خطيرٌ جدا ما صرح به طارق البشبيشي القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين المصرية، بأن السودان ظل يحوي عدداً كبير جداً من العناصر الإخوانية الهاربة من مصر، المحسوبة على جبهة “الكماليون” التي أسسها القيادي الاخواني محمد كمال قبل وفاته في مواجهات مسلحة مع الأجهزة الأمنية المصرية، وأنهم لا يزالوا يمارسون كثيراً من الأنشطة العسكرية هناك.
يُعد هذا التصريح الخطير واحداً من أكبر الأدلة القاطعة بأن (أخوان مصر) قد نقلوا إدارة معركتهم ضد حكومة السيسي التي انقلبت على قائدهم الرئيس محمد مرسي، إلى داخل العمق السوداني، وبشكلٍ علني مفتوح و(على عينك يا تاجر) من عيون الحكومة والأجهزة الأمنية والعسكرية السودانية، وهو ما يعدّ مهدداً مباشراً للأمن القومي السوداني قبل أن يكون مهدداً لأمن مصر.
ولتأكيد ذلك كشف البشبيشي أن الأجهزة الأمنية السودانية ظلت على دراية وعلمٍ بتحركات جبهة “الكماليون” كافة مذ وطأت أقدامهم أراضيها، ومتابعةٌ لخطواتهم الحثيثة الساعية إلى تحويل السودان مركزاً لتدريب عناصرها، والاشتغال بتهريب السلاح وتجميعه، بغية تنفيذ عدداً من العمليات المسلحة ضد الحكومة المصرية، وذلك بالتنسيق مع محمد البحيري مسؤول ملف الإخوان المصريين في السودان، المحسوب على جبهة “الحرس القديم”.
وحيال ذلك -بحسب البشبيشي- هددت الأجهزة الأمنية السودانية بطرد كافة الإخوان المصريين خارج أراضيها وبشكل كامل، حال استمرت محاولاتهم للانطلاق بعمليات عدائية ضد مصر من أراضيها، كما عملت على تحجيم كوادر “الكماليون”، وحاصرت جناحهم المسلح، وأنذرتهم بالتراجع والخضوع لجبهة “الحرس القديم” بقيادة القائم بأعمال المرشد العام الدكتور محمود عزت، أو مغادرة السودان.
كل هذه السيناريوهات “الإخوانية” وغيرها التي ظلت تمارس داخل السودان منذ سقوط “مرسي”، تكشف عن اختراقٍ كبيرٍ من الإخوان للحكومة السودانية، وهذا ما يعرض البلاد لمخاطر لا قبل لنا بها، فالمعركة ليست معركتنا، ولا الغنائم من نصيبنا، وبالتأكيد، فإن ما ستخلفه نيران هذه المعركة ستحرقنا قبل أن تطال مصر، وهنا لابد من وقفة.
ليس كافياً أن تهدد الأجهزة الأمنية السودانية هذا الوجود الخطر بمجرد تهديدات بالطرد، فيما تحارب من يقومون بمثل هذه الممارسات المطالبون بحقوقهم من أبناء الشعب السوداني بالقتل والتشريد والإبادة، فيما تجعل البلاد مرتعاً لنزاعات دولية.
طبقت حكومتنا (الغافلة) من قبل ذات السيناريو وهي تفتح الباب على مصراعيه لإيران لتدخل وتتغلغل، ولم تستفق من سكرتها إلا بعد أن سرى في أوصالها سرطان التشيع وفقدانها لقبول كافة دول الجوار، ولم تحصد مقابل هذا الكرم (العُمري) سوى الندم والسخط والمزيد من الحصار، حتى بدأت تثوبت إلى رشدها مؤخراً، وتتخذ من المواقف الإيجابية لأول مرة منذ 28 عاماً أذاقت فيها البلاد والعباد الظلم والاستبداد، ما يبعث على القبول.
لن يجلب وجود الجماعات الإسلامية المصرية في السودان على البلاد سوى (الكفاوي) ولن يجرنا ذلك إلا لخسارة العلاقات الأزلية مع شعب مصر، والذي مهما تعكر صفو علاقتنا معه، إلا أنه يظل عمقنا الاستراتيجي ونظل نحن لهم كذلك، لكن بالتأكيد لا يعني ذلك قبولنا بأن نكون لهم حديقة خلفية، ويكفى ما ذقناه من تجاههم من تعالٍ واعتداء.