? بالله عليكم من الذي يختبئ وراء برامج الحكومة ومشروعاتها الغريبة والمثيرة للدهشة.
فذات الحكومة التي كشفت الأزمات الأخيرة أنها لا تملك التكتحة ( أي ليس لديها من المال ما تواجه به الضروريات وأهمها المحروقات) تعلن هذه المرة أنها وضعت إستراتيجية محكمة لمحاربة الأكياس والكتاحة… ( أي والله الكتاحة الواحدة دي)، والكتاحة اسم يطلقه السودانيون علي الغبار والأتربة المتحركة بفعل الرياح.
? والغريب أن محاربة استخدام أكياس النايلون و السلوفان أو السيطرة علي حركة الأتربة مهام اجتماعية بحتة مسنودة بتفعيل ثقافة التعامل مع البيئة.. فإذا كان لاستخدام الأكياس مضاراً صحية، فذلك يعني أن تنشط أجهزة الإعلام، وإدارات التثقيف الصحي بالوزارة الاتحادية، ووزارات الصحة في الولايات بتبني حملات توعية مكثفة تجعل الناس يبتعدون من استخدام الأكياس.. كما أن التثقيف البيئي يساعد أيضاً على تبني الأفراد والجماعات والمنظمات الشبابية في زراعة الأشجار وتحويل الساحات والميادين إلى مروج خضراء تزينها الورود والزهور، ولا سبيل لمنع الكتاحة إلا بزراعة الميادين والساحات وإحاطة المدن والأحياء بالأشجار .
? ولأن الحكومة لا تملك التكتحة فلا يعقل أن ترصد ميزانيات لمحاربة الكتاحة.. وتصر على إعلان ذلك في صدر صفحات الصحف، وهي تعلم جيداً أن صفوف البنزين والجازولين مازالت تراوح مكانها أمام محطات الوقود؛ مما يعني أن الكميات محدودة، وأن وفرة الوقود المعلنة مازالت في الطريق.
?محاربة أكياس النايلون والكتاحة تبدأ بتجفيف المصادر، فلا يعقل أن نمنع استخدام الأكياس، ونعاقب الأفراد أو التجار، بينما الحكومة نفسها تعلم أنها هي التي سمحت للأكياس والكتاحة أن تنتشر، فالأكياس تنتجها مصانع أُنشئت بتصاديق من الحكومة نفسها، وهي مصانع يدفع ملاكها ضرائبهم وزكواتهم وكافة الرسوم، وقد أُنشئت بمئات الملايين كاستثمار، فلا يعقل ان تفاجئ الحكومة أصحاب مصانع الأكياس بقرار منع إنتاجها وتسويقها، قبل ان توفر لهم العلاج البديل، والتعويض المناسب، والمشجع لتغيير نشاطهم.
? أما الكتاحة ستزداد معدلات حركتها وأتربتها طالما أن الحكومة نفسها لا تنشط في جذب رؤؤس الأموال، وتشجيع الاستثمار الزراعي؛ لأن الاتربة المتحركة والكتاحة تنطلق من هناك من الأرض البور في أعالي البطانة من جهة الشرق، وتعبر من جهة الجنوب بسهولة؛ لأن مشروع الجزيرة الذي يشكل أكبر مصدات الكتاحة لم يعدّ كما كان؛ مما يجعل الأتربة العابرة تصل إلى العاصمة، ثم أن عتامير الشمال والغرب هي الأخرى من أهم مصادر الكتاحة التي تحجب الرؤية، وتمنع حتي حركة الطيران، والسير على الطرق القومية.