقوم في “المستقبل القريب” وبالتنسيق مع الإدارة العامة للجوازات، والسجل المدني باستخراج جواز السفر الإلكتروني، والرقم الوطني وسنوافيكم بالتفاصيل لاحقاً عبر هذا الموقع).. فقمتُ بالبحث في كل حنايا الموقع لمعرفة ما إذا الكان (هذا المستقبل القريب) منذ ٢٠١٥ قد حان أم لا، فلم أجد أيَّ معلومة، وهذا هو بالصبط السبب الذي جعلني أتصل، وأثابر وأستجدي، وأُلِح في الاتصال بالسفارة، فقط لأجد مسؤولاً يفيدني بأنه قد أصبح ممكناً استخراج جواز إلكتروني للمواطن السوداني بالسفارة منذ إلغاء العمل بالجواز القديم في ٢٥ نوڤمبر ٢٠١٥م !!
• الدكتور وليد، نائب السفير، الذي تم تحويلي إليه -عندما لم يكن أمامي من حلٍّ إلا طلب محادثة السفير شخصياً- كان رجلاً طيباً ومتفهِّماً، ورحّب بي ترحيباً طيباً، واعتذر لي عن سوء خدمة سنترال السفارة، وأنهم قد تلقوا شكاوى كثيرة بالفعل متعلقة بسوء الخدمة فيه، وأنهم بصدد تحسين هذه الخدمة..
طيب، وتجديد، أو استخراج جواز سفر جديد يا دكتور، كيف؟! وكان هذا هو العجب العجاب !!
يقول: ظلت سفارة السودان لشهور لا -أدري كم تعدادها- تطلب من إدارة الجوازات، ووزارة الداخلية بالخرطوم، ليس إرسال ضباط جوازات، ولا إرسال ميزانية بالدولار، ولا إرسال دفاتر الجوازات..لا.. ليس شيئاً من ذلك.. ظلت السفارة تطلب إليهم وتترجاهم، وتتوسَّل إليهم أعطاءها فقط اسم المستخدم وكلمة السر.. user name and password للبدء في استخراج الجوازات الإلكترونية، ولكن إدارة الجوازات ووزارة الداخلية لم تفعلا!! تخيَّلوا فقط (اسم مستخدم وكلمة سر) ترسلان في بريد السفارة الإلكتروني، وهي عملية لا تستغرق أكثر من خمس دقائق من أيّ مشغّل كمبيوتر مبتدئ، ولكن وزارة الداخلية تستصعب الدقائق الخمس هذه من وقتها الثمين على سفارتنا في واشنطن !!
طيب والحل يا دكتور وليد ؟؟!!
الحل هو الأعجب من العجيب ذاتو (وهذه من عندي).. يقول الدكتور: الحل المتاح -بكل أسف-هو أن تســتخرج لك السفارة وثيقة سفر اضطرارية، أي والله، وثيقة سفر اضطرارية لتسافر بها إلي الخــرطوم، لاستخراج جواز سفر إلكتروني من هناك، ثم تسافر بعد ذلك لقضاء العُمرة -وهي وجهتي التي أقصد- ثم أستمتع بعد ذلك بالسفر بهذا الجواز إلي أيّ بقعة في العالم أريدها-ما عدا إسرائيل طبعاً-!!
• شكرتُ الدكتور وليد، وعـذرتُه والله، فلقد حنَّنِّي أقسم بالله.. فهو مثلي لا يملك شيئاً.. كما حمّلته تحاياي الحارة إلي سعادة العقيد، فهو مثلنا غالباً، ولا يملكُ شيئاً، حتي لو كان موجوداً في مكتبه.. ولماذا (يتواجد) ذااتو عشان يعمل شنو !! .. ثم حمدتُ الله الذي لا يُحمد سواه علي مثل خيباتنا اللا متناهية هذه.. ثم قلتُ في نفسي: يا فلان. .بلا فنطزة معاك.. قال عايز أسافر بجوازي السوداني، قال عشان أحس بالفخر، وباحترام الذات قال!!
يا أخي عليك الله في جواز جاب الاحترام لنفسو في الدنيا دي أكثر من جوازك الأميركي دا ؟؟!!