تشابك الأمور وتداخلها مع بعضها تحدث في داخل النفس نوعاً من الخوف في أن يتخذ الشخص منَا قراراً في أمور حياتية صعبة؛ لأن القرار دائما ما يترتب عليه خطوات أخرى تتبعه، فإن صلح القرار صلحت كل تبعاته بكل تأكيد، لذلك أي أمر يستحق البت فيه والحسم يتطلب الوقوف عنده قليلاً وعدم التعجل، لكن هناك أموراً تضعنا في مفترق طرق، ونسبة النجاح والفشل فيها متساويان.
وكثيراً ما يرتبط اتخاذ القرار بزمن محدد، فلا مجال للاستسلام والعجز والحيرة، فهناك بعض القرارات تحتاج إلى مجازفة وشجاعة. المجازفة لأن الأمر يستحق، والشجاعة لأن فشله يحتاج إلى تحمل ومعالجة وتخطيط سليم إن حدث ذلك. ولكن مقارنة بنجاحه سُينهى لنا كثيراً من المتاعب وكأنما لسان حال الوضع يقول لنا (عشره عصافير بحجر واحد ) فقذفة الحجر هذه تتطلب مهاره ودرايه وتصويب سليم وتركيز عال وإنتباه ، لأن رمية كهذه لا نرميها لسفاسف الأمور بل لما يستحق المجاهده لأجله .
الشورى أمر محبب ووصانا به الرسول صل الله عليه وسلم ، فخلف لنا أمرين الإستخاره والشورى والشورى ليست وصية بل هناك آيات فى قرآننا الكريم تتلى فى هذا المعنى ، وبعد ذلك جميعه وقبله التوكل على الله بأن يكون حسبنا فيما إخترنا وحسمناه من قرار .
هناك يقين داخلى لبعض الأمور نراه لا يبارحنا ، إما بالخوف او الرضا عليها ، قد يحدث أن يخيب حدثنا فى بعضها بأن يكون الشك غالب على أمر أكثر من اليقين ، وتلك هى النقطه التى يعرف الإنسان فيها ضعفه تماما لخالقه ، فمهما كنا صادقين الحدث والتوقعات نعود لقول الله تعالى لنا (فيما معناه ) أنا على كل شئى قدير وعليم ، فيظهر الضعف الحقيقى للإنسان أمام عظمة الخالق ، فما يستتر من الأمر من المستحيل أن نكشفه إلا بإذنه تعالى ، معنى ذلك قد نتوقع ولكن لا نعتمد على التوقع ونأخذه هو اليقين القاطع لأمر لا ندركه ولكن نربط هذا التوقع بالمشئيه وتلك هى عظمة الإيمان فبالرغم ما اعطانا الله من تفكير ولكننا عدنا له لأنه هو فعال لما يريد ونحن ضعفاء تماما ، واليقين للأمر الذى نقرره فى تلك اللحظه هو ما تيقنا به من قدرة الله فى تلك اللحظه الحرجه باننا لا نملك شئى سوى التنفيذ لأمره .
القرار من أصعب الإمتحانات التى يمكن أن نمر بها، لأن الخوف من نتيجة القرار هو أصعب من اتخاذ القرار، بل أصعب من الأمر نفسه، لذلك الشجاعة ثم الشجاعة، فهي من البداية دعم، وفى النهاية ثبات، والدعم يدفع الأمور للأمام والثبات يحمينا من أثر النتيجه أيا كان نوعها ففى الآخر هى نتيجه لأمر قد قمنا به وإنتهى .
المشاورة في بعض الأمور مهمة جداً، وبالتأكيد لا نستشير أي شخص، فلكل أمر نمر به هناك أُناس لهم نصيب الأسد فيه من الشورى، فهناك أصحاب الخبرة والمعرفة، وهناك اصحاب العلم الحقيقي، كما أن هناك متطوعين بالرأي دون أن تطلب منه، ولكن هناك من يهمهم أمرك، ويعنيهم فشلك ونجاحك، ولكن قبل كل من حولنا من أقارب أو أباعد، هناك أنت أو أنا ونحن أصحاب القرار؛ لأن نتيجته الحتمية ستعود عليك أو علي أولاً واخيراً.
القرار هو امتحان عسير لما هو آت، ونتيجته توضع في ملف حياتنا، فهي خُطا نمشيها، ومن كتبت عليه خطا مشاها .
لا نحمل الأمور أزيد مما يجب، فهناك اشياء لا طاقة لنا بها، ولكن يظل القرار المصحوب بالتوكل على الله مقبولاً مهما كانت نتيجته، التي هي مراد الله لنا، وعليه فليتوكل المؤمنون .
ودمتم ………….