الخرطوم – التحرير:
كشف الشاعر الدكتور عمر محمود خالد أن أمه أرضعته الشعر، فهي حفيدة الشاعر محمد سعيد العباسي، فعاش في مناخ إبداعي محفز، وقال: “كنت محظوظاً”، وعدّد الأسباب والأسماء التي ارتبط بها وساهمت في تكوينه الإبداعي.
رهافة الحس التي يتمتع بها جعلته يبكي يومياً مع أنه من أكثر الناس حباً للابتسامة والضحك؛ لدرجة أن مرضاه يخرجون من عيادته (بسنّة بيضة) وفقاً لوصف أحد مرضاه.
في هذا الحوار تحدث عن قضايا الشعر، وهموم الناس، وعشقه الكبير المريخ.
* هل كتبت الشعر بالمصادفة؟
– لم يأتِ مصادفة، تربينا عليه منذ الأولية، ونشأنا على إيقاعات النوبة.
*لهذا أنت منظم ومرتب؟
– مرتب وأمي أرضعتني الشعر إرثاً وغرساً، فهي حفيدة الدوحة الطيبية، عمُّها مباشرة الشاعر الكبير محمد سعيد العباسي، والدوحة الطيبية أنجبت شعراء كثر، مثل: العباسي والناصر قريب الله.
* إذن الجو العام كان محفزاً؟
– محفز وموحٍ ومعلم، أنا حافظ للراتب السماني، وكنت أقرؤه يومياً بعد صلاة المغرب في المسيد.
* أكنت محظوظاً؟
– نعم كنت محظوظاً؛ لأنني التحقت بمدرسة طابت الوسطى، وما أدراك ما طابت التي تتنفس الشعر وتكتحل به، ومن طابت إلى حنتوب الجميلة، التي فيها وجدت الأستاذ الشاعر الكبير الهادي آدم، وكل ذلك ليس مصادفة، كما صادفت في كلية الطب جامعة الخرطوم الدكتور محمد عبد الحليم، وحسبو سليمان، وغيرهما، وهم شعراء وأدباء كبار.
* برأيك هل الشعر يحتاج إلى الحظ، كما قال محمود درويش؟
– نعم يحتاج إلى الحظ، والجو الصحي.
* وهل تخلق لنفسك مناخاً شعرياً؟
– لا أخلق مناخاً، ولا أتعمَّد ذلك، بل أعيش على الفطرة، والتلقائية، والطبيعة.
*وإذا كان المناخ العام له تأثير محفِّز، هل بالقدر ذاته المناخ السلبي يخصم من الشاعرية؟
– المناخ السلبي قد يدفعك إلى اتجاه معاكس، لكن الشاعر المبدع يقاوم الإحباط؛ لأن مهمة المبدعين قيادة المجتمع والسير به فوق الصعاب، ونقاط الضعف والتشوهات، وعكس كل ما هو جميل وإيجابي.
* هناك من يقول إن المعاناة تقتل الإبداع؟
– لا أظن ذلك، فالمعاناة تحفِّز للإبداع.
* وهل من الممكن أن يصبح الشعر مهنة؟
– الإبداع ليس مهنة، إنما هو حقيقة، أنا طبيب، وأحفظ توازني بين مهنتي، بوصفي طبيباً، وحقيقتي كشاعر.
* هناك من يرى أن تفرُّغ المبدع للإبداع أمر حاسم وضروري؟
– من الضروري احترام الإنسان عموماً، وتوفير احتياجاته من العيش الكريم، وعلى المبدع عدم الاستسلام للظرف والإحباط، بل عليه أن يرفع راية المجتمع ضد كل السلبيات.
* الشاعر مستبصر وفلسفي؟
– هو يرى الأشياء بمنظار مغاير، وإلا لما تميز من بقية الناس.
* هل هناك تردٍ في الحالة الإبداعية بالسودان؟
– الإبداع هو مرآة المجتمع، وإذا كان هناك تراجع في الحياة الاجتماعية على مستوى المعيشة، فسينعكس ذلك على المنتوج العام.
* هناك فروق كبيرة في الإنتاج الأدبي سابقاً وحالياً، أنتم جيل استفاد من الجيل السابق كثيراً؟
– نحن امتداد للأجيال التي سبقتنا، ووجدنا جيل الحركة الوطنية، فقد كان لهم منتوج أدبي وفكري عظيمين، وكنا نشترك معهم في الأمسيات الأدبية والمناسبات الشعرية نفسها.
* متى يتحوّل الأدب إلى ترف؟
– إذا كان المبدع ملاحقاً بتفاصيل الحياة اليومية، وأي تفكير في غير ذلك يعدّ ترفاً والتفاتاً لقضايا جانبية.
* الآن يجب أن تكون الكتابة في ماذا؟
– حول هموم الناس.
* وغير ذلك؟
– غير ذلك ترف
* أنت شاعر وطني؟
– وأعيش بين بنات وأبناء شعبي العظيم حباً وصدقاً وانتماءً. ويتجلى ذلك على مستوى المواقف وتفاصيل الحياة اليومية، ومن خلال علاقتي المباشرة بالناس، وكثيراً ما أجد صعوبة في السير في الشوارع، الحب الذي يحاصرني من أبناء شعبي العظيم خصوصاً من الكادحين والبسطاء.
* هل خضت عملاً سياسياً؟
– أنا لست محترفاً سياسياً، لكن لدي موقفاً وانتماءً، نحن أبناء الزعيم إسماعيل الأزهري تربينا على عشق الوطن، عيادتي كانت تجاور منزل الأزهري منذ عام 87 وحتى 98م، وحين تقطع الكهرباء تأتيني القهوة من منزل الأزهري، حاجة مريم مصطفى حرم الرئيس وجلاء والراحل محمد.
* عندما تجلس مع المرضى هل تتحرك الشاعرية، وتصبح معالجة؟
– أنا لا أتذكر أنني طبيب إلا حين أجلس مع المرضى أو في المستشفيات، فأنا أعيش حياتي بعفوية، والشعر يأتيني عفو الخاطر، أنا الشاعر الذي درس الطب.
* وهل ساعدك الشعر في عملك؟
– الشعر ميَّزني .
* وأصبحت رمزاً مريخياً؟
– كتبت للمريخ عشقاً، وللرياضة عموماً رسالة محبة وسلام.
* بعيد من التعصب؟
– نحن في الوسط الرياضي لا نخاصم ولا نعادي (ساس) شعاراتنا التسامح والتصالح والتراضي، كتبت للمريخ أكبر القصائد، التي أصبحت شعارات وأرّخت للمريخ وإنجازاته وتاريخه العظيم،(الأحمر الوهّاج يا توأم الشموس، طوّفت بالفجاج وعدت بالكؤوس، وفي ذراك تاج في هامة التاريخ ، المجد للمريخ المجد للإعجاز والإنجاز والتاريخ)
* متى يبكي عمر خالد؟
– أبكي يومياً مرتين أو ثلاث مرات
* بسبب؟
– مشاعر الناس.
* برغم أنك ضاحك؟
– هو بكاء من الحب الحقيقي، الذي يمنحني له أبناء هذا الوطن
* هل تستطيع الاغتراب؟
– لا أستطيع أن أقضي أكثر من أسبوع خارج الوطن فأنا مصاب بـما يسمى:
(الحنين إلى الوطن). HOME SICKNESS
* لك تجربة كبيرة مع الصحافة؟
– كنتُ أقرأ يومياً 7 صحف، والآن سعرها فاق الخمسين جنيهاً. كنت أصدر صحيفة حائطية يومية في داخلية المك نمر، وكنت أكتب استراحة أسبوعية في عدد من الصحف، وعمود يومي في صحيفة السياسة اليومية 86 – 89، كما ترأست إدارة تحرير صحيفة المريخ، وأنا عاشق للصحافة، ومدين لها وللإذاعة.