كنا على قناعة تامة بأن الركابي لم ولن يقدم ما يفيد البلاد، ويقيل عثرة الاقتصاد المتهالك، لتثبت الأيام صحة ما ذهبنا إليه، ويثبت الركابي أنه الفشل يمشي على قدمين، وأنه يستحق المحاسبة على تدهور الاقتصاد، لن نقول يستحق الإقالة أو الإعفاء لأننا ذهبنا لذلك قبل أن يختلط الحابل بالنابل، ويتسع الفتق على الراتق.
قلنا إن الطاقم الاقتصادي قدم ما لديه واستنفد أغراض وجوده، ولكن يبدو أن القائمين على الأمر تعجبهم مماحكات الركابي، وتواضع إمكانات حازم، وعجزهما عن وقف تدهور الاقتصاد بل تسببهما في الانهيار الاقتصادي الذي أورد البلاد موارد الهلاك، ولا زال مستمراً.
تابعت كغيري من المهتمين إجابات وزير المالية للمجلس الوطني، التي لم تكن مقنعة ولم يقدم الركابي ما يبرر عجزه في إدارة وزارة المالية.
إعلان الركابي لفشل وزارة المالية وبنك السودان في استقطاب التمويل الخارجي شكّل صدمة كبيرة للمهتمين، وسيتسبب في ارتفاع سعر الدولار، وقول الركابي: “ما خلينا مصدر لم نبحث عنه” يؤكد أن سفره للصين وتركيا للبحث عن تمويل كان خصماً على خزينة الدولة، وعبئاً ثقيلاً عليها بالحوافز والنثريات، ولم يفلح الركابي في استقطاب دولار واحد للبلاد، رد الركابي أمام المجلس الوطني يؤكد أنه لا يملك إمكانات إدارة الاقتصاد، ولا إمكانات لإقناع الأصدقاء والحلفاء لتقديم الدعم أو الدين للبلاد.
أسلوب الركابي الذي تحدث به في البرلمان غير لائق وغير مقبول، فلا يصح أن يتحدث وزير مالية بلغة أقرب للسوقية (بالكذب بالصاح)، (ما تفتكرونا قاعدين في بيوتنا نايمين)، لا أدري كيف مرر البرلمان مثل هذه العبارات غير اللائقة بوزير أو بالبرلمان الذي يمثل سيادة الشعب، فليعلم الركابي أن الدولة حينما اختارته وزيراً للمالية، وأغدقت عليه بالمخصصات لم تأت به لينام في منزله، وحينما اختارته وزيراً لخزانتها، وابتعثته للصين وتركيا لم تبتعثه بالكذب.
حديث الركابي غير الحصيف يؤكد عجزه عن إدارة عجلة الاقتصاد، وفشله في استقطاب الدعم والدين الخارجي، واختتمها بفشله في تقديم عبارات لتبرير عجزه، فلا وجدنا من الركابي أداءً مميزاً ولا كلمة طيبة.
حديث الركابي الذي يتهم فيه الحكومة والبرلمان بعدم الصبر بقوله: “نحن شغالين لكن صبر ما في لا من الحكومة ولا من البرلمان”، يؤكد أن الرجل يفتقد للحنكة والمنطق، بالله عليكم ما الذي يريده منا الركابي أن نصبر أكثر من ذلك، فالشعب السوداني يستحق جائزة نوبل للصبر، وينافس سيدنا أيوب في صبره على البلاء.
صبرنا حتى صارت الرغيفة الواحدة بجنيه، صبرنا حتى صار الدولار يعادل (40) رغيفة أقصد جنيهاً، صبرنا حتى أصبح البحث عن 10 جالونات بنزين يحتاج إلى عشر ساعات انتظار في أفضل الأحوال، صبرنا حتى أصبح جل الشعب السوداني تحت خط الفقر، صبرنا حتى أصبح الموظف ينتظر في صف الصرافات أياماً وليالي ليصرف راتبه، صبرنا لدرجة أن يذهب التجار للبنوك لسحب أموالهم، وتعتذر البنوك عن إعطائهم أكثر من (2) ألف جنية بحجة انعدام السيولة!! ما الذي يريده الركابي منا حتى نصبر أكثر من ذلك؟؟ يكفي الشعب السوداني صبراً أنه صبر على حكومة تأتي بوزراء أمثال الركابي.
تجاوز الركابي حدود وزارته حينما تحدث عن خمس دول تعمل ضد السودان، مما يعدّ تدخلا في شؤون وزارت أخرى، فمن غير المقبول أن يتحدث عن شيء لا يخصه؛ لأن وزير الخارجية لم يتحدث يوماً عن فشل مشروعات التنمية أو انخفاض وعجز الميزان التجاري، ووزير الدفاع لم يتحدث يوماُ عن تدهور العملة وانعدام السيولة، يقولون تحدث لأعرفك.. حديث الركابي بالبرلمان جعلنا نعرفه على حقيقته.
صحيفة “مصادر”
السبت 9 يونيو 2018