يبدو السودان الاثنين 19 ديسمبر، وبالتزامن مع ذكرى إعلان استقلال السودان عام 1955 ،على موعد مع عصيان مدني شامل، يمثل المرحلة الثانية من تجربة العصيان في السودان، بعد أن اختلفت التقييمات بشأن المرحلة الأولى التي نفذت في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وشملت إضرابا جزئيا في البلاد.
وكانت المصادر الحكومية قد وصفت التجربة الأولى بالفاشلة، في حين قال المعارضون إن التجربة حققت نجاحا ملحوظا، ولقيت استجابة كبيرة من قبل الشارع السوداني، مما دفع إلى الدعوة إلى عصيان كامل الإثنين.
وكان لافتا في مجال التصعيد الحكومي ضد العصيان، ذلك الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوداني عمر حسن البشير، أمام مجموعة من المواطنين في كسلا شرقي السودان مؤخرا، وحيث وصف الداعين للعصيان ب(معارضي الكيبورد)، متحديا إياهم أن يتمكنوا من إزاحته من الحكم عبر الشارع وليس عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي انطلقت منها دعوات العصيان.
غير أن مصادر بالمعارضة السودانية، تؤكد على نجاح التجربة الأولى من العصيان المدني، وهي ترى أن المرحلة الثانية ، التي تنطلق الاثنين 19 ديسمبر ستكون أكثر نجاحا، لكنها ترى أن الحكومة وضعت خطة لإفشال عصيان الاثنين، بعد إدراكها نجاح التجربة السابقة، وقد بدا ذلك واضحا في تهديداتها باستخدام القوة لإفشال العصيان.
وفي إشارة إلى التوتر الذي تصاعد بين الحكومة السودانية والمعارضة، في أعقاب التجربة الأولى للعصيان، والحملة التي شنتها السلطات الأمنية على الصحف السودانية وشملت مصادرة العديد من الصحف، أعرب مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية في بيان له عن قلق واشنطن، من تهديدات الحكومة السودانية، وقمع وسائل الإعلام رداً على دعوات المجتمع المدني السوداني للعصيان.
واضاف البيان الصادر الجمعة 16 ديسمبر “إذا حدثت هذه الاحتجاجات، فإننا نحث حكومة الخرطوم، على الرد على المتظاهرين بضبط النفس، ونطالب السلطات السودانية باتخاذ جميع الخطوات اللازمة، للسماح للمواطنين بممارسة حقهم في حرية التعبير. وفي الوقت ذاته، نطالب أولئك الذين يمارسون حقوقهم الأساسية القيام بذلك بطريقة سلمية”.
وقد نقلت صحيفة (سودان تريبون) السودانية ردا للخارجية السودانية على بيان الخارجية الأمريكية، وجاء فيه على لسان الناطق باسم الخارجية، قريب الله خضر “إن البيان الامريكي تعوزه الدقة والموضوعية، وبعيد تماماً عن الأجواء الإيجابية، التي تشهدها الساحة السودانية والتي تتهيأ لتنزيل مخرجات الحوار على أرض الواقع”.
يذكر أن الدعوات للعصيان المدني في السودان، كانت قد انطلقت على خلفية طرح الحكومة السودانية، حزمة من الإجراءات الاقتصادية، التي شملت رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء بشكل جزئي، أعقبها رفع الدعم عن الدواء مما أشعل لهيب أسعار السلع وأغضب قطاعا كبيرا من المواطنين السودانيين.