الخرطوم – التحرير:
بعد أكثر من 63 يوماً قضاها المواطن وهو ينظر في اتجاه القصر الجمهوري وقلبه معلق بالتغيير. تفاجأ بعد إعلان تشكيل الحكومة بأن لا جديداً فيها، وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالسخرية والتندر من أول مخرجات الحوار الوطني، تعبيراً عن حالة إحباط كبير وسط الشعب السوداني الذي كان يتطلع إلى التغيير.
أكثرغرابة
الشيء الأكثر غرابة ما يدور الآن داخل أروقة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل – الحزب الوصيف في حكومة الوفاق الوطني – ، فقد كان رئيس الحزب دفع بقائمته للمشاركة في الحكومة، لكن بياناً صدر من الحزب بترويسة هيئته السياسية تلقت (التحرير) نسخه منه، تبرأت الهيئة السياسية للحزب من المشاركين باسم الاتحادي الأصل، ورأت “مشاركة من شاركوا انتهازية بغيضة”، وتاسفت على مشاركة من سمتهم “أشقاء النضال”، ودعت جماهيره إلى التمسك بخط حزبها الرافض للشمولية، وإسقاط النظام .
غيظ وشدة
ولم يكن لرئيس الحزب الاتحادي الموحد محمد عصمت ليصبر حتى يصدر حزبه بياناً حول الحكومة، ربما من شدة غيظه، فعبر عن رأيه على صفحته بالفيسبوك، مقدماً وصفاً للتشكيل الحكومي الجديد، بقوله:”جاء تشكيل ما يسمى بحكومة الوفاق الوطني؛ ليثبت مرة أخرى ما ظلت تردده كل القوى السياسية الوطنية بأن مخطط نظام جماعة الإسلام السياسي للتحكم في الدولة السودانية لا زال هو مشروعها الذي لن تحيد عنه، رغم ادعاءاته ودعواته المتكررة للوفاق ولم الشمل الوطني، عبر حواره باهظ التكلفة، الذي امتد لعامين على حساب قوت شعبنا الصابر”.
صورة قاتمة
ويرسم عصمت صورة أشد قتامة، وهو يسرد حالة يأسه في سطور، ويضيف: “أن التشكيل يأتي في صورة أقرب إلى إعادة التدوير لمعظم الوجوه التي أدمنت الجلوس على الكراسي دون عطاء يذكر، إلا من طأطأة الرؤوس للنظام، جاء التشكيل ليثبت لنا كيف انخفضت سقوف الآمال من التطلع إلى رئاسة الجمهورية إلى الطمع في كرسي وزارة، جاء التشكيل ليثبت لنا نجاح نظام جماعة الإسلام السياسي في تشقيق صفوف القوى السياسية، وزرع شتول تمزيقها بتنصيب وزراء من عدة قوائم للحزب الواحد، بل وتنصيب من لا أحزاب لهم بغرض الكيد السياسي، وجاء التشكيل ليثبت لنا أن الاختيار فقط لعديمي الرؤية والقيم والرسالة والأهداف عدا تمتعهم بصفات التطبيل الأجوف لكل قرار”.
سخرية وعدم دهشة
لكن المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة تعامل في إجابته عن سؤالنا حول التشكيل الجكومي بشيء من السخرية، وهو يبدي عدم دهشته مما حدث، ويقول: “صدقت توقعاتي التي أعلنتها من قبل، وقلت قبل ذلك أن لا شيء سيحدث، ولا مفاجآت”، فالأمرعند الدومة لا يخرج من كونه توظيف لمئات الأشخاص الذين شاركوا فيما سماه بـ”مهرجان قاعة الصداقة”، وأضاف في حديثه لـ (التحرير): “تبين الأمر منذ الإعلان الأول عن اتجاه لإضافة عشرات الأشخاص في البرلمان ومجلس الولايات والمجالس التشريعية، عندها رسخ في ذهني أن كل القادمين سيكونون على شاكلة ما حدث وقد كان”، ويمضي الدومة إلى تنبيه المعارضة السودانية “بأن تلتقط القفاز، وبقوة طالما كانت ثورتها محمية بسيف العقوبات التي تسلطه الولايات المتحدة على رقبة النظام الحاكم”، ويلفت إلى مظاهرات جامعة الخرطوم وجامعات بخت الرضاء وكردفان قبل أيام، فقد “فضاها النظام بأدب، وهو يرفع يده الباطشة من على ظهور الطلاب خوفاً من تراجع أمريكا عن رفع العقوبات”.
تجمع إسلاميين
وربما تأكد لكثيرين أن مخاض الحوار الوطني ولد جمع من شتات الإسلاميين، فتلك كانت حاضرة في إفادات رئيس حزب تجمع الوسط محمد عثمان مالك لـ(التحرير)، وهو يسعى إلى ربط ما حدث بـ”وحدة الإسلاميين المنشودة”، وقال: “إن كبارالإسلاميين عقدوا العزم على هذا الجمع تحت غطاء الحوار الوطني”، وطرح مالك سؤالاً : “ما هو البرنامج الذي ستنفذه حكومة جمعت كل هذا الشتات، والتناقض”، ويجيب بنفسه قائلاً: “ليس هناك شيء غير أن يجتمع من جديد الطيب مصطفى مع نافع وحسن عثمان رزق تحت قبة البرلمان”.