فى عالم اليوم تقدم الإعلام ليحتل مكانة رفيعة فى حياة الشعوب، وأصبح يلعب دورا محوريا فى صياغة سياسات الدول وتشكيل الرأى العام. وفى مصر والسودان لم يتبن معظم الإعلاميين خطابا ثابتا للحفاظ على العلاقات التاريخية المشتركة وتطويرها. ويجب أن نعترف بأن هناك قصورا شديدا فى وسائل الإعلام المصرية والسودانية على هذا الصعيد. وأعتقد أن هناك فقرا شديدا فى المعرفة لدى المصريين بجوانب السودان وأوجهه المتعددة، وللأسف الشديد فإن إهمال الإعلام المصرى ملامح الشخصية والحياة فى السودان يعود إلى عقود طويلة، مع وجود بعض الاستثناءات ومع الإشارة إلى أنه جزء من إهمال عام لمحيطنا العربى والإفريقى. وقد حان الوقت لإحداث تغيير جذرى فى تناول إعلامنا للشخصية والثقافة والمجتمع والتاريخ فى السودان، لأن جزءا كبيرا من مشكلاتنا مع السودان ثقافية ومعرفية، وهى أكبر خطر من أى مشكلات سياسية عابرة، حيث تترسخ فى وجدان السودانيين وإدراكهم، وتشكل وعيهم تجاه العلاقة مع مصر، كما ينعكس أيضا هذا التناول على تعاطى المصريين مع السودان. التطوير الذى ننشده اليوم فى مجال الإعلام مع السودان يمكن أن يتحقق عبر وسائل عديدة، بفضل التطور التكنولوجى والمعلوماتى الهائل الذى يقطع المسافات ويخترق الحدود والعوائق والقيود، لكن بشرط وجود خطاب إنسانى عقلانى موضوعى يستطيع أن يصل إلى قلوب وعقول أشقائنا فى جنوب الوادى.
إن الدور المطلوب من الإعلاميين فى بلدينا ليس هو الكف عن توجيه الانتقادات للسياسيين، وإنما أن يكونوا جسرا قويا تعبر من خلاله الحقائق والأفكار والرؤى، والتواصل من أجل تحقيق المصالح المشتركة، وتوثيق عرى الروابط بين الشعبين الشقيقين.
*نائب رئيس تحرير الأهرام المصرية.