(1 )
أصدر المجلس القومي السوداني للتخصصات الطبية مؤخراً كتاباً بعنوان (كيف تكون طبيباً متميزاً ؟) للبروفسير حسن بله محمد الأمين أستاذ الطب بالجامعات السودانية والسعودية والأمريكية. وفي تقديري أن هذا الكتاب فتح في عالم المعرفة في السودان فإن كان في ظاهره موجهاً للأطباء إلا أنه في حقيقته موجه لكل المهنيين في السودان وفي غير السودان فعلى حسب علمي أن الكتاب طبع ووزع خارج السودان واحتفت به منظمة الصحة العالمية وقد رأى المجلس الطبي سودنته من حيث الطباعة ليكون في متناول الراغبين ولإثراء المكتبة الطبية السودانية والمكتبة العامة. الكتاب في مجمله عبارة عن خلاصة تجربة طويلة وثرة ومتنوعة في الطبابة وفي تدريس الطب قدمها البروف في شكل رسائل لكي تستفيد منها الأجيال الماثلة والقادمة وقد جاء الكتاب مبسطاً في لغته عميقاً في فكرته واسعاً في ثقافته جاذباً في تناوله ولو كان الأمر لي لوضعته في منهج كليات الطب في كل السودان.
(2 )
تم تدشين هذا الكتاب يوم الخميس الماضي الموافق 5 يوليو 2018 بالمجلس القومي للتخصصات الطبية بالخرطوم وكان حفل التدشين حدثاً لا يقل عن إصدار الكتاب نفسه فقد امتلأت القاعة الكبيرة على سعتها بعلماء أجلاء من كافة التخصصات العلمية والاجتماعية وأساتذة وطلاب المركز (نواب اختصاصيين ) إذ كان في مقدمة الحضور البروفسيرات أحمد محمد الحسن وعبد الرحمن موسى والشيخ محجوب ويوسف فضل حسن ومدثر عبد الرحيم الطيب والزين كرار وأحمد الصافي وغيرهم. ولعل معظم هؤلاء من الجيل الذي استلم من الإنجليز مهمة الأكاديميا الحديثة في العلوم الطبية والإنسانية وهم الذين قاموا بسودنتها فقد كانوا أساتذة أجيال بحق وحقيقة وقد كان حضورهم حضوراً مهيباً أعطى المكان رهبة وأعطى الزمان تجلياً وعندما قدموا مداخلاتهم أثبتوا أن الفصل بين العلوم التطبيقية والإنسانية فصلاً تعسفياً وأنها في النهاية شيء واحد يصب في مصلحة الإنسان إذ وصلوا كلهم مرحلة فلسفة العلوم أي تجاوزوا مرحلة التفاصيل والتطبيقات إلى كنه الأشياء ولعل هذه الفلسفة التي دعا إليها كتاب البروف حسن بله (كيف تكون طبيباً متميزاً ؟)
(3 )
لقد شرفني الأستاذ الصديق البروف حسن بله ومجلس التخصصات الطبية بأن أكون ضمن المتحدثين في حفل التدشين، فقلت إن أي تقديم للكتاب لا يغني عن قراءته، فهو كتاب مثمر من الغلاف إلى الغلاف. فالكتاب يقول للأطباء اعلموا بأن العلم الذي تلقيتموه في كلياتكم لن يغنيكم عن الحياة والناس والأشياء من حولكم ففي هذه العلم الحقيقي وأن التميز غاية يجب أن يسعى لها الجميع والتميز لا سقف له وبالتالي السعي له يجب أن يكون أبدياً أي رحلة حياة . لقد وصف البروفسير الشيخ محجوب جعفر الكتاب بأنه كتاب مبسط مكتوب بلغة سهلة ومع ذلك يعتبر كتاباً مرجعياً، فالكتاب المرجعي لم يعد هو ذلك الكتاب الضخم ذو اللغة الصعبة إنما هو الكتاب المبسوط للجميع.
(4 )
كيف تكون طبيباً متميزاً هو الكتاب الثاني للبروفسير حسن فقبله قد رفد المكتبة السودانية بكتاب (أطباء السودان الحفاة) وهو عن تاريخ القبالة الحديثة في السودان ومدرسة الدايات بأم درمان، وقد كنت شهوداً على ميلاد ذلك الكتاب، وقد وصفه البروفسير يوسف فضل حسن بأنه كتاب توثيقي من الدرجة الأولى، وقد سكب فيه المؤلف جهداً كبيراً وطبق مناهج البحث العلمي في العلوم الاجتماعية باقتدار يندر أن يوجد مثله . بهذا يمكن أن نصف صديقنا الأستاذ حسن بله بأنه مثقف إيجابي لأنه قد قدم عصارة فكره وخلاصة تجربته للأجيال التي تلي جيله وليت كل علماء بلادنا وفي مختلف التخصصات فعلوا ما فعل الأستاذ حسن حتى تصبح المكتبة السودانية مستودعاً يهرع إليه الكل لينعكس ذلك في سلوك وأداء وعطاء كل سوداني حتى تصبح بلادنا فرداً بين الأمم.
السوداني
الخميس 12 يوليو 2018