قدم رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي الجمعة (27 يوليو 2018م) محاضرة في منبر معهد الدراسات الأمنية الملكي المتحد RUSI في لندن بعنوان: “فرص تحقيق السلام، والتنمية، والأمن، والتحول الديمقراطي، والاستقرار في السودان”، وقد بدأ محاضرته بقوله: “إن الأهداف الخمسة المنشودة المذكورة في عنوان المحاضرة أهداف متداخلة. فلا أمن بلا سلام، ولا تنمية بلا سلام، ولا استقرار بلا تنمية”، مضيفاً بأن “المشاركة والشفافية والمحاسبية وسيادة حكم القانون والحفاظ على حقوق الانسان أسس الديمقراطية هي التي تكفل شرعية الحوكمة. “.
وأوضح المهدي “أن العقود الثلاثة التي حكم فيها النظام الحالي قد كان لها أثر سلبي في تحقيق الأهداف المنشودة الخمسة، وأن كل المؤشرات الحيوية الحالية تشير إلى ترنح الأوضاع في السودان نحو انزلاق مندفع بتسارع نحو كارثة كبرى”، واستدرك: “ولكن في السودان عوامل واعدة يمكن أن تحقق تلك الأهداف في نظام مستقبلي جديد”.
وأضاف أن “في السودان ما زالت حركة المعارضة السياسية وحركات المعارضة المسلحة موجودة ما يلزم النظام الحاكم ان يستمر في الصرف السياسي؛ لاستمالة الولاء والصرف الأمني والعسكري بحجمه المتضخم”.
وشرح المهدي الأوضاع الاقتصادية، وقال” “إن الوضع الاقتصادي في البلاد في حالة من التدهور المستمر، ما يؤكد ذلك الدلائل الآتي بيانها: آخر أرقام ميزانية عام 2018 تظهر عجزاً قدره 55 بليون جنيه. وعجز الميزان الخارجي يساوي 6 بليون دولار. وهذا ما جعل النظام يلجأ للاستدانة من النظام المصرفي حتى أفرغه من رصائده، وزاد من نسبة التضخم المالي. كما لجأ النظام الحاكم لطبع النقود بلا غطاء، وبالتالي زيادة نسبة التضخم”.
وعن الرؤية في ظل النظام حذر من “أن استمرار أوضاع الحكم كما هي دون احتمال إصلاح حقيقي، ومع تصاعد احتمالات المغامرات لاستلام السلطة يكون ما أصفه ب”السيناريو الكارثي للسودان”. ومن المؤشرات السالبة إن احساس قيادة النظام بالتهديد جعلها أسيرة مخاوف مما جعلها تلجأ لإجراءات حماية داخلية وخارجية خطيرة العواقب وقصيرة النظر في محاولتها لاحتواء تلك المخاوف”.
ونبه رئيس حزب الأمة القومي إلى أن “الجسم السياسي السوداني يحتوي على عوامل تتطلب الحوكمة القائمة على المشاركة”، ولخص أهمها في تحول المجتمع إلى الإسلام باختياره، وممارسته “حوكمة كفلت الحريات الأساسية”، إلى جانب تحقيقه “نظرة أكثر نضجاً لعلاقة الدين بالدولة”، و”أن اختراق نظام الحكم السوداني للقوات المسلحة حزبياً جعل بالإمكان هيكلتها على أساس يحقق حيادها والتزامها بما تقرره الإرادة الشعبية الحرة”، و”وجود وعي أكبر بأسباب النزاع، واستحقاقات السلام العادل الشامل”.
وأوضح الصادق المهدي أن “من الدروس السياسية المهمة والمستفادة من تجربتنا السودانية أن الديمقراطية السياسية تتطلب ديمقراطية اجتماعية لتحقيق التوازنات الجهوية والاجتماعية”، وأننا سياسياً، “استطعنا تكوين جبهة عريضة ملتزمة بالسياسات المطلوبة لتحقيق الأهداف المنشودة. هذه الجبهة تمثل تحالفا بين المركز والهامش، وبين الاثنيات المختلفة، ما يمثل الذاكرة الفكرية والاجتماعية للبلاد”، وجزم بأن “هناك إجماعاً وسط قطاعات الشعب السوداني؛ رجالاً ونساءً: المفكرين، وقادة العمل الثقافي، والشعراء، ونجوم الفن يرفضون النظم الاستبدادية التي تُمارس حوكمة القهر في المنطقة”.
وكشف المهدي أن اقترح للقوى الدولية المهتمة بالشأن السوداني ان تخطو خطوة أخرى للأمام، وتعقد مؤتمراً دولياً جامعاً بينها لكي تدعم عملية السلام والتحول الديمقراطي في البلاد، طالباً “تأييد عملية السلام والتحول الديمقراطي.”، و”رفض الإفلات من العقوبة”، و”ربط منافع إعفاء الديون الخارجية المتعلق بالبلاد الفقيرة كثيرة المديونية (HIPCs) بالخطوات الإيجابية نحو السلام والتحول الديمقراطي”.
وكانت النقطة الثامنة للمهدي “اقتراح عقد مؤتمر دولي لتحقيق الأمن العالمي بمفهوم أوسع من الوسائل الشرطية”.